الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل في شرائط سجود التلاوة وكيفيته

                                                                                                                                                                        أما شروطه ، فيفتقر إلى شروط الصلاة ، كطهارة الحدث ، والنجس ، وستر العورة ، واستقبال القبلة ، وغيرها بلا خلاف .

                                                                                                                                                                        وأما كيفيته ، فله حالان . حال في غير الصلاة . وحال فيها . فالأول : ينوي ويكبر للافتتاح ، ويرفع يديه في هذه التكبيرة حذو منكبيه ، كما يفعل في تكبيرة الافتتاح في الصلاة ، ثم يكبر أخرى للهوي من غير رفع اليد . ثم تكبير الهوي مستحب ليس بشرط . وفي تكبيرة الافتتاح أوجه . أصحها : أنها شرط . والثاني : مستحبة . والثالث : لا تشرع أصلا . قاله أبو جعفر الترمذي . وهو شاذ منكر .

                                                                                                                                                                        والمستحب أن يقوم وينوي قائما ويكبر ، ثم يهوي إلى السجود من قيام . قاله الشيخ أبو محمد والقاضي حسين وغيرهما .

                                                                                                                                                                        قلت : قد قاله أيضا صاحب ( التهذيب ) و ( التتمة ) وأنكره إمام الحرمين ، [ ص: 322 ] وغيره . قال الإمام : ولم أر لهذا ذكرا ، ولا أصلا . وهذا الذي قاله الإمام ، هو الأصوب ، فلم يذكر جمهور أصحابنا هذا القيام ، ولا ثبت فيه شيء مما يحتج به . فالاختيار تركه . والله أعلم . ويستحب أن يقول في سجوده : ( سجد وجهي للذي خلقه وصوره ، وشق سمعه وبصره ، بحوله وقوته ) . وأن يقول : ( اللهم اكتب لي بها عندك أجرا ، واجعلها لي عندك ذخرا ، وضع عني بها وزرا ، واقبلها مني ، كما قبلتها من عبدك داود - عليه السلام - ولو قال ما يقول في سجود صلاته ، جاز . ثم يرفع رأسه مكبرا ، كما يرفع من سجود الصلاة . وهل يشترط السلام ؟ فيه قولان . أظهرهما : يشترط ، فعلى هذا في اشتراط التشهد وجهان . الأصح : لا يشترط . ومن الأصحاب من يقول : في اشتراط السلام والتشهد ، ثلاثة أوجه . أصحها : يشترط السلام دون التشهد . وإذا قلنا : التشهد ليس بشرط ، فهل يستحب ؟ وجهان . حكاهما في ( النهاية )

                                                                                                                                                                        قلت : الأصح : لا يستحب . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        الحال الثاني : أن يسجد للتلاوة في الصلاة ، فلا يكبر للافتتاح ، لكن يستحب التكبير للهوي إلى السجود ، من غير رفع اليدين ، فكذا يكبر عند رفع الرأس كما يفعل في سجدات الصلاة . ولنا وجه شاذ : أنه لا يكبر للهوي ، ولا للرفع ، قاله ابن أبي هريرة . ويستحب أن يقول في سجوده ما قدمناه . وإذا رفع رأسه قام ، ولا يجلس للاستراحة . ويستحب أن يقرأ شيئا ، ثم يركع . ولا بد من انتصابه قائما ، ثم يركع . فإن الهوي من قيام واجب .

                                                                                                                                                                        [ ص: 323 ]

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية