الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء :

فأباح التعريض بالخطبة وإضمار نكاحها، من غير إفصاح به.

وفيه دليل على نفي الحد بالتعريض بالقذف، فإن الله تعالى لم يجعل التعريض في هذا الموضع بمنزلة التصريح، فكذلك لا يحصل التعريض بالقذف كالتصريح، وإذا خالف الله تعالى بين حكمهما، بأن به تفاوت ذنبه ما بين التعريض والتصريح، والحدود مما يسقط بالشبهات، فهي في حكم السقوط والنفي آكد من النكاح، فإذا لم يساو التعريض في النكاح والتصريح، وهو آكد في باب الثبوت من الحد، كان أولى أن لا يثبت بالتعريض من حيث دل على أنه لو خطبها بعد انقضاء العدة بلفظ التعريض، لم يقع بينهما عقد النكاح، وكان تعريضه بالعقد مخالفا للتصريح، فالحد أولى أن لا يثبت به، ومعلوم أن المراد بالتعريض قد يحصل في الخطبة، ولكنه دون التصريح فافترقا ، وكذلك في القذف، [ ص: 198 ] وقد أمكن أن يكون التعريض بالقذف لا للمقذوف، ولكن لشخص آخر متصل به، وذلك الشخص لا يدري حاله.

وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بخطبة فاطمة بنت قيس وهي في العدة وقال:

"لا تفوتينا نفسك"
وإنما كان يريد خطبتها لأسامة بن زيد، وفي ذلك رد على مالك في إيجابه الحد بالتعريض بالقذف، والاحتجاج بالتعريض بالخطبة على مالك، وهو لطيف..

التالي السابق


الخدمات العلمية