الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( nindex.php?page=treesubj&link=1510وإن كان ممن لا يعرف الدلائل نظرت فإن كان ممن إذا عرف يعرف ، والوقت واسع ، لزمه أن يتعرف بالدلائل ويجتهد في طلبها ; لأنه يمكنه أداء الفرض بالاجتهاد فلا يؤديه بالتقليد وإن كان ممن إذا عرف لا يعرف فهو كالأعمى لا فرق بين أن يعرف لعدم البصر وبين أن لا يعرف لعدم البصيرة ، وفرضهما التقليد ; لأنه لا يمكنهما الاجتهاد ، فكان فرضهما التقليد كالعامي في أحكام الشريعة . وإن صلى من غير تقليد وأصاب لم تصح صلاته ; لأنه صلى وهو شاك في صلاته فإن اختلف عليه اجتهاد رجلين قلد أوثقهما وأبصرهما ، فإن قلد الآخر جاز ، وإن عرف الأعمى القبلة باللمس صلى وأجزأه ; لأن ذلك بمنزلة التقليد ، وإن قلد غيره ودخل في الصلاة ثم أبصر - فإن كان هناك ما يعرف به القبلة من محراب [ في ] مسجد أو نجم يعرف به - أتم صلاته ، وإن لم يكن شيء من ذلك بطلت صلاته ; لأنه صار من أهل الاجتهاد فلا يجوز أن يصلي بالتقليد ، وإن لم يجد من فرضه التقليد من يقلده صلى على حسب حاله حتى لا يخلو الوقت من الصلاة ، فإذا وجد من يقلده أعاد ) .
( إحداها ) قد سبق بيان الخلاف في أن تعلم أدلة القبلة فرض عين أم كفاية ، فإذا nindex.php?page=treesubj&link=1510لم يعرف القبلة ولا دلائلها فإن كان يمكنه التعلم والوقت واسع فإن قلنا : التعلم فرض عين - لزمه التعلم ، فإن ترك التعلم وقلد لم تصح صلاته ; لأنه ترك وظيفته في الاستقبال ، فعلى هذا إن ضاق الوقت عن التعلم فهو كالعالم إذا تحير وسنذكره في الفصل الذي يليه إن شاء الله تعالى . وإن قلنا التعلم ليس بفرض عين صلى بالتقليد ولا يعيد كالأعمى . وقد جزم المصنف بالأول .
[ ص: 210 ] الثانية ) nindex.php?page=treesubj&link=1510إذا لم يعرف القبلة وكان ممن لا يتأتى منه التعلم لعدم أهليته أو لم يجد من يتعلم منه وضاق الوقت أو كان أعمى ففرضهم التقليد ، وهو قول الغير المستند إلى اجتهاد ، فلو قال بصير : رأيت القطب ، أو رأيت الخلق العظيم من المصلين يصلون إلى هنا ، كان الأخذ به قبول خبر لا تقليدا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب رحمهم الله : وشرط الذي يقلده أن يكون بالغا عاقلا مسلما ثقة عارفا بالأدلة ، سواء فيه اجتهاد الرجل والمرأة والعبد ، وفي وجه شاذ له تقليد صبي مميز حكاه الرافعي فإن اختلف عليه اجتهاد مجتهدين قلد من شاء منهما على الصحيح المنصوص وبه قطع المصنف والجمهور والأولى تقليد الأوثق والأعلم ، وهو مراد المصنف بقوله : ( أبصرهما ) وفيه وجه أنه يجب ذلك . وقيل يصلي إلى الجهتين مرتين حكاه .
( الثالثة ) nindex.php?page=treesubj&link=1515إذا عرف الأعمى القبلة باللمس بأن لمس المحراب في الموضع الذي يجوز اعتماده المحراب على ما سبق صلى إليه ولا إعادة وقد سبق بيان هذا وما يتعلق به .
( الرابعة ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=1515دخل الأعمى والجاهل الذي هو كالأعمى في الصلاة بالتقليد ثم أبصر الأعمى أو عرف الجاهل الأدلة فإن كان هناك ما يعتمده من محراب أو نجم أو خبر ثقة أو غيرها استمر في صلاته ولا إعادة ، وإن لم يكن شيء من ذلك واحتاج إلى الاجتهاد بطلت صلاته .
( الخامسة ) إذا nindex.php?page=treesubj&link=1504لم يجد من فرضه التقليد من يقلده وجب عليه أن يصلي لحرمة الوقت على حسب حاله وتلزمه الإعادة ; لأنه عذر نادر .