الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون

                                                                                                                                                                                                                                      أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ; أي : يخلفون من خلا قبلهم من الأمم المهلكة ويرثون ديارهم ، والمراد بهم : أهل مكة ومن حولها ، وتعدية فعل الهداية باللام إما لتنزيلها منزلة اللام ، كأنه قيل : أغفلوا ولم يفعل الهداية لهم ... إلخ ، وإما لأنها بمعنى التبيين ، والمفعول محذوف ، والفاعل على التقديرين هو الجملة الشرطية ; أي : أولم يبين لهم مآل أمرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ; أي : أن الشأن لو نشاء أصبناهم بجزاء ذنوبهم ، أو بسبب ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم ، وقرئ : ( نهد ) بنون العظمة ، فالجملة مفعوله .

                                                                                                                                                                                                                                      ونطبع على قلوبهم عطف على ما يفهم من قوله تعالى : " أولم يهد " ، كأنه قيل : لا يهتدون ، أو يغفلون عن الهداية ، أو عن التفكر والتأمل ، أو منقطع عنه بمعنى : ونحن نطبع ، ولا يجوز عطفه على أصبناهم على أنه بمعنى طبعنا ; لإفضائه إلى نفي الطبع عنهم ; لأنه في سياق جواب لو .

                                                                                                                                                                                                                                      فهم لا يسمعون ; أي : أخبار الأمم المهلكة ، فضلا عن التدبر والنظر فيها ، والاغتنام بما في تضاعيفها من الهداية . [ ص: 255 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية