الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6420 [ ص: 136 ] 18 - باب: سمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين المحاربين

                                                                                                                                                                                                                              6805 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك أن رهطا من عكل - أو قال : عرينة . ولا أعلمه إلا قال : من عكل - قدموا المدينة ، فأمر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلقاح ، وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها ، فشربوا حتى إذا برئوا قتلوا الراعي واستاقوا النعم ، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - غدوة ، فبعث الطلب في إثرهم ، فما ارتفع النهار حتى جيء بهم ، فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم ، فألقوا بالحرة يستسقون فلا يسقون . قال أبو قلابة : هؤلاء قوم سرقوا ، وقتلوا ، وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله . [ انظر : 233 - مسلم : 1671 - فتح 12 \ 112 ] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق فيه حديث أنس - رضي الله عنه - .

                                                                                                                                                                                                                              وقام الإجماع على أن من وجب عليه الحد سواء كان بلغ النفس أم لا أنه لا يمنع شرب الماء لئلا يجتمع عليه عذابان ، وقد أمرنا بإحسان القتلة وأن نذبح الذبيحة بحد الشفرة والإجهاز عليها .

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى ترك سقي العرنيين هو كمعنى ترك حسمهم ، ويحتمل كما قال المهلب أن يكون تركه عقوبة لهم لما جازوا سقي رسول الله لهم اللبن حتى انتعشوا بالارتداد والحرابة والقتل ، فأراد أن يعاقبهم على كفر السقي بالإعطاش فكانت العقوبة مطابقة للذنب . وفيه وجه آخر قريب من هذا ، روى ابن وهب عن معاوية بن صالح ويحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب - وذكر هذا الحديث - : فعمدوا إلى الراعي - غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتلوه واستاقوا اللقاح ، فزعم أنه - عليه السلام - قال :" عطش الله من عطش آل محمد الليلة " .

                                                                                                                                                                                                                              فكان ترك سقيهم إجابة لدعوته - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 137 ] فإن قلت : قال أنس في هذا الحديث : فذهبوا بإبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ، وفي ( أول ) كتاب المحاربين : بإبل الصدقة . فما وجه ذلك ؟

                                                                                                                                                                                                                              قيل : وجهه أنه كانت له إبل من نصيبه من المغنم ، فكان يشرب لبنها ، وكانت ترعى مع إبل الصدقة ، فأخبر مرة عن إبله ومرة عن إبل الصدقة ، فإنها كانت لا تخفى لكثرتها من أجل رعيها معها ومشاركتها لها في السرح والمرتع .

                                                                                                                                                                                                                              ويحتمل وجها ثانيا : أنها إبل الصدقة ، وأضيفت إليه ؛ لأنه مصرفها والغنم شأنها فنسبت إليه لذلك لا لأنها ملك له .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              قوله : ( فما ترجل النهار حتى جيء بهم ) . أي : ارتفع .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( فأمر بمسامير فأحميت ) . هو صحيح ؛ لأن أحميت الحديد رباعي ، وسمر وسمل واحد .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( حتى إذا برئوا ) هو بفتح الراء ، كذا هو في الأصول مضبوط ، وقال ابن التين : من قرأه بالكسر على وزن علموا .

                                                                                                                                                                                                                              قال الجوهري : برئت من الذنوب والعيوب براءة ، وبرئت من المرض برءا بالضم ، وأهل الحجاز يقولون : برأت من المرض برءا .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن فارس : برأت من المرض وبرئت أيضا .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية