الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 120 ] باب صلاة الخوف

وهي أن يجعل الإمام الناس طائفتين : طائفة أمام العدو ، وطائفة يصلي بهم ركعة إن كان مسافرا ، وركعتين إن كان مقيما وكذلك في المغرب ، وتمضي إلى وجه العدو ، وتجيء تلك الطائفة فيصلي بهم باقي الصلاة ويسلم وحده ، ويذهبون إلى وجه العدو ، وتأتي الأولى فيتممون صلاتهم بغير قراءة ويسلمون ويذهبون ، وتأتي الأخرى فيتمون صلاتهم بقراءة ويسلمون . ومن قاتل أو ركب فسدت صلاته ، فإذا اشتد الخوف صلوا ركبانا وحدانا يومئون إلى أي جهة قدروا ، ولا تجوز الصلاة ماشيا ، وخوف السبع كخوف العدو .

التالي السابق


باب صلاة الخوف

( وهي أن يجعل الإمام الناس طائفتين : طائفة أمام العدو ، وطائفة يصلي بهم ركعة : إن كان مسافرا ، لأنها شطر صلاته ، وكذلك في الفجر .

( وركعتين إن كان مقيما ) لأنهما الشطر .

[ ص: 121 ] ( وكذلك في المغرب ) لأنها لا تقبل التنصيف فكانوا أولى للسبق .

( وتمضي إلى وجه العدو وتجيء تلك الطائفة ) لقوله تعالى : ( ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) .

( فيصلي بهم باقي الصلاة ويسلم وحده ) لأنه قد أتم صلاته .

( ويذهبون إلى وجه العدو ، وتأتي الأولى فيتمون صلاتهم بغير قراءة ) لأنهم لاحقون ، ويتحرون أن يقفوا مقدار ما وقف الإمام فكأنهم خلفه .

( ويسلمون ويذهبون ) وتأتي الأخرى فيتمون صلاتهم بقراءة ) لأنهم مسبوقون .

( ويسلمون ) هكذا رواها عبد الله بن مسعود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو أن الطائفة الثانية أتموا صلاتهم في مكانهم بعد سلام الإمام جاز ؛ لأن المسبوق كالمنفرد فلم يبقوا في حكم الإمام .

قال : ( ومن قاتل أو ركب فسدت صلاته ) لأنه فعل كثير ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - شغل يوم الخندق عن أربع صلوات حتى قضاها ليلا ، وقال : " ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى ) ولو جازت الصلاة مع القتال لما أخرها ؛ لأن الخندق كان بعد شرعية صلاة الخوف ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع ، وهي قبل الخندق ، هكذا ذكره الواقدي وابن إسحاق .

وعن أبي يوسف : أنها لا تجوز بعد رسول الله لأنها مخالفة للأصول ، ولقوله [ ص: 122 ] تعالى : ( وإذا كنت فيهم ) وجوابه أن الصحابة صلوها بطبرستان وهم متوافرون من غير نكير من أحد منهم فكان إجماعا .

قال : ( فإذا اشتد الخوف صلوا ركبانا وحدانا يومئون إلى أي جهة قدروا ) لقوله تعالى : ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) وعدم التوجه للضرورة ، ولأن التكليف بقدر الوسع ، ولا يسعهم تأخيرها حتى يخرج الوقت إلا أن لا يمكنهم الصلاة ; ولا تجوز الصلاة للراكب إذا كان طالبا ، وفي قوله تعالى : ( فإن خفتم ) إشارة إليه ، فإن الطالب لا يخاف . وعن محمد تجوز بجماعة أيضا لما تقدم من الحديث في الصلاة في المطر في باب المريض ، والفتوى أنه لا يجوز للمخالفة في المكان .

( ولا تجوز الصلاة ماشيا ) لأن المشي فعل كثير .

قال : ( وخوف السبع كخوف العدو ) لاستوائهما في المعنى ، ولو رأوا سوادا فظنوه عدوا فصلوا صلاة الخوف وكان إبلا جازت صلاة الإمام خاصة ؛ لأن المنافي وجد في صلاتهم خاصة ، والله أعلم .




الخدمات العلمية