باب مواقيت الصلاة قال المصنف رحمه الله تعالى ( إذا زالت الشمس وآخره إذا صار ظل كل شيء مثله غير الظل الذي يكون للشخص عند الزوال ، والدليل عليه ما روى أول وقت الظهر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس جبريل عليه السلام عند باب البيت مرتين فصلى بي الظهر في المرة الأولى حين زالت الشمس والفيء مثل الشراك ، ثم صلى بي المرة الأخيرة حين كان ظل كل شيء مثله . } ) أمني
- فرع للظهر ثلاثة أوقات
- فرع في معرفة الزوال
- فرع قول الله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل
- وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله غير الظل الذي يكون له عند الزوال
- فرع للعصر خمسة أوقات
- أول وقت المغرب إذا غربت الشمس وتكامل غروبها
- وقت العشاء مغيب الشفق
- أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق
- الأفضل تعجيل الصبح في أول وقتها
- فصل الظهر في غير شدة الحر تعجيلها في أول الوقت أفضل
- فصل صلاة العصر تقديمها في أول الوقت أفضل
- فصل صلاة المغرب تعجيلها في أول وقتها أفضل
- فصل صلاة العشاء تأخيرها أفضل
- فرع فضيلة أول الوقت في جميع الصلوات
- تقديم الظهر في أول وقتها في غير شدة الحر أفضل
- أوكد الصلوات في المحافظة عليها الصلاة الوسطى
- تأخير الصلاة إلى آخر الوقت
- أعذار أهل الفرض في تأخير الصلاة عن وقتها
- زوال العذر المانع من الصلاة في آخر الوقت
- أدرك جزءا من أول وقت الصلاة ثم طرأ العذر بأن كان عاقلا في الوقت فجن أو طاهرا فحاضت
- قضاء الفوائت
- نسي صلاة ولم يعرف عينها
التالي
السابق
( الشرح ) حديث رضي الله عنهما أصل في المواقيت وقد ذكره ابن عباس المصنف مقطعا ، والوجه أن نذكره هنا بكماله ونضم إليه الأحاديث التي هي أصول المواقيت . عن رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس جبريل عند البيت مرتين فصلى الظهر في المرة الأولى حين كان الفيء مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظليه ، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم ، ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ، ثم صلى الفجر حين برق الفجر ، وحرم الطعام على الصائم ، وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس ، ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ، ثم صلى المغرب لوقته الأول ، ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ، ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض ، ثم التفت إلي جبريل فقال : يا محمد هذا وقت الأنبياء قبلك ، والوقت فيما بين هذين الوقتين } رواه أمني أبو داود والترمذي وغيرهما من أصحاب السنن والحاكم أبو عبد الله في المستدرك ، وقال : هو حديث صحيح ، وقال الترمذي : حديث حسن وهذا المذكور لفظ رواية الترمذي ، ولفظ الباقين بمعناه . وروى حديث إمامة جبريل جماعة من الصحابة غير وليس في هذه الكتب المشهورة قوله في المهذب : " عند باب البيت " إنما فيها عند البيت ثم رواه ابن عباس الترمذي من رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 22 ] قال : { جابر جبريل } قال فذكر نحو حديث أمني بمعناه ، قال ابن عباس الترمذي : حديث حسن ، قال : وقال ابن عباس محمد يعني أصح شيء في المواقيت حديث البخاري وعن جابر . رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { بريدة رضي الله عنه فأذن ثم أمره فأقام الظهر ، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية ، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس ، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر ، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر فأبرد بها فأنعم أن يبرد بها ، وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل وصلى الفجر فأسفر بها ، ثم قال : أين السائل عن وقت الصلاة ؟ فقال الرجل : أنا يا رسول الله قال : وقت صلاتكم بين ما رأيتم بلالا } رواه أن رجلا سأله عن وقت الصلاة فقال : صل معنا هذين يعني اليومين ، فلما زالت الشمس أمر وفي رواية له { مسلم ، } . قال في المغرب في اليوم الثاني ثم أمره بالإقامة للمغرب قبل أن يرتفع الشفق
وعن رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { أبي موسى الأشعري } رواه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا ، قال : فأقام الفجر حين انشق الفجر ، والناس لا يكادون يعرف بعضهم بعضا ، ثم أمره فأقام بالظهر حتى زالت الشمس ، والقائل يقول : قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم ، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة ، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس ، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها ، والقائل يقول : قد طلعت الشمس أو كادت ، ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس ، ثم أخر العصر حتى انصرف منها ، والقائل يقول قد احمرت الشمس ، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق ، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول ، ثم أصبح فدعا السائل فقال الوقت ما بين هذين والأحاديث في الباب كثيرة سنذكرها في مواضعها من الكتاب إن شاء الله تعالى . وقوله صلى الله عليه وسلم " أمني مسلم ، جبريل " هو الملك الكريم رسول الله [ ص: 23 ] تعالى إلى رسله الآدميين صلوات الله وسلامه عليهم ، وفيه تسع لغات حكاها وحكاها عنه أيضا ابن الأنباري أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي في كتاب المعرب ، وهي جبريل وجبريل بكسر الجيم وفتحها ، وجبرئل بفتح الجيم وهمزة بعد الراء وتشديد اللام وجبرائيل بهمزة ثم ياء مع الألف وجبرائيل بياءين بعد الألف وجبرائيل بهمزة بعد الراء وياء وجبرئل بكسر الهمزة وتخفيف اللام وجبرين وجبرين بكسر الجيم وفتحها .
قال جماعات من المفسرين : وحكاه صاحب المحكم والجوهري وغيرهما من أهل اللغة في جبريل وميكائيل : أن جبر وميك اسمان أضيفا إلى إيل وآل ، قالوا : وإيل وآل اسمان لله تعالى ، قالوا : ومعنى جبر وميك بالسريانية عبد ، فتقديره عبد الله . قال هذا خطأ عن وجهين : ( أحدهما ) أن إيل وآل لا يعرفان في أسماء الله في اللغة العربية ، ( والثاني ) أنه لو كان كذلك لم ينصرف آخر الاسم في وجوه العربية ، ولكان آخره مجرورا أبدا كعبد الله . قال أبو علي الفارسي : هذا الذي قاله الواحدي : أبو علي أراد به أنه ليس هذا في العربية قال : وقد قال بالأول جماعة من العلماء قلت : الصواب قول أبي علي فإن ما ادعوه لا أصل له والله أعلم . وأما لفظ الظهر فمشتق من الظهور ; لأنها ظاهرة في وسط النهار ، وقوله صلى الله عليه وسلم " والفيء مثل الشراك " هو بكسر الشين وهو أحد سيور النعل التي تكون على وجهها ، وليس الشراك هنا للتحديد والاشتراط بل ; لأن الزوال لا يبين بأقل منه ، وأما الظل والفيء فقال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في أوائل أدب الكاتب : يتوهم الناس أن الظل والفيء بمعنى ، وليس كذلك ، بل الظل يكون غدوة وعشية ومن أول النهار إلى [ ص: 24 ] آخره . ومعنى الظل الستر . ومنه قولهم : " أنا في ظلك " ومنه : " ظل الجنة " وظل شجرها إنما سترها ونواحيها ، وظل الليل سواده ; لأنه يستر كل شيء ، وظل الشمس ما سترته الشخوص من مسقطها . قال : وأما الفيء فلا يكون إلا بعد الزوال ، ولا يقال لما قبل الزوال فيء ، وإنما سمي بعد الزوال فيئا ; لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب ، أي رجع والفيء الرجوع . هذا كلام ، وهو كلام نفيس ، وقد أوضحت هذه الألفاظ في ( تهذيب الأسماء واللغات ) وبالله التوفيق . ابن قتيبة
( أما أحكام المسألة ) فأجمعت الأمة على أن زوال الشمس ، نقل الإجماع فيه خلائق ، ودليله الأحاديث السابقة ، والمراد بالزوال ما يظهر لنا لا الزوال في نفس الأمر ، فإن ذلك يتقدم على ما يظهر ، ولكن لا اعتبار بذلك وإنما يتعلق التكليف ويدخل الوقت بالزوال الذي يظهر لنا ، فلو أول وقت الظهر لم تصح الظهر ، وإن كانت التكبيرة حاصلة بعد الزوال في نفس الأمر لكن قبل ظهوره لنا . ذكره شرع في تكبيرة الإحرام بالظهر قبل ظهور الزوال ، ثم ظهر عقبها أو في أثنائها إمام الحرمين وغيره . قالوا : وأما قبل ظهور الظل فهو معدود من وقت الاستواء . قال : وكذا الصبح ، ولو اجتهد فيها وطلع الفجر بحيث علم وقوعها بعد طلوعه لكن في وقت لا يتصور أن يبين الفجر للناظر لم تصح الصبح ، والله أعلم .
وعن رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { أبي موسى الأشعري } رواه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا ، قال : فأقام الفجر حين انشق الفجر ، والناس لا يكادون يعرف بعضهم بعضا ، ثم أمره فأقام بالظهر حتى زالت الشمس ، والقائل يقول : قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم ، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة ، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس ، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها ، والقائل يقول : قد طلعت الشمس أو كادت ، ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس ، ثم أخر العصر حتى انصرف منها ، والقائل يقول قد احمرت الشمس ، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق ، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول ، ثم أصبح فدعا السائل فقال الوقت ما بين هذين والأحاديث في الباب كثيرة سنذكرها في مواضعها من الكتاب إن شاء الله تعالى . وقوله صلى الله عليه وسلم " أمني مسلم ، جبريل " هو الملك الكريم رسول الله [ ص: 23 ] تعالى إلى رسله الآدميين صلوات الله وسلامه عليهم ، وفيه تسع لغات حكاها وحكاها عنه أيضا ابن الأنباري أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي في كتاب المعرب ، وهي جبريل وجبريل بكسر الجيم وفتحها ، وجبرئل بفتح الجيم وهمزة بعد الراء وتشديد اللام وجبرائيل بهمزة ثم ياء مع الألف وجبرائيل بياءين بعد الألف وجبرائيل بهمزة بعد الراء وياء وجبرئل بكسر الهمزة وتخفيف اللام وجبرين وجبرين بكسر الجيم وفتحها .
قال جماعات من المفسرين : وحكاه صاحب المحكم والجوهري وغيرهما من أهل اللغة في جبريل وميكائيل : أن جبر وميك اسمان أضيفا إلى إيل وآل ، قالوا : وإيل وآل اسمان لله تعالى ، قالوا : ومعنى جبر وميك بالسريانية عبد ، فتقديره عبد الله . قال هذا خطأ عن وجهين : ( أحدهما ) أن إيل وآل لا يعرفان في أسماء الله في اللغة العربية ، ( والثاني ) أنه لو كان كذلك لم ينصرف آخر الاسم في وجوه العربية ، ولكان آخره مجرورا أبدا كعبد الله . قال أبو علي الفارسي : هذا الذي قاله الواحدي : أبو علي أراد به أنه ليس هذا في العربية قال : وقد قال بالأول جماعة من العلماء قلت : الصواب قول أبي علي فإن ما ادعوه لا أصل له والله أعلم . وأما لفظ الظهر فمشتق من الظهور ; لأنها ظاهرة في وسط النهار ، وقوله صلى الله عليه وسلم " والفيء مثل الشراك " هو بكسر الشين وهو أحد سيور النعل التي تكون على وجهها ، وليس الشراك هنا للتحديد والاشتراط بل ; لأن الزوال لا يبين بأقل منه ، وأما الظل والفيء فقال أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في أوائل أدب الكاتب : يتوهم الناس أن الظل والفيء بمعنى ، وليس كذلك ، بل الظل يكون غدوة وعشية ومن أول النهار إلى [ ص: 24 ] آخره . ومعنى الظل الستر . ومنه قولهم : " أنا في ظلك " ومنه : " ظل الجنة " وظل شجرها إنما سترها ونواحيها ، وظل الليل سواده ; لأنه يستر كل شيء ، وظل الشمس ما سترته الشخوص من مسقطها . قال : وأما الفيء فلا يكون إلا بعد الزوال ، ولا يقال لما قبل الزوال فيء ، وإنما سمي بعد الزوال فيئا ; لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب ، أي رجع والفيء الرجوع . هذا كلام ، وهو كلام نفيس ، وقد أوضحت هذه الألفاظ في ( تهذيب الأسماء واللغات ) وبالله التوفيق . ابن قتيبة
( أما أحكام المسألة ) فأجمعت الأمة على أن زوال الشمس ، نقل الإجماع فيه خلائق ، ودليله الأحاديث السابقة ، والمراد بالزوال ما يظهر لنا لا الزوال في نفس الأمر ، فإن ذلك يتقدم على ما يظهر ، ولكن لا اعتبار بذلك وإنما يتعلق التكليف ويدخل الوقت بالزوال الذي يظهر لنا ، فلو أول وقت الظهر لم تصح الظهر ، وإن كانت التكبيرة حاصلة بعد الزوال في نفس الأمر لكن قبل ظهوره لنا . ذكره شرع في تكبيرة الإحرام بالظهر قبل ظهور الزوال ، ثم ظهر عقبها أو في أثنائها إمام الحرمين وغيره . قالوا : وأما قبل ظهور الظل فهو معدود من وقت الاستواء . قال : وكذا الصبح ، ولو اجتهد فيها وطلع الفجر بحيث علم وقوعها بعد طلوعه لكن في وقت لا يتصور أن يبين الفجر للناظر لم تصح الصبح ، والله أعلم .
وأما فهو إذا صار ظل الشيء مثله غير الظل الذي يكون له عند الزوال ، وإذا خرج هذا دخل وقت العصر متصلا به ولا اشتراك بينهما ، هذا مذهبنا وبه قال آخر وقت الظهر الأوزاعي والثوري والليث وأبو يوسف ومحمد وقال وأحمد عطاء إذا صار ظل الشيء مثله دخل وقت العصر وما بعده وقت الظهر والعصر على سبيل الاشتراك حتى تغرب الشمس وقال وطاوس إسحاق بن راهويه وأبو ثور والمزني : إذا صار ظله مثله فقدر أربع ركعات بعده وقت الظهر والعصر ، ثم يتمحض الوقت للعصر . وقال وابن جرير إذا صار ظله مثله فهو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر بالاشتراك ، فإذا زاد على المثل زيادة بينة خرج وقت الظهر . وعن مالك رواية أن وقت الظهر يمتد إلى غروب الشمس . وقال مالك يبقى [ ص: 25 ] وقت الظهر حتى يصير الظل مثلين ، فإذا زاد على ذلك يسيرا كان أول وقت العصر . قال أبو حنيفة قال القاضي أبو الطيب : لم يقل هذا أحد غير ابن المنذر واحتج من قال بالاشتراك بحديث أبي حنيفة المذكور قالوا : فصلى الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي صلى فيه العصر في الأول وعن ابن عباس أيضا قال : { ابن عباس بالمدينة من غير خوف ولا سفر } رواه جمع النبي صلى الله عليه وسلم البخاري وفي رواية ومسلم { لمسلم : } فدل على اشتراكهما قالوا : ولأن الصلوات زيد فيها على بيان من غير خوف ولا مطر جبريل في اليوم الثاني وللاختيار فينبغي أن يزاد وقت الظهر . واحتج أصحابنا بحديث رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : { عبد الله بن عمرو بن العاص } رواه إذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول ، ثم إذا صليتم الظهر فإنه وقت إلى أن تحضر العصر ، فإذا صليتم العصر فإنه وقت إلى أن تصفر الشمس ، فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق ، فإذا صليتم العشاء فإنه وقت إلى نصف الليل من طرق كثيرة ، وفي بعضها : { مسلم } . واحتجوا أيضا بحديث وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم تحضر العصر أبي موسى السابق في صحيح قال فيه في صلاة الظهر في اليوم الثاني : { مسلم } وهذا نص في أن وقت الظهر لا يمتد وراء ذلك فيلزم منه عدم الاشتراك ، وبحديث ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس ، ثم قال في آخره : الوقت ما بين هذين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { أبي قتادة } رواه ألا إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى في جملة حديث طويل واحتجوا بأحاديث كثيرة منها ما لا يحتج به وبأقيسة لا حاجة إليها مع هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة . مسلم
وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم : { } وبهذا التفسير يحصل بيان أول وقت العصر وآخر وقت الظهر ولو حمل على الاشتراك لم [ ص: 26 ] يحصل تحديد آخر وقت الظهر ولفات بيانه وقد قال في آخر الحديث : { صلى بي العصر في اليوم الأول حين صار ظل الشيء مثله وصلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله فمعناه بدأ بالعصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله وفرغ من الظهر في اليوم الثاني حين صار الظل مثله ، } قال الوقت بين هذين ولأن حقيقة الكلام أن يكون فرغ من الصلاتين حين صار ظل الشيء مثله فمنعنا الإجماع من إرادة ذلك في العصر فتأولناها على أنه ابتدأ حينئذ وبقيت الظهر على حقيقته ، ونظير ما تأولنا عليه لفظ الحديث قول الله تعالى { الشيخ أبو حامد وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن } ، وقال تعالى : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن } المراد بالبلوغ الأول مقارنته وبالتالي حقيقة انقضاء الأجل ، ويقال : بلغ المسافر البلد إذا انتهى إليه وإن لم يدخله وبلغه إذا دخله . وأما الجواب عن الجمع بالمدينة فمن وجهين ( أحدهما ) : أنه محمول على أنه أخر الظهر إلى آخر وقتها ، وقدم العصر في أول وقتها فصار صورته صورة جمع وليس بجمع ، وعلى هذا التأويل حمله إمامان تابعيان من رواته وهما : راويه عن أبو الشعثاء جابر بن زيد والآخر ابن عباس عمرو بن دينار ثبت ذلك عنهما في صحيح وغيره ( والثاني ) أنه جمع بعذر : إما بمطر ، وإما مرض عند من يقول به كما سنوضحه في باب صلاة المسافر إن شاء الله تعالى . مسلم
وأما قولهم : زيد في الصلاة على بيان جبريل فتلك الزيادات ثبتت بنصوص ولا نص هنا في الزيادة ولا مدخل للقياس . واحتج بحديث لأبي حنيفة رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ابن عمر } رواه إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر فعجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين فقال أهل الكتاب : أي ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا قيراطا ونحن أكثر عملا قال الله تعالى : هل ظلمتكم من أجركم من شيء ؟ قالوا : لا . قال : فهو فضلي أوتيه من أشاء البخاري قالوا : فهذا دليل على أن وقت العصر أقصر من وقت الظهر . ومن حين يصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس هو ربع النهار [ ص: 27 ] وليس بأقل من وقت الظهر ، بل هو مثله ، واحتجوا بأقيسة ومناسبات لا أصل لها ولا مدخل لها في الأوقات . واحتج أصحابنا عليهم بحديث ومسلم وهو صحيح كما سبق واحتجوا بأحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما في دلالة بعضها نظر ويغني عنها حديث ابن عباس . وأوجز ابن عباس إمام الحرمين في الأساليب فقال : عمدتنا حديث جبريل ، ولا حجة للمخالف إلا حديث ساقه النبي صلى الله عليه وسلم مساق ضرب الأمثال ، والأمثال مظنة التوسعات والمجاز ، ثم التأويل متطرق إلى حديثهم ولا يتطرق إلى ما اعتمدناه تأويل ولا مطمع في القياس من الجانبين . هذا كلام الإمام .
وأجاب الأصحاب عن حديث ابن عمر بأربعة أجوبة ( أحدها ) جواب إمام الحرمين المذكور ( الثاني ) أن المراد بقولهم : أكثر عملا أن مجموع عمل الفريقين أكثر ( والثالث ) أن ما بعد صلاة العصر مع التأهب لها بالأذان والإقامة والطهارة وصلاة السنة أقل مما بين العصر ونصف النهار ( الرابع ) حكاه الشيخ في تعليقه عن أبو حامد قال : كثرة العمل لا يلزم منها كثرة الزمان فقد يعمل الإنسان في زمن قصير أكثر مما يعمل غيره في زمن مثله أو أطول منه . أبي سعيد الإصطخري
وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم : { } وبهذا التفسير يحصل بيان أول وقت العصر وآخر وقت الظهر ولو حمل على الاشتراك لم [ ص: 26 ] يحصل تحديد آخر وقت الظهر ولفات بيانه وقد قال في آخر الحديث : { صلى بي العصر في اليوم الأول حين صار ظل الشيء مثله وصلى بي الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله فمعناه بدأ بالعصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله وفرغ من الظهر في اليوم الثاني حين صار الظل مثله ، } قال الوقت بين هذين ولأن حقيقة الكلام أن يكون فرغ من الصلاتين حين صار ظل الشيء مثله فمنعنا الإجماع من إرادة ذلك في العصر فتأولناها على أنه ابتدأ حينئذ وبقيت الظهر على حقيقته ، ونظير ما تأولنا عليه لفظ الحديث قول الله تعالى { الشيخ أبو حامد وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن } ، وقال تعالى : { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن } المراد بالبلوغ الأول مقارنته وبالتالي حقيقة انقضاء الأجل ، ويقال : بلغ المسافر البلد إذا انتهى إليه وإن لم يدخله وبلغه إذا دخله . وأما الجواب عن الجمع بالمدينة فمن وجهين ( أحدهما ) : أنه محمول على أنه أخر الظهر إلى آخر وقتها ، وقدم العصر في أول وقتها فصار صورته صورة جمع وليس بجمع ، وعلى هذا التأويل حمله إمامان تابعيان من رواته وهما : راويه عن أبو الشعثاء جابر بن زيد والآخر ابن عباس عمرو بن دينار ثبت ذلك عنهما في صحيح وغيره ( والثاني ) أنه جمع بعذر : إما بمطر ، وإما مرض عند من يقول به كما سنوضحه في باب صلاة المسافر إن شاء الله تعالى . مسلم
وأما قولهم : زيد في الصلاة على بيان جبريل فتلك الزيادات ثبتت بنصوص ولا نص هنا في الزيادة ولا مدخل للقياس . واحتج بحديث لأبي حنيفة رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ابن عمر } رواه إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر فعجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين فقال أهل الكتاب : أي ربنا أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطا قيراطا ونحن أكثر عملا قال الله تعالى : هل ظلمتكم من أجركم من شيء ؟ قالوا : لا . قال : فهو فضلي أوتيه من أشاء البخاري قالوا : فهذا دليل على أن وقت العصر أقصر من وقت الظهر . ومن حين يصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس هو ربع النهار [ ص: 27 ] وليس بأقل من وقت الظهر ، بل هو مثله ، واحتجوا بأقيسة ومناسبات لا أصل لها ولا مدخل لها في الأوقات . واحتج أصحابنا عليهم بحديث ومسلم وهو صحيح كما سبق واحتجوا بأحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما في دلالة بعضها نظر ويغني عنها حديث ابن عباس . وأوجز ابن عباس إمام الحرمين في الأساليب فقال : عمدتنا حديث جبريل ، ولا حجة للمخالف إلا حديث ساقه النبي صلى الله عليه وسلم مساق ضرب الأمثال ، والأمثال مظنة التوسعات والمجاز ، ثم التأويل متطرق إلى حديثهم ولا يتطرق إلى ما اعتمدناه تأويل ولا مطمع في القياس من الجانبين . هذا كلام الإمام .
وأجاب الأصحاب عن حديث ابن عمر بأربعة أجوبة ( أحدها ) جواب إمام الحرمين المذكور ( الثاني ) أن المراد بقولهم : أكثر عملا أن مجموع عمل الفريقين أكثر ( والثالث ) أن ما بعد صلاة العصر مع التأهب لها بالأذان والإقامة والطهارة وصلاة السنة أقل مما بين العصر ونصف النهار ( الرابع ) حكاه الشيخ في تعليقه عن أبو حامد قال : كثرة العمل لا يلزم منها كثرة الزمان فقد يعمل الإنسان في زمن قصير أكثر مما يعمل غيره في زمن مثله أو أطول منه . أبي سعيد الإصطخري
. ( فرع ) . فوقت الفضيلة أوله وسيأتي بيان الخلاف فيما تحصل به فضيلة أول الوقت إن شاء الله تعالى حيث تعرض له للظهر ثلاثة أوقات وقت فضيلة ووقت اختيار ووقت عذر المصنف ، ووقت الاختيار ما بعد وقت الفضيلة إلى آخر الوقت ، ووقت العذر وقت العصر في حق من يجمع بسفر أو مطر ، هكذا قال الأكثرون : إن أوقات الظهر ثلاثة كما ذكرنا ، وقال لها أربعة أوقات وقت فضيلة ووقت اختيار ووقت جواز ووقت عذر . فوقت الفضيلة إذا صار ظل الشيء مثل ربعه والاختيار إذا صار مثل نصفه والجواز إذا صار ظله مثله وهو آخر الوقت ، والعذر وقت العصر لمن جمع بسفر أو مطر . القاضي حسين
( فرع ) بدأ المصنف بصلاة الظهر كما بدأ والأصحاب تأسيا بإمامة الشافعي جبريل عليه السلام فإنه بدأ بالظهر كما سبق . وقال [ ص: 28 ] البندنيجي بدأ في الجديد بالظهر وفي القديم بالصبح ، قال : وعليه كل الفقهاء ، فإن قيل : كيف بدأ بالظهر والإسراء كان في الليل ووجبت الصلوات الخمس في الليل فأول صلاة تحضر بعد ذلك هي الصبح ، فالجواب أن ذلك محمول على أنه نص على أن أول وجوب الخمس من الظهر والله أعلم . الشافعي
( فرع ) بدأ المصنف بصلاة الظهر كما بدأ والأصحاب تأسيا بإمامة الشافعي جبريل عليه السلام فإنه بدأ بالظهر كما سبق . وقال [ ص: 28 ] البندنيجي بدأ في الجديد بالظهر وفي القديم بالصبح ، قال : وعليه كل الفقهاء ، فإن قيل : كيف بدأ بالظهر والإسراء كان في الليل ووجبت الصلوات الخمس في الليل فأول صلاة تحضر بعد ذلك هي الصبح ، فالجواب أن ذلك محمول على أنه نص على أن أول وجوب الخمس من الظهر والله أعلم . الشافعي
( فرع ) قال صاحب البيان : ، ولا ينتظر بها مصير الفيء مثل الشراك . وحكى إذا زالت الشمس وجبت الظهر ، ويستحب فعلها حينئذ الساجي عن رحمه الله أنه يستحب ذلك ولا يجب ، وليس بشيء ، قال : ومن الناس من قال : لا يجوز أن يصلي حتى يصير الفيء مثل الشراك ، لحديث الشافعي جبريل عليه السلام . وحكى هذا في تعليقه عن بعض الناس قال : وهو خلاف ما اتفق عليه الفقهاء وخلاف الأحاديث ، دليلنا حديث القاضي أبو الطيب أبي موسى السابق ، وحديث ابن عمرو بن العاص السابق قريبا " وقت الظهر إذا زالت الشمس " وأما حديث جبريل فالمراد به أنه حين زالت الشمس كان الفيء حينئذ مثل الشراك من ورائه لا أنه أخر إلى أن صار مثل الشراك
( فرع ) في قال أصحابنا رحمهم الله : الزوال هو ميل الشمس عن كبد السماء بعد انتصاف النهار ، وعلامته زيادة الظل بعد تناهي نقصانه ، وذلك أن ظل الشخص يكون في أول النهار طويلا ممتدا ، فكلما ارتفعت الشمس نقص ، فإذا انتصف النهار وقف الظل ، فإذا زالت الشمس عاد الظل إلى الزيادة فإذا أردت أن تعلم هل زالت فانصب عصا أو غيرها في الشمس على أرض مستوية وعلم على طرف ظلها ثم راقبه فإن نقص الظل علمت أن الشمس لم تزل ، ولا تزال تراقبه حتى يزيد فمتى زاد علمت الزوال حينئذ . قال أصحابنا : ويختلف قدر ما يزول عليه الشمس من الظل باختلاف الأزمان والبلاد ، فأقصر ما يكون الظل عند الزوال في الصيف عند تناهي طول [ ص: 29 ] النهار ، وأطول ما يكون في الشتاء عند تناهي قصر النهار . ونقل معرفة الزوال أن القاضي أبو الطيب أبا جعفر الراسبي قال في كتاب المواقيت : إن عند انتهاء طول النهار في الصيف لا يكون بمكة ظل لشيء من الأشخاص عند الزوال ستة وعشرين يوما قبل انتهاء الطول وستة وعشرين يوما بعد انتهائه ، وفي هذه الأيام متى لم ير للشخص ظل فإن الشمس لم تزل ، فإذا رأى الظل بعد ذلك فإن الشمس قد زالت وباقي أيام السنة معرفة الزوال بمكة كمعرفتها بغيرها ونقل الشيخ في تعليقه أنه إنما لا يكون للإنسان فيء أبو حامد بمكة عند الزوال في يوم واحد في السنة لا غير والله أعلم .
قال أصحابنا : قامة الإنسان ستة أقدام ونصف بقدم نفسه .
قال أصحابنا : قامة الإنسان ستة أقدام ونصف بقدم نفسه .
( فرع ) في قول الله تعالى { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل } أما غسق الليل فظلامه ، وأما الدلوك فاختلف فيه أهل التفسير والفقه واللغة ، فقال في الشافعي البويطي وأصحابنا : هو زوال الشمس ، وهو قول ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبي بردة وعائشة . وقال والحسن البصري هو الغروب ، وهو مروي عن أبو حنيفة علي وابن مسعود وهما قولان مشهوران في كتب أهل التفسير واللغة ، وممن حكاهما من أهل اللغة وابن زيد ابن قتيبة والأزهري وآخرون ، وجزم والجوهري الزبيدي في مختصر العين وابن فارس بأنه الزوال واختاره الأزهري ، واختار والجوهري الغروب والله أعلم ، وفائدة الخلاف أن ابن قتيبة ومذهبنا الوجوب الظهر هل تجب بأول الوقت أم لا ؟ بخلافه وسيأتي مبسوطا إن شاء الله . وأبو حنيفة