الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=1557_1558رفع اليدين إذا كبر ، وإذا ركع ، وإذا رفع
فيه حديثان :
أحدهما :
قال :
703 736 - حدثنا محمد بن مقاتل ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله ، أنا nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=650694رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ، ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع ، ويقول : ( nindex.php?page=treesubj&link=32714_1570_1569_1527_33123_33129_1548سمع الله لمن حمده ) ، ولا يفعل ذلك في السجود .
الثاني :
قال :
704 737 - حدثنا إسحاق الواسطي ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=15800خالد بن عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة ، أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=650695رأى مالك بن الحويرث nindex.php?page=treesubj&link=32714_1570_1569_1527_33123_33129_1548إذا صلى كبر ورفع يديه ، وإذا أراد أن يركع رفع يديه ، وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه ، وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع هكذا .
لم يخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في ( صحيحه ) في رفع اليدين غير حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وحديث مالك بن الحويرث ، وقد أفرد للرفع كتابا ، خرج فيه الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة ، وكذلك صنف في الرفع غير واحد من أئمة أهل [ ص: 304 ] الحديث ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=17032ومحمد بن نصر المروزي وغيرهما .
وسبب اعتنائهم بذلك : أن جميع أمصار المسلمين ، كالحجاز واليمن ومصر والعراق كان عامة أهلها يرون nindex.php?page=treesubj&link=1557_1558_1559رفع الأيدي في الصلاة عند الركوع والرفع منه ، سوى أهل الكوفة ، فكانوا لا يرفعون أيديهم في الصلاة ، إلا في افتتاح الصلاة خاصة ، فاعتنى علماء الأمصار بهذه المسألة ، والاحتجاج لها ، والرد على من خالفها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : ما اجتمع عليه علماء أهل الحجاز والشام والبصرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو منكبيه حين يكبر لافتتاح الصلاة ، وحين يكبر للركوع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، إلا أهل الكوفة ، فإنهم خالفوا في ذلك أئمتهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في ( كتابه في رفع اليدين ) بعد أن روى الآثار في المسألة : فهؤلاء أهل مكة والمدينة واليمن والعراق قد اتفقوا على رفع الأيدي .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر المروزي : لا نعلم مصرا من الأمصار تركوا الرفع بأجمعهم في الخفض والرفع منه ، إلا أهل الكوفة .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، أنه تناظر هو nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري في هذه المسألة بمكة ، وغضب واشتد غضبه ، وقال للثوري : قم بنا إلى المقام نلتعن أينا على الحق ، فتبسم nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري لما رأى nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي قد احتد ، رضي الله عنهما .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مما اتفق العلماء كلهم على [ ص: 305 ] صحته وتلقيه بالقبول ، وعليه اعتمد أئمة الإسلام في هذه المسألة ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ، وقال : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق وغيرهم .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، فإنه خرجه في ( كتاب الموطأ ) في ( باب : افتتاح الصلاة ) ، وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، أنه كان يعمل به .
وقد روى عامة أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، أنه كان يعمل به ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب وأبو مصعب وأشهب والوليد بن مسلم وسعيد بن أبي مريم .
وإنما روى عنه الرفع عند افتتاح الصلاة خاصة nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم ، قال : وكان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يرى رفع اليدين في الصلاة ضعيفا ، وقال : إن كان ففي الإحرام .
قال محمد بن الحكم : لم يرو أحد عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك مثل رواية nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، عن أحمد بن خالد - وهو : ابن الجباب ، وكان أعلم أهل الأندلس بالفقه والحديث في وقته - ، قال : كان جماعة من أصحابنا يرفعون أيديهم في الصلاة على حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ورواية من روى ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجماعة لا يرفعون ، على رواية nindex.php?page=showalam&ids=16337ابن القاسم ، ولا يعيب هؤلاء على هؤلاء ، ولا هؤلاء على هؤلاء .
قلت : افترق الناس في هذه المسألة فرقا ثلاثة .
ففرقة منهم : تنكر على من يرفع أو تبدعه ، وهؤلاء عامة فقهاء أهل الكوفة ، حتى غالى بعضهم فجعله مبطلا للصلاة ، وادعى بعضهم أن الرفع نسخ .
[ ص: 306 ] وقد وافقهم بعض المتقدمين من أهل الشام ، حتى ضرب من رفع يديه في صلاته في زمن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز وغضب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من ذلك وأنكره على من فعله وحجبه عنه .
وفرقة : لا ينكرون على واحد من الفريقين ، ويعدون ذلك من مسائل الخلاف السائغ ، ثم منهم من يميل إلى الرفع ، ومنهم من يميل إلى تركه ، ومنهم : nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في ( كتابه ) عن طائفة كثيرة من الصحابة والتابعين ، أنهم لم يرفعوا أيديهم إلا عند الافتتاح ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر .
وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عنه ، وقد ضعفها nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني وغيرهم .
ومنهم : nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وأصحابهما .
وقد روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود مرفوعا ، وضعف المرفوع عامة أئمة الحديث قديما وحديثا .
وأكثر الصحابة والتابعين على الرفع عند الركوع ، والرفع منه - أيضا - حتى قال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتهم كأن أيديهم المراوح ، إذا ركعوا وإذا رفعوا رءوسهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك بن أبي سليمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أنه سئل عن رفع [ ص: 307 ] اليدين في الصلاة ، فقال : هو شيء يزين به الرجل صلاته ؛ كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أيديهم في الافتتاح ، وعند الركوع ، وإذا رفعوا رؤوسهم .
وهو قول عامة التابعين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : إن كنا لنؤدب عليها بالمدينة إذا لم نرفع أيدينا .
وقول عامة فقهاء الأمصار .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد لا يبالغ في الإنكار على المخالف في هذه المسألة :
روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=15202المروذي وغيره ، أنه سئل عمن ترك الرفع يقال : إنه تارك للسنة ؟ قال : لا تقل هكذا ، ولكن قل : راغب عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
ونقل عنه nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني ، قال : الرفع عندنا أكثر وأثبت ، فإن تأول رجل ، فما أصنع ؟
وسئل nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، فقيل له : إن عندنا قوما يأمروننا برفع اليدين في الصلاة ، وقوما ينهوننا عنه ؟ فقال : لا ينهاك إلا مبتدع ، فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يحصب من لا يرفع .
فلم يبدع إلا من نهى عن الرفع وجعله مكروها ، فأما المتأول في تركه من غير نهي عنه فلم يبدعه .
وقد حمل nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى قول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : إنه مبتدع ، على من ترك الرفع عند تكبيرة الإحرام ، وهو بعيد .
ونقل جماعة عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في تارك الرفع ، أنه يقال : إنه تارك السنة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى : إنما توقف في ذلك في رواية nindex.php?page=showalam&ids=15202المروذي متابعة للفظ المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=886015 ( من رغب عن سنتي فليس مني ) ، وإلا ففي [ ص: 308 ] الحقيقة : الراغب عن الرفع هو التارك له .
ونقل حرب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، قال : أنا أصلي خلف من لا يرفع يديه ، والرفع أحب إلي وأصح .
وكلام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في ( كتاب رفع اليدين ) له إنما يدل على الإنكار على من أنكر الرفع ، وقال : هو بدعة ، أيضا .
وخرج nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في ( صحيحه ) في الرفع عند الركوع والرفع منه حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ومالك بن الحويرث ، أيضا .
وخرجه - أيضا - من حديث nindex.php?page=showalam&ids=101وائل بن حجر .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد في عشرة من الصحابة ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه - أيضا .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود - أيضا - من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس .
وقد روي من وجوه أخر ، حتى قال بعضهم : رواه قريب من ثلاثين نفسا من الصحابة .
[ ص: 309 ] وقال غيره : رواه نيف وثلاثون من الصحابة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : رواه العشرة المشهود لهم بالجنة .
وفي هذه العبارات تسامح شديد ، وقد ذكرت هذه الأحاديث وطرقها وعللها في ( كتاب شرح nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ) بحمد الله ومنه .
وأحسن من ذلك قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم اثنا عشر غير nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وهذه عبارة صحيحة حسنة مليحة .
وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر وغيره من الحفاظ .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في ( جامعه ) له أربعة عشر راويا عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولم يوجب الرفع عند الركوع والرفع منه ، ويبطل الصلاة بتركه ، إلا شذوذ من الناس من أصحاب داود ونحوهم .
وسئل nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن معنى رفع اليدين في الصلاة ؟ فقال : هو من إجلال الله .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=12168أبو موسى المديني .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : فعلته إعظاما لجلال الله ، واتباعا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجاء لثواب الله .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في ( مناقبه ) .