الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 123 ] قال المصنف رحمه الله تعالى ( nindex.php?page=treesubj&link=22714والمستحب لمن سمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول إلا في الحيعلتين فإنه يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله لما روى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=10337إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، فقال أحدكم : الله أكبر الله أكبر ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، فقال : أشهد أن محمدا رسول الله ، ثم قال : حي على الصلاة ، فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : حي على الفلاح ، فقال : لا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : الله أكبر الله أكبر ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، ثم قال : لا إله إلا الله فقال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة . } فإن سمع ذلك وهو في الصلاة لم يأت بها في الصلاة فإذا فرغ أتى بها ، فإن كان في قراءة أتى بها ، ثم رجع إلى القراءة لأنها تفوت ، والقراءة لا تفوت ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لما روى nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10143إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا } ثم يسأل الله تعالى الوسيلة فيقول : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت [ سيدنا ] محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36933من قال حين يسمع النداء ذلك حلت له شفاعتي يوم القيامة } وإن كان الأذان للمغرب قال : " اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعاتك اغفر لي " ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها أن تقول ذلك ، ويدعو الله تعالى بين الأذان والإقامة لما روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11027إن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة } ) .
( الشرح ) حديثا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم رواهما nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم باللفظ الذي ذكره ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظه هذا ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رواه أبو داود والترمذي ، وفي إسناده مجهول ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رواه أبو داود والترمذي ، وقال حديث حسن . وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36930من قال حين يسمع المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا [ ص: 124 ] عبده ورسوله ، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه } وقوله : الوسيلة هي منزلة في الجنة ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10143إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة } .
وقوله : الدعوة التامة هي بفتح الدال وهي دعوة الأذان سميت دعوة تامة لكمالها وعظم موقعها وسلامتها من نقص يتطرق إلى غيرها ، وقوله : الصلاة القائمة أي : التي ستقوم أي : تقام وتحضر ، قوله : مقاما محمودا وهكذا هو في المهذب مقاما محمودا بالتنكير ، وكذا هو في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وجميع كتب الحديث ، وهو صحيح ويكون قوله : الذي وعدته بدلا منه ، أو منصوبا بفعل محذوف تقديره أعني الذي وعدته ، أو مرفوعا خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو الذي وعدته .
وأما ما وقع في التنبيه وكثير من كتب الفقه " المقام المحمود " فليس بصحيح في الرواية وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم التأدب مع القرآن ، وحكاية لفظه في قول الله عز وجل : { nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } فينبغي أن يحافظ على هذا وقوله صلى الله عليه وسلم " حلت له شفاعتي " أي : غشيته ونالته ونزلت به وقيل حقت له .
( أما أحكام الفصل ) فقال أصحابنا nindex.php?page=treesubj&link=22724يستحب للمؤذن أن يقول بعد فراغ أذانه هذه الأذكار المذكورة من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة والدعاء بين الأذان والإقامة ، والدعاء عند أذان المغرب ، nindex.php?page=treesubj&link=22714ويستحب لسامعه أن يتابعه في ألفاظ الأذان ويقول عند الحيعلتين " لا حول ولا قوة إلا بالله " فإذا فرغ من متابعته استحب له أيضا أن يقول هذه الأذكار المذكورة كلها ، ويقول nindex.php?page=treesubj&link=22714إذا سمع قول المؤذن " الصلاة خير من النوم " صدقت وبررت هذا هو المشهور . وحكى الرافعي وجها أنه يقول : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة خير من النوم . ويستحب أن يتابعه [ ص: 125 ] في ألفاظ الإقامة ، إلا أنه يقول في كلمة الإقامة أقامها الله وأدامها . هكذا قطع به الأصحاب ، إلا الغزالي فحكى في البسيط عن صاحب التقريب وجها أنه لا يستحب متابعته إلا في كلمة الإقامة .
وهذا شاذ ضعيف . قال أصحابنا : ويستحب أن يتابع المؤذن في كل كلمة عقب فراغ المؤذن منها ولا يقارنه ولا يؤخر عن فراغه من الكلمة ، ويدل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ويقول " لا حول ولا قوة إلا بالله " أربع مرات في الأذان ، ومرتين في الإقامة فيقولها عقب كل مرة من قول المؤذن " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " ويقول في التثويب صدقت وبررت مرتين ، ذكرهالروياني في الحلية . وغيره . وتستحب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ ، ثم سؤال الوسيلة بعدها للمؤذن والسامع ، وكذا الدعاء بين الأذان والإقامة يستحب لهما ولغيرهما . قال أصحابنا : وإنما استحب للمتابع أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين ليدل على رضاه به وموافقته في ذلك ، وأما الحيعلة فدعاء إلى الصلاة ، وهذا لا يليق بغير المؤذن فاستحب للمتابع ذكر آخر ، فكان لا حول ولا قوة إلا بالله ; لأنه تفويض محض إلى الله تعالى . وثبت في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30730لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة } قال أصحابنا : ويستحب متابعته لكل سامع من طاهر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير ; لأنه ذكر . وكل هؤلاء من أهل الذكر ، ويستثنى من هذا المصلي ومن هو على الخلاء والجماع ، فإذا فرغ من الخلاء والجماع تابعه ، صرح به صاحب الحاوي وغيره ، فإذا سمعه وهو في قراءة أو ذكر أو درس علم أو نحو ذلك قطعه وتابع المؤذن ، ثم عاد إلى ما كان عليه إن شاء .
. وإن كان في صلاة فرض أو نفل قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : nindex.php?page=treesubj&link=22714لا يتابعه في الصلاة فإذا فرغ منها قاله .
وحكى الخراسانيون في استحباب متابعته في حال الصلاة قولا . وهو شاذ ضعيف ، فإذا قلنا بالمذهب أنه لا يتابعه فتابعه فقولان ، أصحهما يكره ، والثاني : أنه خلاف الأولى . وقيل إنه مباح لا يستحب فعله ولا تركه ولا يكره ، وهذا اختيار الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13272أبي علي السنجي وإمام الحرمين والمذهب [ ص: 126 ] كراهته . فإذا تابعه في ألفاظ الأذكار وقال في الحيعلتين : لا حول ولا قوة إلا بالله لم تبطل صلاته ; لأنها أذكار والصلاة لا يبطلها الأذكار . وإن قال في الحيعلة حي على الصلاة حي على الفلاح ، فهذا كلام آدمي ، فإن كان عالما بأنه في الصلاة وأن هذا كلام آدمي بطلت صلاته ، وإن كان ناسيا للصلاة لم تبطل ، وإن كان عالما بالصلاة جاهلا بأن ذلك كلام آدمي وأنه ممنوع منه ففي بطلان صلاته وجهان حكاهما nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين في تعليقه وغيره ، أصحهما لا تبطل ، وبه قطع الأكثرون ، منهم الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وصاحب الحاوي والمحاملي وصاحب الشامل والإبانة والمتولي وصاحب العدة . قالوا : ويسجد للسهو الناسي وكذا الجاهل إذا لم تبطلها ; لأنه تكلم في صلاته ناسيا . قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين ولو قال في متابعته في التثويب صدقت وبررت فهو كقوله : حي على الصلاة ; لأنه كلام آدمي ، قال وكذا لو قال مثله : الصلاة خير من النوم ، قال : ولو قال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تبطل صلاته . ولو قال : قد قامت الصلاة بطلت صلاته ، كما لو قال حضرت الصلاة ، ولو قال أقامها الله أو اللهم أقمها وأدمها لم تبطل صلاته . هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي وهو كما قال . واتفقوا على أنه لا يتابعه إذا كان في أثناء قراءة الفاتحة فإن ذلك مكروه ، وممن نقل الاتفاق عليه إمام الحرمين قالوا : فلو تابع فيها وجب استئناف القراءة بلا خلاف ; لأنه غير مستحب بخلاف ما لو أمن فيها لتأمين الإمام فإنه لا يوجب الاستئناف على الأصح ; لأن التأمين مستحب قال صاحب الشامل : قال nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق وليس التأكيد في متابعة المؤذن بعد فراغ المصلي كالتأكيد في متابعة من ليس هو في صلاة . قال صاحب الحاوي ولو سمعه وهو في الطواف تابعه وهو على طوافه ; لأن الطواف لا يمنع الكلام .
( فرع ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=22714سمع مؤذنا بعد مؤذن ، هل يختص استحباب المتابعة بالأول ؟ أم يستحب متابعة كل مؤذن ؟ فيه خلاف للسلف حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض في شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، ولم أر فيه شيئا لأصحابنا ، والمسألة محتملة ، والمختار أن يقال : المتابعة سنة متأكدة يكره تركها لصريح الأحاديث الصحيحة بالأمر بها ، وهذا يختص بالأول ; لأن الأمر لا يقتضي التكرار ، وأما أصل الفضيلة والثواب في المتابعة فلا يختص والله أعلم .
[ ص: 127 ] فرع ) مذهبنا أن nindex.php?page=treesubj&link=22714المتابعة سنة ليست بواجبة وبه قال جمهور العلماء ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي خلافا لبعض السلف في إيجابها وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض .
( فرع ) مذهبنا ومذهب الجمهور أنه nindex.php?page=treesubj&link=22714يتابع المؤذن في جميع الكلمات . وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك روايتان إحداها كالجمهور ، والثانية يتابعه إلى آخر الشهادتين فقط ; لأنه ذكر لله تعالى وما بعده بعضه ليس بذكر وبعضه تكرار لما سبق ، وحجة الجمهور حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه .
( فرع ) لم أر لأصحابنا كلاما في أنه nindex.php?page=treesubj&link=22714هل يستحب متابعة المؤذن في الترجيع أم لا ؟ ويحتمل أن يقال لا يستحب ; لأنه لا يسمعه ، ويحتمل أن يقال يستحب لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=10143إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول } والترجيع مما يقول ، ولم يقل فقولوا مثل ما تسمعون ، وهذا الاحتمال أظهر وأحوط .
( فرع ) من nindex.php?page=treesubj&link=22714رأى المؤذن وعلم أنه يؤذن ولم يسمعه لبعد أو صمم الظاهر أنه لا تشرع له المتابعة ; لأن المتابعة معلقة بالسماع ، والحديث مصرح باشتراطه ، وقياسا على تشميت العاطس فإنه لا يشرع إلا لمن يسمع تحميده . ( فرع ) لمن nindex.php?page=treesubj&link=22714سمع المؤذن ولم يتابعه حتى فرغ ، لم أر لأصحابنا تعرضا له ; لأنه هل يستحب تدارك المتابعة ؟ والظاهر أنه يتدارك على القرب ولا يتدارك بعد طول الفصل ، وقد قال إمام الحرمين لو سمعه وهو في الصلاة فلم يتابعه ينبغي أن يأتي بالأذكار بمجرد السلام . فلو طال الفصل فهو كترك سجود السهو ، فيه تفصيل في موضعه .
( فرع ) قد ذكرنا أن مذهبنا المشهور أنه nindex.php?page=treesubj&link=22714يكره للمصلي متابعته في الصلاة ، وسواء صلاة الفرض والنفل ، وبه قال جماعة من السلف . وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ثلاث روايات إحداها يتابعه ، والثانية يتابعه في النافلة دون الفرض .
( الشرح ) حديثا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم رواهما nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم باللفظ الذي ذكره ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بلفظه هذا ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رواه أبو داود والترمذي ، وفي إسناده مجهول ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رواه أبو داود والترمذي ، وقال حديث حسن . وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36930من قال حين يسمع المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا [ ص: 124 ] عبده ورسوله ، رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه } وقوله : الوسيلة هي منزلة في الجنة ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { nindex.php?page=hadith&LINKID=10143إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة } .
وقوله : الدعوة التامة هي بفتح الدال وهي دعوة الأذان سميت دعوة تامة لكمالها وعظم موقعها وسلامتها من نقص يتطرق إلى غيرها ، وقوله : الصلاة القائمة أي : التي ستقوم أي : تقام وتحضر ، قوله : مقاما محمودا وهكذا هو في المهذب مقاما محمودا بالتنكير ، وكذا هو في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وجميع كتب الحديث ، وهو صحيح ويكون قوله : الذي وعدته بدلا منه ، أو منصوبا بفعل محذوف تقديره أعني الذي وعدته ، أو مرفوعا خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو الذي وعدته .
وأما ما وقع في التنبيه وكثير من كتب الفقه " المقام المحمود " فليس بصحيح في الرواية وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم التأدب مع القرآن ، وحكاية لفظه في قول الله عز وجل : { nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } فينبغي أن يحافظ على هذا وقوله صلى الله عليه وسلم " حلت له شفاعتي " أي : غشيته ونالته ونزلت به وقيل حقت له .
( أما أحكام الفصل ) فقال أصحابنا nindex.php?page=treesubj&link=22724يستحب للمؤذن أن يقول بعد فراغ أذانه هذه الأذكار المذكورة من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة والدعاء بين الأذان والإقامة ، والدعاء عند أذان المغرب ، nindex.php?page=treesubj&link=22714ويستحب لسامعه أن يتابعه في ألفاظ الأذان ويقول عند الحيعلتين " لا حول ولا قوة إلا بالله " فإذا فرغ من متابعته استحب له أيضا أن يقول هذه الأذكار المذكورة كلها ، ويقول nindex.php?page=treesubj&link=22714إذا سمع قول المؤذن " الصلاة خير من النوم " صدقت وبررت هذا هو المشهور . وحكى الرافعي وجها أنه يقول : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة خير من النوم . ويستحب أن يتابعه [ ص: 125 ] في ألفاظ الإقامة ، إلا أنه يقول في كلمة الإقامة أقامها الله وأدامها . هكذا قطع به الأصحاب ، إلا الغزالي فحكى في البسيط عن صاحب التقريب وجها أنه لا يستحب متابعته إلا في كلمة الإقامة .
وهذا شاذ ضعيف . قال أصحابنا : ويستحب أن يتابع المؤذن في كل كلمة عقب فراغ المؤذن منها ولا يقارنه ولا يؤخر عن فراغه من الكلمة ، ويدل عليه حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ويقول " لا حول ولا قوة إلا بالله " أربع مرات في الأذان ، ومرتين في الإقامة فيقولها عقب كل مرة من قول المؤذن " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " ويقول في التثويب صدقت وبررت مرتين ، ذكرهالروياني في الحلية . وغيره . وتستحب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ ، ثم سؤال الوسيلة بعدها للمؤذن والسامع ، وكذا الدعاء بين الأذان والإقامة يستحب لهما ولغيرهما . قال أصحابنا : وإنما استحب للمتابع أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين ليدل على رضاه به وموافقته في ذلك ، وأما الحيعلة فدعاء إلى الصلاة ، وهذا لا يليق بغير المؤذن فاستحب للمتابع ذكر آخر ، فكان لا حول ولا قوة إلا بالله ; لأنه تفويض محض إلى الله تعالى . وثبت في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30730لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة } قال أصحابنا : ويستحب متابعته لكل سامع من طاهر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير ; لأنه ذكر . وكل هؤلاء من أهل الذكر ، ويستثنى من هذا المصلي ومن هو على الخلاء والجماع ، فإذا فرغ من الخلاء والجماع تابعه ، صرح به صاحب الحاوي وغيره ، فإذا سمعه وهو في قراءة أو ذكر أو درس علم أو نحو ذلك قطعه وتابع المؤذن ، ثم عاد إلى ما كان عليه إن شاء .
. وإن كان في صلاة فرض أو نفل قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : nindex.php?page=treesubj&link=22714لا يتابعه في الصلاة فإذا فرغ منها قاله .
وحكى الخراسانيون في استحباب متابعته في حال الصلاة قولا . وهو شاذ ضعيف ، فإذا قلنا بالمذهب أنه لا يتابعه فتابعه فقولان ، أصحهما يكره ، والثاني : أنه خلاف الأولى . وقيل إنه مباح لا يستحب فعله ولا تركه ولا يكره ، وهذا اختيار الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13272أبي علي السنجي وإمام الحرمين والمذهب [ ص: 126 ] كراهته . فإذا تابعه في ألفاظ الأذكار وقال في الحيعلتين : لا حول ولا قوة إلا بالله لم تبطل صلاته ; لأنها أذكار والصلاة لا يبطلها الأذكار . وإن قال في الحيعلة حي على الصلاة حي على الفلاح ، فهذا كلام آدمي ، فإن كان عالما بأنه في الصلاة وأن هذا كلام آدمي بطلت صلاته ، وإن كان ناسيا للصلاة لم تبطل ، وإن كان عالما بالصلاة جاهلا بأن ذلك كلام آدمي وأنه ممنوع منه ففي بطلان صلاته وجهان حكاهما nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين في تعليقه وغيره ، أصحهما لا تبطل ، وبه قطع الأكثرون ، منهم الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد وصاحب الحاوي والمحاملي وصاحب الشامل والإبانة والمتولي وصاحب العدة . قالوا : ويسجد للسهو الناسي وكذا الجاهل إذا لم تبطلها ; لأنه تكلم في صلاته ناسيا . قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين ولو قال في متابعته في التثويب صدقت وبررت فهو كقوله : حي على الصلاة ; لأنه كلام آدمي ، قال وكذا لو قال مثله : الصلاة خير من النوم ، قال : ولو قال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تبطل صلاته . ولو قال : قد قامت الصلاة بطلت صلاته ، كما لو قال حضرت الصلاة ، ولو قال أقامها الله أو اللهم أقمها وأدمها لم تبطل صلاته . هذا كلام nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي وهو كما قال . واتفقوا على أنه لا يتابعه إذا كان في أثناء قراءة الفاتحة فإن ذلك مكروه ، وممن نقل الاتفاق عليه إمام الحرمين قالوا : فلو تابع فيها وجب استئناف القراءة بلا خلاف ; لأنه غير مستحب بخلاف ما لو أمن فيها لتأمين الإمام فإنه لا يوجب الاستئناف على الأصح ; لأن التأمين مستحب قال صاحب الشامل : قال nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق وليس التأكيد في متابعة المؤذن بعد فراغ المصلي كالتأكيد في متابعة من ليس هو في صلاة . قال صاحب الحاوي ولو سمعه وهو في الطواف تابعه وهو على طوافه ; لأن الطواف لا يمنع الكلام .
( فرع ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=22714سمع مؤذنا بعد مؤذن ، هل يختص استحباب المتابعة بالأول ؟ أم يستحب متابعة كل مؤذن ؟ فيه خلاف للسلف حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض في شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، ولم أر فيه شيئا لأصحابنا ، والمسألة محتملة ، والمختار أن يقال : المتابعة سنة متأكدة يكره تركها لصريح الأحاديث الصحيحة بالأمر بها ، وهذا يختص بالأول ; لأن الأمر لا يقتضي التكرار ، وأما أصل الفضيلة والثواب في المتابعة فلا يختص والله أعلم .
[ ص: 127 ] فرع ) مذهبنا أن nindex.php?page=treesubj&link=22714المتابعة سنة ليست بواجبة وبه قال جمهور العلماء ، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي خلافا لبعض السلف في إيجابها وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض .
( فرع ) مذهبنا ومذهب الجمهور أنه nindex.php?page=treesubj&link=22714يتابع المؤذن في جميع الكلمات . وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك روايتان إحداها كالجمهور ، والثانية يتابعه إلى آخر الشهادتين فقط ; لأنه ذكر لله تعالى وما بعده بعضه ليس بذكر وبعضه تكرار لما سبق ، وحجة الجمهور حديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه .
( فرع ) لم أر لأصحابنا كلاما في أنه nindex.php?page=treesubj&link=22714هل يستحب متابعة المؤذن في الترجيع أم لا ؟ ويحتمل أن يقال لا يستحب ; لأنه لا يسمعه ، ويحتمل أن يقال يستحب لقوله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=10143إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول } والترجيع مما يقول ، ولم يقل فقولوا مثل ما تسمعون ، وهذا الاحتمال أظهر وأحوط .
( فرع ) من nindex.php?page=treesubj&link=22714رأى المؤذن وعلم أنه يؤذن ولم يسمعه لبعد أو صمم الظاهر أنه لا تشرع له المتابعة ; لأن المتابعة معلقة بالسماع ، والحديث مصرح باشتراطه ، وقياسا على تشميت العاطس فإنه لا يشرع إلا لمن يسمع تحميده . ( فرع ) لمن nindex.php?page=treesubj&link=22714سمع المؤذن ولم يتابعه حتى فرغ ، لم أر لأصحابنا تعرضا له ; لأنه هل يستحب تدارك المتابعة ؟ والظاهر أنه يتدارك على القرب ولا يتدارك بعد طول الفصل ، وقد قال إمام الحرمين لو سمعه وهو في الصلاة فلم يتابعه ينبغي أن يأتي بالأذكار بمجرد السلام . فلو طال الفصل فهو كترك سجود السهو ، فيه تفصيل في موضعه .
( فرع ) قد ذكرنا أن مذهبنا المشهور أنه nindex.php?page=treesubj&link=22714يكره للمصلي متابعته في الصلاة ، وسواء صلاة الفرض والنفل ، وبه قال جماعة من السلف . وعن nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك ثلاث روايات إحداها يتابعه ، والثانية يتابعه في النافلة دون الفرض .