الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وأما ما تنجس بذلك فهو nindex.php?page=treesubj&link=592الأعيان الطاهرة إذا لاقاها شيء من هذه النجاسات وأحدهما رطب [ والآخر يابس ] فينجس بملاقاتها ) .
( الشرح ) : هذا الذي قاله واضح لا خفاء به لكن يستثنى من هذا الإطلاق أشياء ، أحدها : nindex.php?page=treesubj&link=533الميتة التي لا نفس لها سائلة فإنها نجسة على المذهب ولا تنجس ما ماتت فيه على الصحيح .
( الثاني ) : nindex.php?page=treesubj&link=24991_595النجاسة التي لا يدركها [ ص: 590 ] الطرف لا تنجس الماء والثوب على الأصح كما سبق ( الثالث ) : nindex.php?page=treesubj&link=614_26980_450الهرة إذا كانت أكلت نجاسة ثم ولغت في ماء قليل أو مائع قبل أن تغيب لا تنجسه على أحد الأوجه ( الرابع ) : إذا nindex.php?page=treesubj&link=448لاقت النجاسة قلتين فصاعدا من الماء فلم تغيره لا تنجسه .
( فرع ) في مسائل تتعلق بالنجاسات ( أحدها ) : nindex.php?page=treesubj&link=22662_25644_553_26809_26895شعر الميتة نجس على المذهب إلا من الآدمي فطاهر على المذهب سواء انفصل في حياته أو بعد موته ، وقد سبق تفصيل الشعور في باب الآنية ، وسبق فيه أن المذهب نجاسة عظم الميتة ، وسبق فيه أن ما لا يؤكل لحمه إذا ذبح كان نجسا .
( الثانية ) : قال أصحابنا : nindex.php?page=treesubj&link=584_25289_17209_17240الأعيان جماد وحيوان وما له تعلق بالحيوان ، فالجماد كله طاهر إلا الخمر وكل نبيذ مسكر . وحكي وجه أن النبيذ طاهر ووجه أن الخمرة المحترمة طاهرة وأن باطن العنقود إذا استحال خمرا طاهر . وهذه الأوجه سبق بيانها وهي شاذة ضعيفة ، والمراد بالجماد ما ليس بحيوان ولا كان حيوانا ولا جزءا من حيوان ولا خرج من حيوان .
وقولنا : ولا كان حيوانا احتراز من الميتة وقولنا : ولا جزءا من حيوان احتراز من العضو المبان من الشاة ونحوها في الحياة وقولنا : ولا خرج من حيوان احتراز من البول والروث وغيرهما من النجاسات المنفصلة عن باطن الحيوان .
وأما الحيوان فكله طاهر إلا الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما ، وحكى صاحب البيان وجها عن الصيدلاني أن الدود المتولد من الميتة نجس وهذا شاذ مردود ، والصواب الجزم بطهارته كسائر الحيوان ، وأما ما له تعلق بالحيوان كالميتة والفضلات فقد سبق تفصيله وبيان الطاهر منه من النجس والله أعلم .
( الثالثة ) : nindex.php?page=treesubj&link=101النجاسة المستقرة في الباطن لا حكم لها ما لم يتصل بها شيء من الظاهر مع بقاء حكم الظاهر عليه ، كما إذا ابتلع بعض خيط فحصل بعضه في المعدة وبعضه خارج في الفم أو أدخل في دبره إصبعه أو عودا وبقي بعضه خارجا فوجهان سبقا في أول باب ما ينقض الوضوء .
( أصحهما ) وبه قطع الأكثرون يثبت لها حكم النجاسة فلا تصح صلاته ولا طوافه في هذه الحال ; لأنه مستصحب بمتصل بالنجاسة ( والثاني ) : لا يثبت حكم النجاسة وقد سبق هناك توجيههما وبيان قائلهما وما يتفرع عليهما من المسائل والله أعلم .
[ ص: 591 ] الرابعة ) : في الفتاوى المنقولة عن صاحب الشامل أن nindex.php?page=treesubj&link=25644الولد إذا خرج من الجوف طاهر لا يحتاج إلى غسله بإجماع المسلمين ، قال : ويجب أن يكون البيض كذلك فلا يجب غسل ظاهره ، والنجاسة الباطنة لا حكم لها .
ولهذا اللبن يخرج من بين فرث ودم ، وهو طاهر حلال ، وهذا الذي قاله إن النجاسة الباطنة لا حكم لها وفي البيض ، هو اختياره وقد قدمنا الخلاف فيهما .
( الخامسة ) : قال صاحب التتمة : nindex.php?page=treesubj&link=22662_25644الوسخ المنفصل من بدن الآدمي في الحمام وغيره حكمه حكم ميتة الآدمي ; لأنه متولد من البشرة قال : وكذا nindex.php?page=treesubj&link=25644_581_531الوسخ المنفصل عن سائر الحيوان حكمه حكم ميتته ، وهذا الذي قاله في وسخ الآدمي ضعيف لم أره لغيره ، والمختار القطع بطهارته ; لأنه عرق جامد .
( السادسة ) : قال أصحابنا رحمهم الله : إذا nindex.php?page=treesubj&link=592_575أكلت البهيمة حبا وخرج من بطنها صحيحا فإن كانت صلابته باقية بحيث لو زرع نبت فعينه طاهرة لكن يجب غسل ظاهره لملاقاة النجاسة ; لأنه وإن صار غذاء لها فمما تغير إلى الفساد فصار كما لو ابتلع نواة وخرجت فإن باطنها طاهر ويطهر قشرها بالغسل ، وإن كانت صلابته قد زالت بحيث لو زرع لم ينبت فهو نجس . ذكر هذا التفصيل هكذا القاضي nindex.php?page=showalam&ids=14958حسين والمتولي والبغوي وغيرهم .
( السابعة ) nindex.php?page=treesubj&link=587_16904 : الزرع النابت على السرجين ، قال الأصحاب : ليس هو نجس العين لكن ينجس بملاقاة النجاسة نجاسة مجاورة وإذا غسل طهر ، وإذا سنبل فحباته الخارجة طاهرة قطعا ولا حاجة إلى غسلها ، وهكذا القثاء والخيار وشبههما يكون طاهرا ولا حاجة إلى غسله .
قال المتولي : وكذا nindex.php?page=treesubj&link=592_16904الشجرة إذا سقيت ماء نجسا فأغصانها وأوراقها وثمارها طاهرة كلها ; لأن الجميع فرع الشجرة ونماؤها ، قال البغوي : وإذا nindex.php?page=treesubj&link=25608_554خرج من فرجه دود فهو طاهر العين ، ولكن ظاهره نجس ، فإذا غسل طهر .
( فرع ) nindex.php?page=treesubj&link=25289_4456المسك طاهر بالإجماع ويجوز بيعه بالإجماع ، وقد حكى الماوردي في كتاب البيوع عن الشيعة أنهم قالوا : هو نجس لا يجوز بيعه ، وهو غلط فاحش مخالف للأحاديث الصحيحة وللإجماع ، وسنوضح المسألة بأدلتها إن شاء الله تعالى في باب ما نهي عنه من بيع الغرر ، حيث ذكره المصنف والأصحاب .
[ ص: 592 ] فرع ) قال الماوردي والروياني في آخر باب بيع الغرر : nindex.php?page=treesubj&link=16896_4456_591أما الزباد فهو لبن سنور في البحر رائحته كرائحة المسك ، قالا : فإذا قلنا بنجاسة لبن ما لا يؤكل لحمه ، ففي هذا وجهان ( أحدهما ) : أنه نجس لا يجوز بيعه اعتبارا بجنسه ( والثاني ) : طاهر كالمسك هذا كلام الماوردي والروياني . والصواب : طهارته وصحة بيعه ; لأن الصحيح أن جميع حيوان البحر طاهر يحل لحمه ولبنه ، كما سنوضحه في بابه إن شاء الله تعالى : ، هذا على تقدير تسليم ما ذكره الماوردي أنه لبن هذا السنور البحري وقد سمعت جماعة من أهل الخبرة بهذا من الثقات يقولون : بأن الزباد إنما هو عرق سنور بري ، فعلى هذا هو طاهر بلا خلاف ، لكن قالوا : إنه يغلب فيه اختلاطه بما يتساقط من شعره ، فينبغي أن يحترس عما فيه شيء من شعره ; لأن الأصح عندنا نجاسة شعر ما يؤكل لحمه إذا انفصل في حياته غير الآدمي ، والأصح أن nindex.php?page=treesubj&link=570_16852سنور البر لا يؤكل والله أعلم .