الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            إفاضته ، عليه الصلاة والسلام ، من عرفات إلى المشعر الحرام

            .

            فلما غربت الشمس واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصفرة أفاض من عرفة ، وأردف أسامة بن زيد خلفه ، وأفاض بالسكينة ، وضم إليه زمام ناقته القصواء حتى إن رأسها ليصيب طرف رجله ، وهو يقول : «أيها الناس عليكم السكينة ، فإن البر ليس بالإيضاع» ، أي ليس بالإسراع ، وأفاض من طريق المأزمين وكان دخل مكة من طريق ضب» .

            قلت : وفي حديث ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أفاض من عرفات وهو يقول :


            «إليك تغدو قلفا وضينها مخالفا دين النصارى دينها»

            رواه الطبراني وقال : المشهور في الرواية أنه من فعل ابن عمر أي : لا مرفوعا ، والله تعالى أعلم .

            ثم جعل يسير العنق وهو ضرب من السير ليس بالسريع ولا البطيء ، فإذا وجد فجوة- وهو المتسع- نص سيره أي رفعه فوق ذلك وكلما أتى ربوة من تلك الربى أرخى للناقة- وهي العضباء- زمامها قليلا حتى تصعد ، وكان يلبي في مسيره ذلك لا يقطع التلبية ، فلما كان في أثناء الطريق مال إلى الشعب وهو شعب الأذاخر عن يسار الطريق بين المأزمين- نزل- صلى الله عليه وسلم- فبال وتوضأ خفيفا ، فقال أسامة : الصلاة يا رسول الله : فقال : «الصلاة أمامك» ، ثم سار حتى أتى المزدلفة .

            قلت : نزل قريبا من النار التي على قزح فتوضأ وضوء الصلاة ، ثم أمر بالأذان فأذن المؤذن ، ثم أقام الصلاة فصلى المغرب قبل حط الرحال ، وتبريك الجمال ، فلما حطوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة ، ثم صلى العشاء الآخرة بإقامة بلا أذان ، ولم يصل بينهما شيئا وقد روي : أنه صلاهما بأذانين وإقامتين ، وروي بإقامتين بلا أذان ، والصحيح : أنه صلاهما بأذان وإقامتين ، كما فعل بعرفة .

            ثم نام حتى أصبح ، ولم يحي تلك الليلة ، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية