الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون

                                                                                                                                                                                                                                      150 - ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وهذا التكرير لتأكيد أمر القبلة وتشديده; لأن النسخ من مظان الفتنة والشبهة، فكرر عليهم ليثبتوا، على أنه نيط بكل واحد ما لم ينط بالآخر، فاختلفت فوائدها لئلا يكون للناس عليكم حجة أي: قد عرفكم الله جل ذكره أمر الاحتجاج في القبلة بما قد بين فى قوله: ولكل وجهة هو موليها لئلا يكون للناس لليهود عليكم حجة في خلاف ما في التوراة من تحويل القبلة. وأطلق اسم الحجة على قول المعاندين; لأنهم يسوقونه سياق الحجة إلا الذين ظلموا منهم استثناء من الناس، أي: لئلا يكون حجة لأحد من اليهود إلا المعاندين منهم، القائلين: ما ترك قبلتنا إلىالكعبة إلا ميلا إلى دين قومه، وحبا لبلده، ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء عليهم السلام، أو معناه: لئلا يكون للعرب عليكم حجة واعتراض في ترككم التوجه إلى الكعبة، التي هي قبلة إبراهيم وإسماعيل أبي العرب إلا الذين ظلموا منهم وهم أهل مكة حين يقولون: بدا له فرجع إلى قبلة آبائه، ويوشك أن يرجع إلى [ ص: 143 ] دينهم، ثم استأنف منبها بقوله: فلا تخشوهم فلا تخافوا مطاعنهم في قبلتكم، فإنهم لا يضرونكم واخشوني فلا تخالفوا أمري ولأتم نعمتي عليكم أي: عرفتكم لئلا يكون عليكم حجة، ولأتم نعمتي عليكم بهدايتي إياكم إلى الكعبة، ولعلكم تهتدون ولكي تهتدوا إلى قبلة إبراهيم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية