الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الحادي عشر‏ : إذا كان الحديث عند الراوي عن اثنين ، أو أكثر ، وبين روايتهما تفاوت في اللفظ والمعنى واحد ، كان له أن يجمع بينهما في [ ص: 224 ] الإسناد ، ثم يسوق الحديث على لفظ أحدهما خاصة ، ويقول‏ : " ‏أخبرنا فلان ، وفلان ، واللفظ لفلان ، أو‏ وهذا لفظ فلان ، قال‏ ، أو‏ قالا‏ : أخبرنا فلان " ، أو ما أشبه ذلك من العبارات‏ . ‏

و‏لمسلم‏ صاحب الصحيح مع هذا في ذلك عبارة أخرى حسنة مثل قوله : " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو سعيد الأشج كلاهما عن أبي خالد ، قال أبو بكر‏ : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن الأعمش ، وساق الحديث‏ " . ‏ فإعادته ثانيا ذكر أحدهما خاصة إشعار بأن اللفظ المذكور له‏ . ‏

وأما إذا لم يخص لفظ أحدهما بالذكر ، بل أخذ من لفظ هذا ، ومن لفظ ذاك ، وقال " ‏أخبرنا فلان ، وفلان ، وتقاربا في اللفظ ، قالا‏ : أخبرنا فلان " فهذا غير ممتنع على مذهب تجويز الرواية بالمعنى‏ . ‏

وقول أبي داود - صاحب السنن - : " ‏حدثنا مسدد ، وأبو توبة - المعنى - قالا‏ : حدثنا أبو الأحوص‏ " مع أشباه لهذا في كتابه ، يحتمل أن يكون من قبيل الأول ، فيكون اللفظ لمسدد ، ويوافقه أبو توبة في المعنى‏ . ‏ ويحتمل أن يكون من قبيل الثاني ، فلا يكون قد أورد لفظ أحدهما خاصة ، بل رواه بالمعنى عن كليهما ، وهذا الاحتمال يقرب في قوله : " ‏حدثنا مسلم بن إبراهيم ، وموسى بن إسماعيل - المعنى واحد - قالا‏ : حدثنا أبان‏ " ‏‏ . ‏

وأما إذا جمع بين جماعة رواة قد اتفقوا في المعنى ، وليس ما أورده [ ص: 225 ] لفظ كل واحد منهم ، وسكت عن البيان لذلك ، فهذا مما عيب به ‏البخاري ، أو غيره ، ولا بأس به على مقتضى مذهب تجويز الرواية بالمعنى‏ . ‏

وإذا سمع كتابا مصنفا من جماعة ، ثم قابل نسخته بأصل بعضهم دون بعض ، وأراد أن يذكر جميعهم في الإسناد ، ويقول : " ‏واللفظ لفلان‏ " كما سبق‏ ، فهذا يحتمل أن يجوز كالأول ; لأن ما أورده قد سمعه بنصه ممن ذكر أنه بلفظه‏ . ‏

ويحتمل أن لا يجوز ، لأنه لا علم عنده بكيفية رواية الآخرين حتى يخبر عنها ، بخلاف ما سبق ، فإنه اطلع على رواية غير من نسب اللفظ إليه وعلى موافقتهما من حيث المعنى ، فأخبر بذلك ، والله أعلم‏‏‏‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية