الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قال فرعون وما رب العالمين

                                                                                                                                                                                                لما قال له بوابه إن ها هنا من يزعم أنه رسول رب العالمين قال له عند دخوله : وما رب العالمين يريد : أي شيء رب العالمين . وهذا السؤال لا يخلو : إما أن يريد به أي شيء هو من الأشياء التي شوهدت وعرفت أجناسها ، فأجاب بما يستدل به عليه من أفعاله الخاصة ، ليعرفه أنه ليس بشيء مما شوهد وعرف من الأجرام والأعراض ، وأنه شيء مخالف لجميع الأشياء ، ليس كمثله شيء [الشورى : 11 ] وإما أن يريد به : أي شيء هو على الإطلاق ، تفتيشا عن حقيقته الخاصة ما هي ، فأجابه بأن الذي إليه سبيل وهو الكافي في معرفته معرفة ثباته بصفاته ، استدلالا بأفعاله الخاصة على ذلك . وأما التفتيش عن حقيقته الخاصة التي هي فوق فطر العقول ، فتفتيش عما لا سبيل إليه ، والسائل عنه متعنت غير طالب للحق . والذي يليق بحال فرعون ويدل عليه الكلام : أن يكون سؤاله هذا إنكارا لأن يكون للعالمين رب سواه لادعائه الإلهية ، فلما أجاب موسى بما أجاب ، عجب قومه من جوابه حيث نسب الربوبية إلى غيره ، فلما ثنى بتقرير قوله ، جننه إلى قومه وطنز به ، حيث سماه رسولهم ، فلما ثلث بتقرير آخر : احتد واحتدم وقال : لئن اتخذت إلها غيري . وهذا يدل على صحة هذا الوجه الأخير .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية