الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين

                                                                                                                                                                                                                                      واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد ; أي : خلفاء في الأرض ، أو خلفاء لهم كما مر .

                                                                                                                                                                                                                                      وبوأكم في الأرض ; أي : جعل لكم مباءة ومنزلا في أرض الحجر بين الحجاز والشام .

                                                                                                                                                                                                                                      تتخذون من سهولها قصورا استئناف مبين لكيفية التبوئة ; أي : تبنون في سهولها قصورا رفيعة ، أو تبنون من سهولة الأرض بما تعلمون منها من الرهص ، واللبن ، والآجر .

                                                                                                                                                                                                                                      وتنحتون الجبال [ ص: 243 ] ; أي : الصخور ، وقرئ : ( تنحتون ) بفتح الحاء ، وتناحتون بإشباع الفتحة ، كما في قوله :

                                                                                                                                                                                                                                      ينباع من ذفرى أسيل حرة

                                                                                                                                                                                                                                      والنحت : نجر الشيء الصلب ، فانتصاب الجبال على المفعولية .

                                                                                                                                                                                                                                      وانتصاب قوله تعالى : بيوتا على أنها حال مقدرة منها ، كما تقول : خطت هذا الثوب قميصا . وقيل : انتصاب الجبال على إسقاط الجار ; أي : من الجبال ، وانتصاب بيوتا على المفعولية ، وقد جوز أن يضمن النحت معنى الاتخاذ ; فانتصابهما على المفعولية ، قيل : كانوا يسكنون السهول في الصيف ، والجبال في الشتاء .

                                                                                                                                                                                                                                      فاذكروا آلاء الله التي أنعم بها عليكم مما ذكر ، أو جميع آلائه التي هذه من جملتها .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تعثوا في الأرض مفسدين فإن حق آلائه تعالى أن تشكر ولا تهمل ولا يغفل عنها ، فكيف بالكفر والعثي في الأرض بالفساد .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية