الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      الثانية : الجمهور على أن التواتر يفيد العلم اليقيني ، سواء كان عن أمر موجود في زماننا كالإخبار عن البلدان البعيدة ، والأمور الماضية ، كوجود الشافعي ، وقالت السمنية . [ ص: 104 ] والبراهمة : لا يفيد العلم ، بل الظن . وجوز البويطي فيه . وفصل آخرون ، فقالوا : إن كان خبرا عن موجود أفاد العلم ، أو عن ماض فلا يفيده لنا أنا بالضرورة نعلم وجود البلاد البعيدة كبغداد ، والأشخاص الماضية كالشافعي ، فصار وروده كالعيان في وقوع العلم به اضطرارا ، وقد قال الطفيل الغنوي مع أعرابيته في وقوع العلم باستفاضة الخبر ما دلت عليه الفطرة وقاد إليه الطبع ، فقال :

                                                      تأوبني هم من الليل منصب وجاء من الأخبار ما لا يكذب     تظاهرن حتى لم يكن لي ريبة
                                                      ولم يك عما أخبروا متعقب

                                                      .

                                                      قال إمام الحرمين : وما نقل عن السمنية أنه لا يفيد العلم محمول على أن العدد ، وإن كثر ، فلا اكتفاء به ، حتى ينضم إليه ما يجري مجرى القرينة من انتفاء الحالات المانعة . وحاصله أن الخلاف لفظي ، وأنهم لا ينكرون وقوع العلم على الجملة ، لكنهم لم يضيفوا وقوعه إلى مجرد الخبر ، بل إلى قرينة ، ووقوع العلم عن القرائن لا ينكره عاقل . وقال أبو الوليد بن رشد في مختصر المستصفى " : لم يقع خلاف في أن التواتر يفيد اليقين ، إلا ممن لا يؤبه به ، وهم السوفسطائية ، وجاحد ذلك يحتاج إلى عقوبة ; لأنه كاذب بلسانه على ما في نفسه ، وإنما الخلاف [ ص: 105 ] في جهة وقوع اليقين عنه ، فقوم رأوه بالذات ، وقوم رأوه بالعرض وقوم مكتسبا . تنبيه : ظاهر كلام أصحابنا في الفروع جريان خلاف في هذه المسألة ، فإن بيع الغائب عندهم باطل ، فلو كان البيع منضبطا بخبر التواتر ، ففي البحر " قال بعض أصحابنا بخراسان : فيه طريقان ، أحدهما : يجوز بيعه مطلقا كالمرئي ، وقيل : فيه قولان .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية