الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            بعض أمور دارت بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والنصارى والمنافقين بالمدينة المنورة.

            لقد أخذ الله تعالى العهد على الأمم السابقة ومنهم اليهود على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقد أقروا بذلك فقال : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين

            بل كانت اليهود يستفتحون على كفار المدينة وغيرهم وكانوا يدعون الله أن يبعثه ليقاتلوا به العرب وكانوا كثيرا ما يذكرون ذلك للعرب، فلما أكرم الله العرب بأن خرج النبي صلى الله عليه وسلم منهم ناصبته اليهود العدواة وكفروا بما كانوا يؤمنون به من قبل.

            وقد دأبت يهود على كتمان ما أنزل الله سبحانه لاسيما ما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم وصفته وقد وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ولما من الله تعالى بالنصر في غزوة بدر جمع بني القينقاع في سوق المدينة ودعاهم إلى الإسلام وحذرهم من مصير كمصير قريش فردوا عليه بأسوء رد قبحهم الله.

            وقد كان من أشهر اليهود عداوة للنبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه: حيي بن أخطب، وأخواه أبو ياسر وجدي ابنا أخطب، وسلام بن مشكم، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وسلام بن أبي الحقيق وكعب بن الأشرف... وغيرهم.

            ورغم ما كان عليه اليهود من العداوة إلا أن منهم من أسلم كعبد الله بن سلام رضي الله عنه، وله قصة في إسلامه ومدح اليهود إياه أمام النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذمه عندما علموا بإسلامه، وكمخيريق الذي قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم في أحد حتى قتل وقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: مخيريق خير اليهود .

            كما أسلم جماعة من أحبار يهود تقية ونفاقا، منهم سعد بن حنيف، وزيد بن اللصيت ، ورافع بن حريملة وغيرهم.

            كما دأبت يهود على اختبار النبي صلى الله عليه وسلم بالأسئلة التي لا يعرفها إلا نبي فكان مما سألوا عنه النبي صلى الله عليه وسلم: كيف يشبه الولد أمه وإنما النطفة من الرجل، وكيف نومك، وسألوه عما حرم إسرائيل على نفسه، وعن الروح.

            فأتى الوحي بالإجابة إلا أن من شاء الله هداه ومن شاء أضله وعماه.

            كما دأبت يهود على محاولة إثارة الفتنة بين المؤمنين كما حدث من شاس بن قيس ومحاولته الإيقاع بين الأوس والخزرج حتى كاد يقع بينهما شر.

            وقد بالغ اليهود بالشر حتى إنهم نسبوا إلى الله سبحانه النقص - تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيرا - كما افتروا عليه كذبا فقالوا ما أنزل الله على بشر من شيء، وقد نزل القرآن بتكذيبهم وتناقضهم، وقد بلغت بهم العداوة إلى سحر النبي صلى الله عليه وسلم وقد نجاه الله منهم وأبطل سحرهم.

            هذا وقد وقع من أحبار يهود ما يدل على ما كانوا عليه من الضلال، فادعوا قلة العذاب يوم القيامة وأنه سبعة أيام، كما أنكروا نبوة سليمان عليه السلام، ونبوة عيسى عليه السلام، ومنهم من طلب أن يكلمه الله تعالى، كما أنكروا نزول الوحي بعد موسى عليه السلام، وادعوا أنهم أحباء الله مع ادعائهم أن عزيرا ابن الله - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا سبحانه - وحاولوا الغدر بالنبي صلى الله عليه وسلم وقتله، إلى غير ذلك من أنواع الضلال.

            ومما تجدر الإشارة إليه أن عددا من المنافقين من الأوس والخزرج قد مالوا إلى اليهود واتخذوهم بطانة لهم من دون المؤمنين، ومن هؤلاء المنافقين: الحارث بن سويد، وجلاس بن سويد بن الصامت، ومعتب بن قشير، وثعلبة بن حاطب وعبد الله بن أبي ابن سلول وغيرهم.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية