[ ص: 112 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( لما روى والمستحب أن يكون على طهارة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { وائل بن حجر } ولأنه إذا لم يكن على طهارة انصرف لأجل الطهارة فيجيء من يريد الصلاة فلا يجد أحدا فينصرف ، والمستحب أن يكون على موضع عال ; لأن الذي رآه حق وسنة أن لا يؤذن لكم أحد إلا وهو طاهر كان على جذم حائط ، ولأنه أبلغ في الإعلام ، والمستحب أن يؤذن قائما ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عبد الله بن زيد قم فناد بلال } ولأنه أبلغ في الإعلام فإن كان مسافرا وهو راكب أذن قاعدا كما يصلي قاعدا . والمستحب أن يكون مستقبل القبلة ، فإذا بلغ الحيعلة لوى عنقه يمينا وشمالا ولا يستدير ، لما روى يا أبو جحيفة رضي الله عنه قال : " رأيت خرج إلى بلالا الأبطح فأذن واستقبل القبلة فلما بلغ حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر " ولأنه إذا لم يكن له بد من جهة فجهة القبلة أولى ، والمستحب أن يجعل أصبعيه في صماخي أذنيه لما روى أبو جحيفة قال : { وأصبعاه في صماخي أذنيه ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء بلالا } ولأن ذلك أجمع للصوت ) . رأيت
- طهارة المؤذن
- الأذان على موضع عال
- السنة أن يؤذن قائما مستقبل القبلة
- السنة أن يجعل أصبعيه في صماخي أذنيه
- فرع أذن راكبا وأقام الصلاة راكبا
- الاسترسال في الأذان
- اشتراط الترتيب في الأذان
- ما يقال عند سماع الأذان
- فرع متابعة المؤذن
- فرع متابعة المصلي المؤذن في الصلاة
- القعود بين الأذان والإقامة قعدة ينتظر فيها الجماعة
- ما يقال عند سماع الإقامة
التالي
السابق
( الشرح ) أما حديث وائل فرواه عن البيهقي عبد الجبار بن وائل عن أبيه موقوفا عليه ، وهو موقوف مرسل ، ; لأن أئمة الحديث متفقون على أن عبد الجبار لم يسمع من أبيه شيئا ، وقال جماعة منهم : إنما ولد بعد وفاة أبيه بستة أشهر ، وحجر بحاء مهملة مضمومة ثم جيم ساكنة ، وكنية وائل أبو هنيدة ، وهو من بقايا ملوك حمير ، نزل الكوفة وعاش إلى أيام وأما قوله : ; لأن الذي رآه معاوية . كان على جذم حائط ، فروى عبد الله بن زيد أبو داود معناه ، قال : ( قام على المسجد ) وجذم الحائط أصله ، وهو بكسر الجيم وإسكان الذال المعجمة . وأما حديث { قم فناد بلال } فرواه يا البخاري من رواية ومسلم رضي الله عنهما . وأما الحديثان اللذان عن ابن عمر أبي جحيفة فصحيحان رواه البخاري عن ومسلم أبي جحيفة قال " رأيت يؤذن فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يمينا وشمالا ، يقول حي على الصلاة حي على الفلاح " وفي رواية بلالا أبي داود " فلما بلغ : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر " وإسناده صحيح ، وفي روايةالترمذي : " رأيت [ ص: 113 ] يؤذن وأتتبع فاه ههنا وههنا وأصبعاه في أذنيه فقال بلالا الترمذي حديث حسن صحيح ، وأبو جحيفة بجيم مضمومة ثم حاء مهملة مفتوحة ، وهو صحابي مشهور رضي الله عنه واسمه وهب بن عبد الله ، وقيل وهب الله السوائي بضم السين توفي سنة ثنتين وسبعين ، قيل توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يبلغ الحلم .
( أما أحكام الفصل ) ففيه مسائل ( إحداها ) يستحب أن فإن أذن وهو محدث أو جنب أو أقام الصلاة وهو محدث أو جنب صح أذانه وإقامته لكنه مكروه ، نص على كراهته يؤذن على طهارة والأصحاب ، واتفقوا عليها ، ودليلنا ما ذكره الشافعي المصنف مع ما سنذكره إن شاء الله تعالى . قالوا : والكراهة في الجنب أشد منها في المحدث ، وفي الإقامة أغلظ . قال رضي الله عنه في الأم : ولو الشافعي بنى على أذانه ولم يقطعه ، سواء كان حدثه جنابة أو غيرها . قال ولو قطعه وتطهر ثم رجع بنى على أذانه ، ولو استأنف كان أحب إلي . هذا نصه : وتابعه الأصحاب . ابتدأ في الأذان طاهرا ثم انتقضت طهارته
قالوا : وإنما استحب إتمامه ، ولا يقطعه ، لئلا يظن أنه متلاعب . وإنما يصح البناء إذا لم يطل الفصل طولا فاحشا ، وإن طال طولا غير فاحش ففي صحة البناء طريقان حكاهما صاحب البيان وآخرون : ( أحدهما ) يصح البناء قولا واحدا ، وبه قطع الشيخ وآخرون ( والثاني ) فيه قولان ، قال أصحابنا : وإذا أبو حامد أثم بلبثه في المسجد ، وصح أذانه وإقامته ; لأن المراد حصول الإعلام وقد حصل ، والتحريم لمعنى آخر وهو حرمة المسجد . وقال صاحب البيان وغيره : وكذا لو أذن أو أقام وهو جنب في المسجد يأثم ويصح أذانه . قال : والرحبة كالمسجد في التحريم على الجنب ، قال صاحب الحاوي وغيره : ولو أذن الجنب في رحبة المسجد أثم وأجزأه . ( فرع ) في أذن مكشوف العورة . قد ذكرنا أن مذهبنا أن أذان الجنب والمحدث وإقامتهما صحيحان مع الكراهة وبه قال مذاهب العلماء في الأذان بغير طهارة الحسن البصري وقتادة وحماد بن أبي سليمان [ ص: 114 ] وأبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وداود وقالت طائفة : لا يصح أذانه ولا إقامته ، منهم وابن المنذر عطاء ومجاهد والأوزاعي وإسحاق وقال يصح الأذان ولا يقيم إلا متوضئا ، وأصح ما يحتج به في المسألة حديث مالك المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال { } حديث صحيح رواه أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ ، ثم اعتذر إلي فقال : إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر ، أو قال على طهارة أحمد بن حنبل وأبو داود وغيرهم بأسانيد صحيحة . وعن والنسائي الزهري عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } رواه لا يؤذن إلا متوضئ الترمذي ، هكذا قال ، والأصح أنه عن الزهري عن موقوف عليه وهو منقطع ، فإن أبي هريرة الزهري لم يدرك أبا هريرة .
( أما أحكام الفصل ) ففيه مسائل ( إحداها ) يستحب أن فإن أذن وهو محدث أو جنب أو أقام الصلاة وهو محدث أو جنب صح أذانه وإقامته لكنه مكروه ، نص على كراهته يؤذن على طهارة والأصحاب ، واتفقوا عليها ، ودليلنا ما ذكره الشافعي المصنف مع ما سنذكره إن شاء الله تعالى . قالوا : والكراهة في الجنب أشد منها في المحدث ، وفي الإقامة أغلظ . قال رضي الله عنه في الأم : ولو الشافعي بنى على أذانه ولم يقطعه ، سواء كان حدثه جنابة أو غيرها . قال ولو قطعه وتطهر ثم رجع بنى على أذانه ، ولو استأنف كان أحب إلي . هذا نصه : وتابعه الأصحاب . ابتدأ في الأذان طاهرا ثم انتقضت طهارته
قالوا : وإنما استحب إتمامه ، ولا يقطعه ، لئلا يظن أنه متلاعب . وإنما يصح البناء إذا لم يطل الفصل طولا فاحشا ، وإن طال طولا غير فاحش ففي صحة البناء طريقان حكاهما صاحب البيان وآخرون : ( أحدهما ) يصح البناء قولا واحدا ، وبه قطع الشيخ وآخرون ( والثاني ) فيه قولان ، قال أصحابنا : وإذا أبو حامد أثم بلبثه في المسجد ، وصح أذانه وإقامته ; لأن المراد حصول الإعلام وقد حصل ، والتحريم لمعنى آخر وهو حرمة المسجد . وقال صاحب البيان وغيره : وكذا لو أذن أو أقام وهو جنب في المسجد يأثم ويصح أذانه . قال : والرحبة كالمسجد في التحريم على الجنب ، قال صاحب الحاوي وغيره : ولو أذن الجنب في رحبة المسجد أثم وأجزأه . ( فرع ) في أذن مكشوف العورة . قد ذكرنا أن مذهبنا أن أذان الجنب والمحدث وإقامتهما صحيحان مع الكراهة وبه قال مذاهب العلماء في الأذان بغير طهارة الحسن البصري وقتادة وحماد بن أبي سليمان [ ص: 114 ] وأبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وداود وقالت طائفة : لا يصح أذانه ولا إقامته ، منهم وابن المنذر عطاء ومجاهد والأوزاعي وإسحاق وقال يصح الأذان ولا يقيم إلا متوضئا ، وأصح ما يحتج به في المسألة حديث مالك المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال { } حديث صحيح رواه أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى توضأ ، ثم اعتذر إلي فقال : إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر ، أو قال على طهارة أحمد بن حنبل وأبو داود وغيرهم بأسانيد صحيحة . وعن والنسائي الزهري عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { أبي هريرة } رواه لا يؤذن إلا متوضئ الترمذي ، هكذا قال ، والأصح أنه عن الزهري عن موقوف عليه وهو منقطع ، فإن أبي هريرة الزهري لم يدرك أبا هريرة .
( المسألة الثانية ) من منارة أو غيرها وهذا لا خلاف فيه ، واحتج له الأصحاب بما ذكر يستحب أن يؤذن على موضع عال المصنف وبحديث رضي الله عنهما قال : { ابن عمر بلال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن وابن أم مكتوم ، يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلالا ابن أم مكتوم . } قال : ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا " رواه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان البخاري من رواية ومسلم ابن عمر ، وهذا لفظ وعائشة وعن مسلم عن امرأة من عروة بن الزبير بني النجار قالت " كان بيتي أطول بيت حول المسجد ، فكان يؤذن عليه الفجر " رواه بلال أبو داود بإسناد ضعيف . قال المحاملي في المجموع وصاحب التهذيب : ولا يستحب في الإقامة أن تكون على موضع عال وهذا الذي قالاه محمول على ما إذا لم يكن مسجد كبير تدعو الحاجة فيه إلى العلو للإعلام .
( الثالثة ) لما ذكره السنة أن يؤذن قائما مستقبل القبلة المصنف فلو أذن قاعدا أو مضطجعا أو إلى غير القبلة كره وصح أذانه ; لأن المقصود الإعلام وقد حصل ، هكذا صرح به الجمهور وقطع به العراقيون وأكثر الخراسانيين وهو المنصوص ، وذكر جماعات من الخراسانيين في اشتراط القيام واستقبال القبلة في حال القدرة وجهين . وحكى وجها أنه يصح أذان القاعد دون المضطجع ، والمذهب صحة الجميع ، ومما يستدل له حديث القاضي حسين يعلى [ ص: 115 ] بن مرة الصحابي رضي الله عنه { } رواه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فانتهوا إلى مضيق وحضرت الصلاة فمطرت السماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم ، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته وأقام فتقدم على راحلته فصلى بهم يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع الترمذي بإسناد جيد ، وهذه الصلاة كانت فريضة ، ولهذا أذن لها وصلاها على الدابة للعذر ، ويجب إعادتها . وأما حديث زياد بن الحارث قال : { } فضعيف والله أعلم . أذنت مع النبي صلى الله عليه وسلم للصبح وأنا على راحلتي
لما ذكره والسنة أن يلتفت في الحيعلتين يمينا وشمالا ولا يستدير المصنف وفي كيفية الالتفات المستحب ثلاثة أوجه ( أصحها ) وبه قطع العراقيون وجماعة من الخراسانيين أنه يلتفت عن يمينه فيقول : " حي على الصلاة حي على الصلاة " ثم يلتفت عن يساره فيقول " حي على الفلاح حي على الفلاح " ( والثاني ) أنه يلتفت عن يمينه فيقول : " حي على الصلاة " ثم يعود إلى القبلة ثم يلتفت عن يمينه فيقول " حي على الصلاة " ثم يلتفت عن يساره فيقول " حي على الفلاح " ثم يعود إلى القبلة ثم يلتفت عن يساره فيقول : " حي على الفلاح " ( والثالث ) وهو قول يقول : " حي على الصلاة " مرة عن يمينه ومرة عن يساره ، ثم " حي على الفلاح " مرة عن يمينه ومرة عن يساره . القفال
قال وغيره : فإن قيل : استحببتم التفات المؤذن في الحيعلتين وكرهتم التفات الخطيب في شيء من الخطبة فما الفرق ؟ قلنا : الخطيب واعظ للحاضرين فالأدب أن لا يعرض عنهم ، بخلاف المؤذن فإنه داع للغائبين ، فإذا التفت كان أبلغ في دعائهم وإعلامهم ، وليس فيه ترك أدب . قال أصحابنا : والمراد بالالتفات أن يلوي رأسه وعنقه ولا يحول صدره عن القبلة ولا يزيل قدمه عن مكانها . وهذا معنى قول القاضي أبو الطيب المصنف ولا يستدير ، ودليله الحديث المذكور والمحافظة على جهة القبلة ، وهذا الذي ذكرناه من أنه لا يستدير في المنارة وغيرها هو الصحيح المشهور الذي نص عليه وقطع به الجمهور . وقال صاحب الحاوي : إن كان بلدا صغيرا وعددا قليلا لم يستدر ، وإن [ ص: 116 ] كان كبيرا ففي جواز الاستدارة وجهان ، وهما في موضع الحيعلتين ولا يستدير في غيره وهذا غريب ضعيف ، والسنة في إقامة الصلاة أن يكون مستقبل القبلة وقائما كما ذكرنا في الأذان ، فإن ترك الاستقبال والقيام فيها فهو كتركه في الأذان ، وهل يستحب الالتفات في الإقامة ؟ فيه ثلاثة أوجه أصحها : يستحب ، ونقل الشافعي إمام الحرمين اتفاق الأصحاب عليه قال : وحكى بعض المصنفين ، يعني الفوراني صاحب الإبانة عن أنه قال مرة : لا يستحب . القفال
قال الإمام : وهذا غير صحيح ، والوجه الثاني : لا يستحب ، ورجحه البغوي ; لأن الإقامة للحاضرين فلا حاجة إلى الالتفات . والثالث : لا يلتفت إلا أن يكبر المسجد ، وبه قطع المتولي قال أصحابنا : وإذا شرع في الإقامة في موضع تممها فيه ولا يمشي في أثنائها . ( فرع ) في . قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب الالتفات في الحيعلة يمينا وشمالا ولا يدور ولا يستدبر القبلة ، سواء كان على الأرض أو على منارة ، وبه قال مذاهب العلماء في الالتفاتات في الحيعلتين والاستدارة النخعي والثوري والأوزاعي وهو رواية عن وأبو ثور وقال أحمد يكره الالتفات وقال ابن سيرين لا يدور ولا يلتفت إلا أن يريد إسماع الناس . وقال مالك أبو حنيفة وإسحاق في رواية : يلتفت ولا يدور إلا أن يكون على منارة فيدور ، واحتج لمن قال يدور بحديث وأحمد عن الحجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة أبي جحيفة قال : { فأذن فاستدار في أذانه بلال } فرواه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح فخرج ابن ماجه . واحتج أصحابنا بالحديث الصحيح السابق من رواية والبيهقي أبي داود أنه لم يستدر ، وأما حديث فجوابه من أوجه ، أحدها أنه ضعيف ; لأن الحجاج ضعيف ومدلس ، والضعيف لا يحتج به ، والمدلس إذا قال : " عن " لا يحتج به ولو كان عدلا ضابطا . ( والجواب الثاني ) أنه مخالف لرواية الثقات عن الحجاج عن أبيه فوجب رده . ( الثالث ) أن الاستدارة تحمل على الالتفات جمعا بين الروايات ، وقد روي عن غير جهة عون بن أبي جحيفة بطريق ضعيف بين الحجاج بن أرطاة ضعفه . البيهقي
قال وغيره : فإن قيل : استحببتم التفات المؤذن في الحيعلتين وكرهتم التفات الخطيب في شيء من الخطبة فما الفرق ؟ قلنا : الخطيب واعظ للحاضرين فالأدب أن لا يعرض عنهم ، بخلاف المؤذن فإنه داع للغائبين ، فإذا التفت كان أبلغ في دعائهم وإعلامهم ، وليس فيه ترك أدب . قال أصحابنا : والمراد بالالتفات أن يلوي رأسه وعنقه ولا يحول صدره عن القبلة ولا يزيل قدمه عن مكانها . وهذا معنى قول القاضي أبو الطيب المصنف ولا يستدير ، ودليله الحديث المذكور والمحافظة على جهة القبلة ، وهذا الذي ذكرناه من أنه لا يستدير في المنارة وغيرها هو الصحيح المشهور الذي نص عليه وقطع به الجمهور . وقال صاحب الحاوي : إن كان بلدا صغيرا وعددا قليلا لم يستدر ، وإن [ ص: 116 ] كان كبيرا ففي جواز الاستدارة وجهان ، وهما في موضع الحيعلتين ولا يستدير في غيره وهذا غريب ضعيف ، والسنة في إقامة الصلاة أن يكون مستقبل القبلة وقائما كما ذكرنا في الأذان ، فإن ترك الاستقبال والقيام فيها فهو كتركه في الأذان ، وهل يستحب الالتفات في الإقامة ؟ فيه ثلاثة أوجه أصحها : يستحب ، ونقل الشافعي إمام الحرمين اتفاق الأصحاب عليه قال : وحكى بعض المصنفين ، يعني الفوراني صاحب الإبانة عن أنه قال مرة : لا يستحب . القفال
قال الإمام : وهذا غير صحيح ، والوجه الثاني : لا يستحب ، ورجحه البغوي ; لأن الإقامة للحاضرين فلا حاجة إلى الالتفات . والثالث : لا يلتفت إلا أن يكبر المسجد ، وبه قطع المتولي قال أصحابنا : وإذا شرع في الإقامة في موضع تممها فيه ولا يمشي في أثنائها . ( فرع ) في . قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب الالتفات في الحيعلة يمينا وشمالا ولا يدور ولا يستدبر القبلة ، سواء كان على الأرض أو على منارة ، وبه قال مذاهب العلماء في الالتفاتات في الحيعلتين والاستدارة النخعي والثوري والأوزاعي وهو رواية عن وأبو ثور وقال أحمد يكره الالتفات وقال ابن سيرين لا يدور ولا يلتفت إلا أن يريد إسماع الناس . وقال مالك أبو حنيفة وإسحاق في رواية : يلتفت ولا يدور إلا أن يكون على منارة فيدور ، واحتج لمن قال يدور بحديث وأحمد عن الحجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة أبي جحيفة قال : { فأذن فاستدار في أذانه بلال } فرواه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بالأبطح فخرج ابن ماجه . واحتج أصحابنا بالحديث الصحيح السابق من رواية والبيهقي أبي داود أنه لم يستدر ، وأما حديث فجوابه من أوجه ، أحدها أنه ضعيف ; لأن الحجاج ضعيف ومدلس ، والضعيف لا يحتج به ، والمدلس إذا قال : " عن " لا يحتج به ولو كان عدلا ضابطا . ( والجواب الثاني ) أنه مخالف لرواية الثقات عن الحجاج عن أبيه فوجب رده . ( الثالث ) أن الاستدارة تحمل على الالتفات جمعا بين الروايات ، وقد روي عن غير جهة عون بن أبي جحيفة بطريق ضعيف بين الحجاج بن أرطاة ضعفه . البيهقي
[ ص: 117 ] الرابعة ) لما ذكره السنة أن يجعل أصبعيه في صماخي أذنيه المصنف وهذا متفق عليه ونقله المحاملي في المجموع عن عامة أهل العلم قال أصحابنا : وفيه فائدة أخرى وهي أنه ربما لم يسمع إنسان صوته لصمم أو بعد أو غيرهما فيستدل بأصبعيه على أذانه ، فإن كان في إحدى يديه علة تمنعه من ذلك جعل الأصبع الأخرى في صماخه ولا يستحب . صرح به وضع الأصبع في الأذن في الإقامة الروياني في الحلية وغيره والله أعلم .
( فرع ) لو أجزأه ولا كراهة فيه إن كان مسافرا ، فإن كان غير مسافر كره ، والإقامة أشد كراهة ، والأولى أن يقيمها المسافر بعد نزوله ; لأنه لا بد من نزوله للفريضة ، هكذا قاله الأصحاب . ولو أذن راكبا وأقام الصلاة راكبا قال صاحب الحاوي : إن انتهى في آخر أذانه إلى حيث لا يسمعه من كان في موضع ابتدائه لم يجزه ، وإن كان يسمعه أجزأه . هذا كلامه ، وفيه نظر ، ويحتمل أن يجزئه في الحالين . أذن إنسان ماشيا ،