الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 88 ] رواية عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - عن أبي بكر - رضي الله عنه -

12 - أخبرنا أبو الفخر أسعد بن سعيد بن محمود الأصبهاني - قراءة ونحن نسمع بأصبهان - قيل له : أخبرتكم فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية - قراءة عليها وأنت تسمع - أنا محمد بن عبد الله بن زيد ، أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري ، ثنا سعيد بن عفير ، حدثني علوان بن داود البجلي ، عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : دخلت [ ص: 89 ] على أبي بكر - رضي الله عنه - أعوده في مرضه الذي توفي فيه ، فسلمت عليه ، وسألته : كيف أصبحت ؟ فاستوى جالسا . فقلت : أصبحت بحمد الله بارئا ، فقال : أما إني على ما ترى وجع ، وجعلتم لي شغلا مع وجعي ، جعلت لكم عهدا من بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذاك أنفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية ، وستنجدون بيوتكم ستور الحرير ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأذري ، كأن أحدكم على حسك السعدان ، ووالله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يسبح في غمرة الدنيا ، ثم قال : أما إني لا آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهن .

فأما الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن : فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة أو تركته ، وأن أغلق علي الحرب ، وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين : أبو عبيدة أو عمر ، فكان أمير المؤمنين وكنت وزيرا . ووددت أني حيث كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة أقمت بذي القصة ، فإن ظفر المسلمون ظفروا ، وإلا كنت ردءا ومددا ، وأما اللاتي وددت أني فعلتها : فوددت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرا ضربت عنقه ، فإنه [ ص: 90 ] يخيل إلي أنه لا يكون شر إلا طار إليه ، ووددت أني يوم أتيت بالفجاءة السلمي لم أكن أحرقته ، وقتلته سريحا ، أو أطلقته نجيحا ، ووددت أني يوم حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام ، وجهت عمر إلى العراق ، فأكون قد بسطت يدي : يميني وشمالي في سبيل الله - عز وجل -.

وأما الثلاث اللاتي وددت أني سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهن : فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الأمر ؟ فلا ينازعه أهله ، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر سبب ؟ ووددت أني سألته عن العمة وبنت الأخ فإن في نفسي فيهما حاجة
.

قال الإمام أبو الحسن الدارقطني ، وذكر هذه الرواية وقال : خالفه الليث بن سعد فرواه عن علوان ، عن صالح بن كيسان بهذا الإسناد ، إلا أنه لم يذكر بين علوان وبين صالح ، حميد بن عبد الرحمن ، فيشبه أن يكون سعيد بن عفير ضبطه عن علوان ؛ لأنه زاد فيه رجلا ، وكان سعيد بن عفير من الحفاظ الثقات .

قلت : وهذا حديث حسن ، عن أبي بكر إلا أنه ليس فيه شيء من [ ص: 91 ] قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روى البخاري في كتابه غير شيء من كلام الصحابة ، فمن ذلك ما روى طارق بن شهاب ، عن أبي بكر أنه قال لوفد بزاخة : تتبعون أذناب الإبل حتى يري الله خليفة رسوله والمهاجرين أمرا يعذرونكم " وروت عائشة : أن أبا بكر قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته . وغير ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية