1118 [ ص: 63 ] ( 3 ) باب ما جاء في الصداق والحباء
1069 - مالك ، عن ، عن أبي حازم بن دينار ; [ ص: 64 ] سهل بن سعد الساعدي " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة فقالت : يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك . فقامت قياما طويلا . فقام رجل ، فقال : يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " هل عندك من شيء تصدقها إياه ؟ " فقال : ما عندي إلا إزاري هذا . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن أعطيتها إياه ، جلست لا إزار لك . فالتمس شيئا " فقال : ما أجد شيئا . قال : " التمس ولو خاتما من حديد " فالتمس فلم يجد شيئا . فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " هل معك من القرآن من شيء ؟ " فقال : نعم . معي سورة كذا ، وسورة كذا ، لسور سماها . فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " قد أنكحتكها بما معك من القرآن
التالي
السابق
[ ص: 65 ] 23345 - قال أبو عمر : هذا الحديث يدخل في التفسير المسند في قوله عز وجل : وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي [ الأحزاب : 50 ] .
23346 - - صلى الله عليه وسلم - قال الله عز وجل : والموهوبة بلا صداق خص بها النبي خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم [ الأحزاب : 50 ] يعني من الصداق ، فلا بد لكل مسلم من صداق - قل أو كثر - على حسب ما للعلماء في ذلك من التحديد في قليله دون كثيره ، فإنهم لم يختلفوا في الكثير منه لقول الله عز وجل : وآتيتم إحداهن قنطارا الآية [ النساء : 20 ] .
23347 - وفي القياس أن ، إلا أن الله - عز وجل - خص النساء بالمهور المعلومات ثمنا لأبضاعهن ، قال الله عز وجل : كل ما يجوز بيعه والبدل منه والمعاوضة عليه [ ص: 66 ] جازت هبته وآتوا النساء صدقاتهن نحلة [ النساء : 4 ] .
23348 - قال أبو عبيدة : عن طيب نفس بها دون جبر وحكومة .
23349 - قال : وما أخذ بالحكام ، فلا يقال له نحلة .
23350 - وقد قيل : إن المخاطبين بهذه الآية هم الآباء ; لأنهم كانوا يستأثرون بمهور بناتهم .
23351 - وقال : سعيد بن المسيب ومكحول ، : وابن شهاب ، صلى الله عليه وسلم . لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي
23352 - وروى ، عن ابن عيينة ، عن أيوب بن موسى ، عن يزيد بن قسيط ، قال : لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو أصدقها سوطا حلت له . سعيد بن المسيب
23353 - ذكره ، ابن أبي شيبة ، وغيرهما ، عن والشافعي . ابن عيينة
23354 - وروى عن وكيع سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، عن ، قال : لو رضيت بسوط كان مهرها . سعيد بن المسيب
23355 - قال أبو عمر : قال الله ، عز وجل : [ ص: 67 ] والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن [ المائدة : 5 ] يعني مهورهن .
23356 - وقال في الإماء : فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف [ النساء : 25 ] يعني صدقاتهن .
23357 - وأجمع علماء المسلمين أنه ، وأنه لا يجوز له وطء في نكاح بغير صداق مسمى ، دينا أو نقدا ، وأن المفوض إليه لا يدخل حتى يسمي صداقا ، فإن وقع الدخول في ذلك ، لزم فيه صداق المثل . لا يجوز لأحد أن يطأ فرجا وهب له دون رقبته
23358 - واختلفوا في ، مثل أن يقول الرجل : قد وهبت لك ابنتي ، أو وليتي ، وسمى صداقا أو لم يسم ، وهو يريد بذلك النكاح : عقد النكاح بلفظ الهبة
23359 - فقال : لا يحل الصداق بهبته بلفظ الهبة ، ولا ينعقد النكاح حتى يقول : قد أنكحتك ، أو زوجتك . الشافعي
23360 - وهو قول ، سعيد بن المسيب وربيعة ، قالا : لا يجوز النكاح بلفظ الهبة .
[ ص: 68 ] 23361 - وهو قول المغيرة ، وابن دينار ، وابن أبي سلمة .
23362 - وبه قال ، أبو ثور وداود ، وغيرهم .
23363 - واختلف في ذلك أصحاب مالك ، واختلفت الرواية عنه في ذلك على قولين :
23364 - ( أحدهما ) : أن النكاح ينعقد بلفظ الهبة إذا أرادوا النكاح ، وفرضوا الصداق .
23365 - ( والثاني ) : كقول ، الشافعي وربيعة .
23366 - وقال ابن القاسم عن مالك : لا تحل الهبة لأحد بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم .
23367 - قال : وإن كانت هبته إياها ليست على نكاح ، وإنما وهبها له ليحضنها ، أو ليكفلها ، فلا أرى بذلك بأسا .
23368 - قال ابن القاسم : وإن وهب ابنته ، وهو يريد إنكاحها ، فلا أحفظه عن مالك ، وهو عندي جائز كالبيع .
23369 - وقال مالك : ، فهو بيع . من قال : أهب لك هذه السلعة على أن تعطيني كذا وكذا
23370 - وإلى هذا ذهب أكثر المتأخرين من المالكيين البغداديين ، قالوا : ، جاز ، وكان نكاحا صحيحا ، [ ص: 69 ] وكان قياسا على البيع . إذا قال الرجل : قد وهبت لك ابنتي على دينار
23371 - وقال أبو حنيفة وأصحابه ، ، والثوري : ينعقد النكاح بلفظ الهبة إذا أشهد عليه ، ولها المهر المسمى إن كان سمى ، وإن لم يسم فلها مهر مثلها . والحسن بن حي
23372 - ومما احتج به أيضا أصحاب أبي حنيفة في هذا أن الطلاق يقع بالتصريح ، وبالكناية ، قالوا فكذلك النكاح .
23373 - قالوا : والذي خص به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعري البضع من العوض ، لا النكاح بلفظ الهبة .
23374 - قال أبو عمر : لما أجمعوا أنه لا تنعقد هبة بلفظ النكاح ، وجب ألا ينعقد النكاح بلفظ الهبة ، وبالله التوفيق .
23375 - ومن جهة النظر ، النكاح مفتقر إلى التصريح ليقع الإشهاد عليه ، وهو ضد الطلاق ، فكيف يقاس عليه .
23376 - وقد أجمعوا أنه ، فكذلك لفظ الهبة . لا ينعقد نكاح بقوله : قد أحللت ، وقد أبحت لك
[ ص: 70 ] 23377 - وفي هذا الحديث دليل على أن ، وأنه يجوز بالقليل ، والكثير مما تصلح به الإجازات والبياعات ، وأنه يجوز بالإجارة والخدمة . مبلغ الصداق غير مقدر
23378 - وهذا كله مختلف فيه ، كما أنهم اختلفوا في النكاح على تعليم القرآن ، ونذكر ذلك كله هاهنا ، إن شاء الله .
23379 - فأما اختلافهم في : مقدار مبلغ الصداق الذي لا يجوز عقد النكاح بدونه
23380 - فقال مالك في آخر هذا الباب : لا أرى أن تنكح المرأة بأقل من ربع دينار ، وذلك أدنى ما يجب فيه القطع .
[ ص: 71 ] 23381 - قال أبو عمر : هذا قول مالك ، وأصحابه ، حاشا ابن وهب ، لا يجوز عندهم أن يكون صداق أقل من ربع دينار ، أو ثلاثة دراهم من الورق كيلا ، أو قيمة ذلك من العروض التي يجوز ملكها .
23382 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا يجوز أقل من عشرة دراهم [ ص: 72 ] كيلا ، قياسا على ما تقطع فيه اليد .
23383 - وكذلك قاسه مالك على ما تقطع اليد عنده فيه .
23384 - وقال له الدراوردي : تعرقت فيها يا أبا عبد الله ؟ يقول : ذهبت فيها مذهب أهل العراق .
23385 - ولا أعلم أحدا قال ذلك بالمدينة قبل مالك .
23386 - واحتجوا لما ذهبوا إليه من ذلك ; بأن البضع عضو مستباح ببدل من المال ، فلا بد أن يكون مقدرا قياسا على قطع اليد .
23387 - واحتجوا أيضا بأن الله - عز وجل - لما شرط عدم الطول في نكاح الإماء ، وأباحه لمن لم يجد طولا ، دل على أن الطول لا يجده كل الناس ، ولو كان الفلس والدانق والقبضة من الشعير ونحو ذلك طولا لما عدمه أحد .
23388 - ومعلوم أن الطول في معنى هذه الآية : المال . ولا يقع اسم مال عندهم على أقل من ثلاثة دراهم ، فوجب أن يمنع من استباحة الفروج باليسير الذي لا يكون طولا .
23389 - قال أبو عمر : هذا كله ليس بشيء ; لأنهم لا يفرقون في مبلغ أقل الصداق بين صداق الحرة والأمة ، والله أعلم .
23390 - وإنما دون الإماء ، وهم لا يجيزون [ ص: 73 ] نكاح الأمة بأقل من ربع دينار كما لا يجيزون شرط الطول في نكاح الحرائر . نكاح الحرة بأقل من ربع دينار
23391 - وأما القياس على قطع اليد ، فقد عارضهم مخالفوهم بقياس مثله ، أذكره بعد ، إن شاء الله عز وجل .
23392 - وأما حجة الكوفيين بحديث جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " فلا معنى لها ; لأنه حديث لا يثبته أحد من أهل العلم بالحديث . لا صداق بأقل من عشرة دراهم
23393 - وما رووه عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : لا صداق أقل من عشرة دراهم ، فإنما يرويه جابر الجعفي ، عن ، عن الشعبي علي .
23394 - وهو منقطع عندهم ضعيف .
23395 - وقال ابن شبرمة : خمسة دراهم ، وفي ذلك تقطع اليد عنده . أقل المهر
[ ص: 74 ] 23396 - وعن النخعي ثلاثة أقاويل :
( أحدها ) : أنه كره أن يتزوج أحد بأقل من أربعين درهما .
23397 - وروي عنه أنه قال : أكره أن يكون مثل مهر البغي ، ولكن العشرة ، والعشرون .
23398 - ( والثالث ) : كقول أبي حنيفة : عشرة دراهم .
23399 - ويحتمل أن تكون أقوال النخعي في ذلك على سبيل الاختيار ; لأنه لا يجوز عنده أقل مما اختاره .
23400 - وكذلك مما روي عن أنه كان يستحب أن يكون المهر خمسين درهما . سعيد بن جبير
23401 - وقال ، سعيد بن المسيب ، وسالم بن عبد الله ، وسليمان بن يسار ، وسائر فقهاء التابعين والقاسم بن محمد بالمدينة : . لا حد في مبلغ الصداق ، ويجوز بما تراضوا عليه من المال
23402 - وهو قول ربيعة ، وأبي الزناد ، ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وعثمان البتي ، والحسن البصري وعبيد الله بن الحسن ، ، وعمرو بن دينار وابن [ ص: 75 ] جريج ، ، وأصحابه ، والشافعي ، ومسلم بن خالد الزنجي ، والليث بن سعد ، والثوري ، والحسن بن صالح بن حي ، وابن أبي ليلى ، وأحمد بن حنبل وإسحاق ، ، وأبي ثور وداود ، . ومحمد بن جرير الطبري
23403 - كلهم يجيز النكاح بقليل المال ، وكثيره .
23404 - إلا أن يعجبه أن لا يكون الصداق أقل من دينار ، أو عشرة دراهم ، ويجيزه بدرهم . الحسن بن حي
23405 - وقال : كل نكاح وقع بدرهم فما فوقه لا ينقضه قاض . الأوزاعي
23406 - قال : من قليل أو كثير . والصداق ما تراضى عليه الزوجان
23407 - وقال : كل ما كان ثمنا لشيء أو أجرة ، جاز أن يكون صداقا . الشافعي
23408 - وقال : لو أصدقها سوطا حلت . سعيد بن المسيب
23409 - وأنكح ابنته بصداق ; درهمين من عبد الله بن وداعة السهمي .
23410 - وقال عبيد الله بن الحسن : الفلس صداق يجب به النكاح ، ولكني أستقبح صداق درهمين .
23411 - وقال ، ربيعة بن أبي عبد الرحمن : يجوز [ ص: 76 ] النكاح على درهم . وعثمان البتي
23412 - وقال أبو الزناد ، : المهر ما تراضى عليه الأهلون . وابن أبي ذئب
23413 - وهو قول ، القاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله . وسليمان بن يسار
23414 - وقال : الثوب والسوط والنعلان صداق إذا رضيت . يحيى بن سعيد الأنصاري
23415 - وكان صاحب عبد الله بن وهب مالك يستحب ألا ينقص الصداق من ربع دينار ، ويجيزه بدرهم ، وبنصف درهم .
23416 - وقد قال ابن القاسم : لو أصدقها درهمين ، ثم طلقها قبل الدخول لم يرجع إلا بدرهم واحد .
23417 - حدثني أحمد بن سعيد بن بشر ، قال : حدثني ابن أبي دحيم ، قال : حدثني ، قال : سمعت ابن وضاح يقول : كان أبا بكر بن أبي شيبة يرى التزويج بدرهم . وكيع بن الجراح
23418 - أخبرنا ، قال : أخبرنا خلف بن قاسم ، قال : حدثني أحمد بن قاسم بن شعبان سليمان بن زكريا ، قال : حدثني ، قال : حدثني خشيش بن أصرم عبد الوارث ، قال : حدثني عمر أن ابن موسى زكريا ، قال [ ص: 77 ] حدثني عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ، عن الزهري عكرمة ، عن ، قال : النكاح جائز على موزة إذا هي رضيت . ابن عباس
23419 - حدثني ، قال : حدثني خلف بن قاسم أبو الورد ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عبد الله اليسري ، قال : جاءنا ، قال : حدثني علي بن خشرم ، قال : سمعت وكيع يقول : إن تراضوا على درهم في المهر فجائز . الثوري
23420 - قال أبو عمر : قوله ، صلى الله عليه وسلم : " " يدل على أن لا تحديد في مبلغ الصداق . التمس ولو خاتما من حديد
23421 - وقد أجمعوا أن لا حد ولا توقيت في أكثره ، فكذلك لا حد في أقله ولا توقيت .
23422 - وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : " " دليل على أن إن أعطيتها إزارك ، جلست لا إزار لك أنه لا يحل له وطؤها ; لأنها ليست له بملك . الرجل إذا أصدق امرأته خادما قبضتها
23423 - وقد قال الله تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون [ المؤمنون : 5 - 7 ] .
[ ص: 78 ] 23424 - وهذا يشهد بصحة قول من قال : إن ، فهو زان ، وعليه الحد ، وسيأتي القول فيها بما للعلماء من التنازع في إيجاب الحد على الزوج إذا وقع عليها في موضعه ، إن شاء الله عز وجل . من وطئ جارية امرأته
23425 - وقد اختلف الفقهاء : فيما تملكه المرأة من صداقها قبل الدخول
23426 - فالظاهر من مذهب مالك أنها لا تملك منه قبل الدخول بها إلا نصفه ، وأن الصداق إذا كان شيئا بعينه ، فهلك ، ثم طلق قبل الدخول لم يكن لها عليه شيء ، ولا له عليها .
23427 - ولو أخذ نصفه ناقصا ، أو ناميا ، والتمام والنقصان بينهما . سلم الصداق ، وطلق قبل الدخول
23428 - وقال بهذا طائفة من أصحاب مالك ، وقد روي عن مالك .
23429 - وقالت به أيضا طائفة من أصحابه تستحق المرأة المهر كله بالعقد .
23430 - واستدل القائلون بذلك بالموت قبل الدخول ، وأنه لا يستحق به الصداق كله .
[ ص: 79 ] 23431 - وكذلك وجوب الزكاة في الماشية إذا كانت بعينها ، ولا يقال للزوج : أد الزكاة عنها .
23432 - وكذلك تدخل بامرأتك . ولو كانت بينهما لم يجب عليها في أربعين شاة ، أو خمس ذود إلا نصف شاة ، فلما أوجب عليها شاة علم أنها كلها على ملكها .
23433 - وبهذا القول قال ، وأصحابه ، واعتلوا بالإجماع على أن الصداق إذا قبضته المرأة أو كان معينا في غير ذمة الزوج . الشافعي
23434 - وهكذا قبل الدخول كان منها ، وكان له أن يدخل بها بغير شيء .
23435 - واعتلوا أيضا بأن الصداق لو كان أبوها عتق عليها عقيب العقد ، ولم ينظر الدخول .
23436 - وقد زدنا هذه المسألة بيانا ، واعتلالا في " التمهيد " .
23437 - وفي هذا الحديث دليل على جواز . اتخاذ الخاتم من الحديد
23438 - وقد اختلف العلماء في جواز لباس خاتم الحديد .
23439 - فكرهه قوم ، منهم : ، عبد الله بن مسعود . وابن عمر
[ ص: 80 ] 23440 - وقال أبو عمر : ما ظهرت كف فيها خاتم من حديد .
23441 - وروى ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن جده عمرو بن شعيب . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن خاتم الذهب والحديد
23442 - ومن حديث ، بريدة الأسلمي . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى على رجل خاتما من حديد ، فقال له : " ما لي أرى عليك حلية أهل النار "
23443 - ومن لم يصح هذه الآثار ، فقال : الأشياء على الإباحة حتى يصح الحظر ، وقد قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ، فدل على [ ص: 81 ] جواز التمس ، ولو خاتما من حديد ، والله أعلم . استعماله والانتفاع به
23444 - وفي هذا الحديث - أيضا - دليل على أن ; لأنه قال للرجل : " تعليم القرآن جائز أن يكون مهرا " ، فلما لم يقدر عليه ، قال له : " التمس ، ولو خاتما من حديد ، فذكر له سورا ، فقال : " هل معك من القرآن شيء " . قد زوجتكها على ما معك من القرآن
23445 - وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء .
23446 - فقال مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما : لا يكون تعليم القرآن مهرا .
23447 - وهو قول ، الليث بن سعد والمزني صاحب . الشافعي
23448 - وحجة من ذهب هذا المذهب أن الفروج لا تستباح إلا بالأموال ، لذكر الله تعالى الطول في النكاح .
23449 - والطول : المال ، والقرآن ليس بمال ; لأن التعليم يختلف ولا يكاد يضبط ، فأشبه الشيء المجهول .
23450 - قالوا : ومعنى قوله ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " إنما هو على جهة التعظيم للقرآن وأهله ، لا على أنه مهر ، وإنما زوجه إياها لكونه من أهل القرآن ، كما روي عن قد [ ص: 82 ] أنكحتك على ما معك من القرآن أنس أبا طلحة أم سليم على إسلامه ; لأنه أسلم فتزوجها . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زوج
23451 - وقد ذكرنا الخبر بذلك في " التمهيد " .
23452 - وكان المهر مسكوتا عنه في الحديثين معا ; لأنه معهود معلوم أنه لا بد منه .
23453 - وقال ، وأصحابه : جائز أن يكون تعليم القرآن أو سورة منه مهرا . الشافعي
23454 - وقال إسحاق : هو نكاح جائز .
23455 - وكان أحمد يكرهه .
23456 - وقال : فإن طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف أجر التعليم . الشافعي
23457 - هذه رواية المزني عنه .
[ ص: 83 ] 23458 - وروى عنه الربيع في " الموطأ " إنه إن طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف مهر مثلها ; لأن تعليم النصف لا يوقف على حده .
23459 - ومن الحجة ومن قال بقوله ، أن تعليم القرآن يصح أخذ الأجرة عليه ، فجاز أن يكون صداقا . للشافعي
23460 - قالوا : ولا معنى لما اعترضوا عليه من دفع ظاهر الحديث من قوله ، صلى الله عليه وسلم : " " لأن ظاهر الحديث ، وساقته يبطل تأويله ; لأنه التمس فيه الصداق بالإزار ، وخاتم الحديد ، ثم تعليم القرآن ، ولا فائدة لذكر القرآن في الصداق غير ذلك . قد زوجتكها بما معك من القرآن
23461 - وقد أخبرني ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي ، قال : أخبرني محمد بن عمر بن لبابة مالك بن علي القرشي ، عن يحيى بن يحيى بن مضر حدثه عن في الذي مالك بن أنس - أن ذلك في أجرته على تعليمها ما معه من القرآن . أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينكح بما معه من القرآن
[ ص: 84 ] 23462 - وقال ابن القاسم ، عن مالك : لا خير في هذا النكاح ، ويفسخ قبل الدخول ، ويكون لها بعد الدخول صداق المثل .
23463 - قال ابن القاسم : وكذلك من تزوج بقصاص ، وجب له عليها .
23464 - وقال : النكاح جائز ، دخل أو لم يدخل . سحنون
23465 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف فيمن تزوج على خدمة سنة : إن كان عبدا ، فلها خدمته سنة ، وإن كان حرا ، فلها مهر مثلها .
23466 - وقال محمد : لها قيمة خدمته إن كان حرا .
23467 - وقال : إن تزوجها على أن يحج بها ، ثم طلقها قبل الدخول بها ، فهو ضامن لنصف حجها من الحملان والكسوة . الأوزاعي
23468 - وقال ، الشافعي النكاح جائز على الخدمة إذا كان وقتا معلوما . والحسن بن حي
23469 - قال : وكذلك كل عمل مسمى معلوم ، مثل أن يعلمها قرآنا ، أو يعلم لها عبدا عملا . الشافعي
23470 - وقال ابن حبيب في [ ص: 85 ] أن ذلك جائز ، ولا يدخل بها حتى يقدم من الأجرة شيئا يكون قدر ربع دينار . الذي يتزوج المرأة على أن يؤاجرها نفسه سنة
23471 - قال أبو عمر : قال بعض المتأخرين من أصحابنا المالكيين في قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث هذا الباب : " " ، و " التمس شيئا " أنه أراد : هل عندك من شيء تقدمه إليها من صداقها ؟ لأن عادتهم جرت أن يقدموا من الصداق بعضه ، لا أن خاتم الحديد الصداق كله . هل عندك من شيء
23472 - قال أبو عمر : المستحب عند مالك أن يكون ما يقدمه قبل الدخول ربع الدينار .
23473 - وهذا خلاف ما تأول عليه هذا القائل الحديث .
23474 - وأما أصحاب ، فيقولون في قوله : التمس شيئا ، وهل عندك من شيء تصدقها إياه . الشافعي
23475 - قالوا : ويقتضي أن كل شيء وجده يكون ثمنا لشيء جاز أن يكون صداقا ، والله أعلم .
23476 - وفي هذا الحديث جواز ، وأخذ البدل على الوفاء به ونحو ذلك ; لأنه إذا جاز أن يكون مهرا جاز أن يؤخذ عليه العوض في كل ما ينتفع به منه . أخذ الأجرة على تعليم القرآن
[ ص: 86 ] 23477 - وإلى هذا المعنى ذهب مالك ، ، والشافعي ، وأبو ثور وأحمد ، وداود .
23478 - ومن حجتهم في ذلك حديث أبي سعيد الخدري " . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية ، فنزلوا بحي ، فسألوهم الكراء أو الشراء فلم يفعلوا ، فلدغ سيد الحي ، فقال لهم : هل فيكم من راق ؟ فقالوا : لا ، حتى تجعل لنا على ذلك جعلا ، فجعلوا لهم قطيعا من غنم ، فأتاهم رجل منهم ، فقرأ عليه فاتحة الكتاب ، فبرئ ، فذبحوا ، وشووا ، وأكلوا ، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا ذلك له فقال : " ومن أين علمتم أنها رقية ؟ من أخذ برقية باطل فقد أخذتم برقية حق ، اضربوا لي معكم بسهم
[ ص: 87 ] 23479 - ورواه ، أبو المتوكل الناجي وسليمان بن قتة ، كلهم عن وأبو نضرة . أبي سعيد الخدري
23480 - وروى ، عن الشعبي خارجة بن الصلت ، عن عمه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .
23481 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا يجوز أن يؤخذ على تعليم القرآن أجر على كل من يسأل منه شيئا يقرأه ، وأن يعلمه لمن سأله ، إلا أن يضر ذلك به ويشغله عن معيشته .
23482 - واعتلوا بأحاديث مرفوعة كلها ضعيفة ، منها حديث ، عن علي بن عاصم ، عن حماد بن سلمة أبي جرهم ، عن ، قال هكذا : أبي هريرة ، عن علي بن عاصم حماد ، عن أبي جرهم . وغيره يرويه عن حماد ، عن أبي المهزم ، [ ص: 88 ] عن . أبي هريرة
23483 - وأبو جرهم لا يعرفه أحد ، وأبو المهزم مجتمع على ضعفه . قال : قلت يا رسول الله ! ما تقول في المعلمين ؟ قال : درهمهم حرام وقولهم سحت ، وكلامهم ربا .
23484 - وهذا حديث منكر .
23485 - وحديث ، عن المغيرة بن زياد ، عن عبادة بن نسي الأسود بن ثعلبة ، أنه علم رجلا من أهل الصفة سورة من القرآن ، فأهدى إليه قوسا ، فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن سرك أن يطوقك الله به طوقا من نار ، فاقبله " عبادة بن الصامت . عن
[ ص: 89 ] 23486 - ومن حديث ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . أبي بن كعب
23487 - ورواه ، عن أبيه ، عن موسى بن علي بن رباح ، وهو منقطع . أبي بن كعب
23488 - ومن حديث ابن شبل ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " . اقرءوا القرآن ، ولا تأكلوا به ، ولا تستكثروا به
23489 - وبحديث عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " " . بلغوا عني ولو آية
23490 - فاستدلوا بهذا على أن تعليم القرآن فرض ، وبأحاديث مثل هذه ، كلها ضعيفة ، لا حجة في شيء منها .
23491 - ومن هذا المعنى اختلف الفقهاء في : المصلي بالناس مكتوبة بأجرة
23492 - فروى أشهب عن مالك أنه سئل عن ؟ فقال : أرجو ألا يكون به بأس ، وإن كان به بأس ، فعليه ، لا على من صلى خلفه . الصلاة خلف من يستأجر في رمضان يقوم بالناس
[ ص: 90 ] 23493 - وروى عنه ابن القاسم أنه كرهه .
23494 - قال : وهو أشد كراهة له في الفريضة .
23495 - وهو قول أبي حنيفة وأصحابه .
23496 - وحجتهم حديث عثمان بن أبي العاص . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يتخذ مؤذنا ، لا يأخذ على أذانه أجرا
23497 - قال أبو عمر : قد ذكرنا في كتاب الصلاة قول من جعل الأذان فرضا على الكفاية ، وفرضا متعينا ، وفرضا على الدار ، ومن جعله نافلة ، وجعل الأمر به ندبا ، ومن جعله سنة مؤكدة في الجماعة .
23498 - وقال : الشافعي ، والمكتوبة ، ولا بأس بالصلاة خلفه . لا بأس بأخذ الأجرة على الإمامة في الصلاة النافلة
23499 - وقال أصحاب : أولى ما تؤخذ عليه الأجرة أعمال [ ص: 91 ] البر ، وعمل الخير إذا لم يلزم المرء القيام بها لنفسه ، كمراقبة شهود الجماعة ، والتزام الإمامة ، والأذان في الصلاة ، وتعليم القرآن ، وما كان مثل ذلك . الشافعي
23500 - وذكر ، عن الوليد بن يزيد أنه سئل عن رجل أم قوما وأخذ على ذلك أجرا ؟ قال : لا صلاة له . الأوزاعي
23501 - قال أبو عمر : كأنه قال : من أدى الفرض عن نفسه استحال أن يأخذ عليه عوضا ، ولذلك أبطل صلاته .
23502 - وفي المسألة اعتلال يطول ذكره .
23346 - - صلى الله عليه وسلم - قال الله عز وجل : والموهوبة بلا صداق خص بها النبي خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم [ الأحزاب : 50 ] يعني من الصداق ، فلا بد لكل مسلم من صداق - قل أو كثر - على حسب ما للعلماء في ذلك من التحديد في قليله دون كثيره ، فإنهم لم يختلفوا في الكثير منه لقول الله عز وجل : وآتيتم إحداهن قنطارا الآية [ النساء : 20 ] .
23347 - وفي القياس أن ، إلا أن الله - عز وجل - خص النساء بالمهور المعلومات ثمنا لأبضاعهن ، قال الله عز وجل : كل ما يجوز بيعه والبدل منه والمعاوضة عليه [ ص: 66 ] جازت هبته وآتوا النساء صدقاتهن نحلة [ النساء : 4 ] .
23348 - قال أبو عبيدة : عن طيب نفس بها دون جبر وحكومة .
23349 - قال : وما أخذ بالحكام ، فلا يقال له نحلة .
23350 - وقد قيل : إن المخاطبين بهذه الآية هم الآباء ; لأنهم كانوا يستأثرون بمهور بناتهم .
23351 - وقال : سعيد بن المسيب ومكحول ، : وابن شهاب ، صلى الله عليه وسلم . لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي
23352 - وروى ، عن ابن عيينة ، عن أيوب بن موسى ، عن يزيد بن قسيط ، قال : لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو أصدقها سوطا حلت له . سعيد بن المسيب
23353 - ذكره ، ابن أبي شيبة ، وغيرهما ، عن والشافعي . ابن عيينة
23354 - وروى عن وكيع سفيان ، عن إسماعيل بن أمية ، عن ، قال : لو رضيت بسوط كان مهرها . سعيد بن المسيب
23355 - قال أبو عمر : قال الله ، عز وجل : [ ص: 67 ] والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن [ المائدة : 5 ] يعني مهورهن .
23356 - وقال في الإماء : فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف [ النساء : 25 ] يعني صدقاتهن .
23357 - وأجمع علماء المسلمين أنه ، وأنه لا يجوز له وطء في نكاح بغير صداق مسمى ، دينا أو نقدا ، وأن المفوض إليه لا يدخل حتى يسمي صداقا ، فإن وقع الدخول في ذلك ، لزم فيه صداق المثل . لا يجوز لأحد أن يطأ فرجا وهب له دون رقبته
23358 - واختلفوا في ، مثل أن يقول الرجل : قد وهبت لك ابنتي ، أو وليتي ، وسمى صداقا أو لم يسم ، وهو يريد بذلك النكاح : عقد النكاح بلفظ الهبة
23359 - فقال : لا يحل الصداق بهبته بلفظ الهبة ، ولا ينعقد النكاح حتى يقول : قد أنكحتك ، أو زوجتك . الشافعي
23360 - وهو قول ، سعيد بن المسيب وربيعة ، قالا : لا يجوز النكاح بلفظ الهبة .
[ ص: 68 ] 23361 - وهو قول المغيرة ، وابن دينار ، وابن أبي سلمة .
23362 - وبه قال ، أبو ثور وداود ، وغيرهم .
23363 - واختلف في ذلك أصحاب مالك ، واختلفت الرواية عنه في ذلك على قولين :
23364 - ( أحدهما ) : أن النكاح ينعقد بلفظ الهبة إذا أرادوا النكاح ، وفرضوا الصداق .
23365 - ( والثاني ) : كقول ، الشافعي وربيعة .
23366 - وقال ابن القاسم عن مالك : لا تحل الهبة لأحد بعد النبي ، صلى الله عليه وسلم .
23367 - قال : وإن كانت هبته إياها ليست على نكاح ، وإنما وهبها له ليحضنها ، أو ليكفلها ، فلا أرى بذلك بأسا .
23368 - قال ابن القاسم : وإن وهب ابنته ، وهو يريد إنكاحها ، فلا أحفظه عن مالك ، وهو عندي جائز كالبيع .
23369 - وقال مالك : ، فهو بيع . من قال : أهب لك هذه السلعة على أن تعطيني كذا وكذا
23370 - وإلى هذا ذهب أكثر المتأخرين من المالكيين البغداديين ، قالوا : ، جاز ، وكان نكاحا صحيحا ، [ ص: 69 ] وكان قياسا على البيع . إذا قال الرجل : قد وهبت لك ابنتي على دينار
23371 - وقال أبو حنيفة وأصحابه ، ، والثوري : ينعقد النكاح بلفظ الهبة إذا أشهد عليه ، ولها المهر المسمى إن كان سمى ، وإن لم يسم فلها مهر مثلها . والحسن بن حي
23372 - ومما احتج به أيضا أصحاب أبي حنيفة في هذا أن الطلاق يقع بالتصريح ، وبالكناية ، قالوا فكذلك النكاح .
23373 - قالوا : والذي خص به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعري البضع من العوض ، لا النكاح بلفظ الهبة .
23374 - قال أبو عمر : لما أجمعوا أنه لا تنعقد هبة بلفظ النكاح ، وجب ألا ينعقد النكاح بلفظ الهبة ، وبالله التوفيق .
23375 - ومن جهة النظر ، النكاح مفتقر إلى التصريح ليقع الإشهاد عليه ، وهو ضد الطلاق ، فكيف يقاس عليه .
23376 - وقد أجمعوا أنه ، فكذلك لفظ الهبة . لا ينعقد نكاح بقوله : قد أحللت ، وقد أبحت لك
[ ص: 70 ] 23377 - وفي هذا الحديث دليل على أن ، وأنه يجوز بالقليل ، والكثير مما تصلح به الإجازات والبياعات ، وأنه يجوز بالإجارة والخدمة . مبلغ الصداق غير مقدر
23378 - وهذا كله مختلف فيه ، كما أنهم اختلفوا في النكاح على تعليم القرآن ، ونذكر ذلك كله هاهنا ، إن شاء الله .
23379 - فأما اختلافهم في : مقدار مبلغ الصداق الذي لا يجوز عقد النكاح بدونه
23380 - فقال مالك في آخر هذا الباب : لا أرى أن تنكح المرأة بأقل من ربع دينار ، وذلك أدنى ما يجب فيه القطع .
[ ص: 71 ] 23381 - قال أبو عمر : هذا قول مالك ، وأصحابه ، حاشا ابن وهب ، لا يجوز عندهم أن يكون صداق أقل من ربع دينار ، أو ثلاثة دراهم من الورق كيلا ، أو قيمة ذلك من العروض التي يجوز ملكها .
23382 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا يجوز أقل من عشرة دراهم [ ص: 72 ] كيلا ، قياسا على ما تقطع فيه اليد .
23383 - وكذلك قاسه مالك على ما تقطع اليد عنده فيه .
23384 - وقال له الدراوردي : تعرقت فيها يا أبا عبد الله ؟ يقول : ذهبت فيها مذهب أهل العراق .
23385 - ولا أعلم أحدا قال ذلك بالمدينة قبل مالك .
23386 - واحتجوا لما ذهبوا إليه من ذلك ; بأن البضع عضو مستباح ببدل من المال ، فلا بد أن يكون مقدرا قياسا على قطع اليد .
23387 - واحتجوا أيضا بأن الله - عز وجل - لما شرط عدم الطول في نكاح الإماء ، وأباحه لمن لم يجد طولا ، دل على أن الطول لا يجده كل الناس ، ولو كان الفلس والدانق والقبضة من الشعير ونحو ذلك طولا لما عدمه أحد .
23388 - ومعلوم أن الطول في معنى هذه الآية : المال . ولا يقع اسم مال عندهم على أقل من ثلاثة دراهم ، فوجب أن يمنع من استباحة الفروج باليسير الذي لا يكون طولا .
23389 - قال أبو عمر : هذا كله ليس بشيء ; لأنهم لا يفرقون في مبلغ أقل الصداق بين صداق الحرة والأمة ، والله أعلم .
23390 - وإنما دون الإماء ، وهم لا يجيزون [ ص: 73 ] نكاح الأمة بأقل من ربع دينار كما لا يجيزون شرط الطول في نكاح الحرائر . نكاح الحرة بأقل من ربع دينار
23391 - وأما القياس على قطع اليد ، فقد عارضهم مخالفوهم بقياس مثله ، أذكره بعد ، إن شاء الله عز وجل .
23392 - وأما حجة الكوفيين بحديث جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " فلا معنى لها ; لأنه حديث لا يثبته أحد من أهل العلم بالحديث . لا صداق بأقل من عشرة دراهم
23393 - وما رووه عن علي - رضي الله عنه - أنه قال : لا صداق أقل من عشرة دراهم ، فإنما يرويه جابر الجعفي ، عن ، عن الشعبي علي .
23394 - وهو منقطع عندهم ضعيف .
23395 - وقال ابن شبرمة : خمسة دراهم ، وفي ذلك تقطع اليد عنده . أقل المهر
[ ص: 74 ] 23396 - وعن النخعي ثلاثة أقاويل :
( أحدها ) : أنه كره أن يتزوج أحد بأقل من أربعين درهما .
23397 - وروي عنه أنه قال : أكره أن يكون مثل مهر البغي ، ولكن العشرة ، والعشرون .
23398 - ( والثالث ) : كقول أبي حنيفة : عشرة دراهم .
23399 - ويحتمل أن تكون أقوال النخعي في ذلك على سبيل الاختيار ; لأنه لا يجوز عنده أقل مما اختاره .
23400 - وكذلك مما روي عن أنه كان يستحب أن يكون المهر خمسين درهما . سعيد بن جبير
23401 - وقال ، سعيد بن المسيب ، وسالم بن عبد الله ، وسليمان بن يسار ، وسائر فقهاء التابعين والقاسم بن محمد بالمدينة : . لا حد في مبلغ الصداق ، ويجوز بما تراضوا عليه من المال
23402 - وهو قول ربيعة ، وأبي الزناد ، ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وعثمان البتي ، والحسن البصري وعبيد الله بن الحسن ، ، وعمرو بن دينار وابن [ ص: 75 ] جريج ، ، وأصحابه ، والشافعي ، ومسلم بن خالد الزنجي ، والليث بن سعد ، والثوري ، والحسن بن صالح بن حي ، وابن أبي ليلى ، وأحمد بن حنبل وإسحاق ، ، وأبي ثور وداود ، . ومحمد بن جرير الطبري
23403 - كلهم يجيز النكاح بقليل المال ، وكثيره .
23404 - إلا أن يعجبه أن لا يكون الصداق أقل من دينار ، أو عشرة دراهم ، ويجيزه بدرهم . الحسن بن حي
23405 - وقال : كل نكاح وقع بدرهم فما فوقه لا ينقضه قاض . الأوزاعي
23406 - قال : من قليل أو كثير . والصداق ما تراضى عليه الزوجان
23407 - وقال : كل ما كان ثمنا لشيء أو أجرة ، جاز أن يكون صداقا . الشافعي
23408 - وقال : لو أصدقها سوطا حلت . سعيد بن المسيب
23409 - وأنكح ابنته بصداق ; درهمين من عبد الله بن وداعة السهمي .
23410 - وقال عبيد الله بن الحسن : الفلس صداق يجب به النكاح ، ولكني أستقبح صداق درهمين .
23411 - وقال ، ربيعة بن أبي عبد الرحمن : يجوز [ ص: 76 ] النكاح على درهم . وعثمان البتي
23412 - وقال أبو الزناد ، : المهر ما تراضى عليه الأهلون . وابن أبي ذئب
23413 - وهو قول ، القاسم بن محمد ، وسالم بن عبد الله . وسليمان بن يسار
23414 - وقال : الثوب والسوط والنعلان صداق إذا رضيت . يحيى بن سعيد الأنصاري
23415 - وكان صاحب عبد الله بن وهب مالك يستحب ألا ينقص الصداق من ربع دينار ، ويجيزه بدرهم ، وبنصف درهم .
23416 - وقد قال ابن القاسم : لو أصدقها درهمين ، ثم طلقها قبل الدخول لم يرجع إلا بدرهم واحد .
23417 - حدثني أحمد بن سعيد بن بشر ، قال : حدثني ابن أبي دحيم ، قال : حدثني ، قال : سمعت ابن وضاح يقول : كان أبا بكر بن أبي شيبة يرى التزويج بدرهم . وكيع بن الجراح
23418 - أخبرنا ، قال : أخبرنا خلف بن قاسم ، قال : حدثني أحمد بن قاسم بن شعبان سليمان بن زكريا ، قال : حدثني ، قال : حدثني خشيش بن أصرم عبد الوارث ، قال : حدثني عمر أن ابن موسى زكريا ، قال [ ص: 77 ] حدثني عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ، عن الزهري عكرمة ، عن ، قال : النكاح جائز على موزة إذا هي رضيت . ابن عباس
23419 - حدثني ، قال : حدثني خلف بن قاسم أبو الورد ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عبد الله اليسري ، قال : جاءنا ، قال : حدثني علي بن خشرم ، قال : سمعت وكيع يقول : إن تراضوا على درهم في المهر فجائز . الثوري
23420 - قال أبو عمر : قوله ، صلى الله عليه وسلم : " " يدل على أن لا تحديد في مبلغ الصداق . التمس ولو خاتما من حديد
23421 - وقد أجمعوا أن لا حد ولا توقيت في أكثره ، فكذلك لا حد في أقله ولا توقيت .
23422 - وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : " " دليل على أن إن أعطيتها إزارك ، جلست لا إزار لك أنه لا يحل له وطؤها ; لأنها ليست له بملك . الرجل إذا أصدق امرأته خادما قبضتها
23423 - وقد قال الله تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون [ المؤمنون : 5 - 7 ] .
[ ص: 78 ] 23424 - وهذا يشهد بصحة قول من قال : إن ، فهو زان ، وعليه الحد ، وسيأتي القول فيها بما للعلماء من التنازع في إيجاب الحد على الزوج إذا وقع عليها في موضعه ، إن شاء الله عز وجل . من وطئ جارية امرأته
23425 - وقد اختلف الفقهاء : فيما تملكه المرأة من صداقها قبل الدخول
23426 - فالظاهر من مذهب مالك أنها لا تملك منه قبل الدخول بها إلا نصفه ، وأن الصداق إذا كان شيئا بعينه ، فهلك ، ثم طلق قبل الدخول لم يكن لها عليه شيء ، ولا له عليها .
23427 - ولو أخذ نصفه ناقصا ، أو ناميا ، والتمام والنقصان بينهما . سلم الصداق ، وطلق قبل الدخول
23428 - وقال بهذا طائفة من أصحاب مالك ، وقد روي عن مالك .
23429 - وقالت به أيضا طائفة من أصحابه تستحق المرأة المهر كله بالعقد .
23430 - واستدل القائلون بذلك بالموت قبل الدخول ، وأنه لا يستحق به الصداق كله .
[ ص: 79 ] 23431 - وكذلك وجوب الزكاة في الماشية إذا كانت بعينها ، ولا يقال للزوج : أد الزكاة عنها .
23432 - وكذلك تدخل بامرأتك . ولو كانت بينهما لم يجب عليها في أربعين شاة ، أو خمس ذود إلا نصف شاة ، فلما أوجب عليها شاة علم أنها كلها على ملكها .
23433 - وبهذا القول قال ، وأصحابه ، واعتلوا بالإجماع على أن الصداق إذا قبضته المرأة أو كان معينا في غير ذمة الزوج . الشافعي
23434 - وهكذا قبل الدخول كان منها ، وكان له أن يدخل بها بغير شيء .
23435 - واعتلوا أيضا بأن الصداق لو كان أبوها عتق عليها عقيب العقد ، ولم ينظر الدخول .
23436 - وقد زدنا هذه المسألة بيانا ، واعتلالا في " التمهيد " .
23437 - وفي هذا الحديث دليل على جواز . اتخاذ الخاتم من الحديد
23438 - وقد اختلف العلماء في جواز لباس خاتم الحديد .
23439 - فكرهه قوم ، منهم : ، عبد الله بن مسعود . وابن عمر
[ ص: 80 ] 23440 - وقال أبو عمر : ما ظهرت كف فيها خاتم من حديد .
23441 - وروى ، عن ابن عجلان ، عن أبيه ، عن جده عمرو بن شعيب . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن خاتم الذهب والحديد
23442 - ومن حديث ، بريدة الأسلمي . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى على رجل خاتما من حديد ، فقال له : " ما لي أرى عليك حلية أهل النار "
23443 - ومن لم يصح هذه الآثار ، فقال : الأشياء على الإباحة حتى يصح الحظر ، وقد قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ، فدل على [ ص: 81 ] جواز التمس ، ولو خاتما من حديد ، والله أعلم . استعماله والانتفاع به
23444 - وفي هذا الحديث - أيضا - دليل على أن ; لأنه قال للرجل : " تعليم القرآن جائز أن يكون مهرا " ، فلما لم يقدر عليه ، قال له : " التمس ، ولو خاتما من حديد ، فذكر له سورا ، فقال : " هل معك من القرآن شيء " . قد زوجتكها على ما معك من القرآن
23445 - وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء .
23446 - فقال مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما : لا يكون تعليم القرآن مهرا .
23447 - وهو قول ، الليث بن سعد والمزني صاحب . الشافعي
23448 - وحجة من ذهب هذا المذهب أن الفروج لا تستباح إلا بالأموال ، لذكر الله تعالى الطول في النكاح .
23449 - والطول : المال ، والقرآن ليس بمال ; لأن التعليم يختلف ولا يكاد يضبط ، فأشبه الشيء المجهول .
23450 - قالوا : ومعنى قوله ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " إنما هو على جهة التعظيم للقرآن وأهله ، لا على أنه مهر ، وإنما زوجه إياها لكونه من أهل القرآن ، كما روي عن قد [ ص: 82 ] أنكحتك على ما معك من القرآن أنس أبا طلحة أم سليم على إسلامه ; لأنه أسلم فتزوجها . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زوج
23451 - وقد ذكرنا الخبر بذلك في " التمهيد " .
23452 - وكان المهر مسكوتا عنه في الحديثين معا ; لأنه معهود معلوم أنه لا بد منه .
23453 - وقال ، وأصحابه : جائز أن يكون تعليم القرآن أو سورة منه مهرا . الشافعي
23454 - وقال إسحاق : هو نكاح جائز .
23455 - وكان أحمد يكرهه .
23456 - وقال : فإن طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف أجر التعليم . الشافعي
23457 - هذه رواية المزني عنه .
[ ص: 83 ] 23458 - وروى عنه الربيع في " الموطأ " إنه إن طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف مهر مثلها ; لأن تعليم النصف لا يوقف على حده .
23459 - ومن الحجة ومن قال بقوله ، أن تعليم القرآن يصح أخذ الأجرة عليه ، فجاز أن يكون صداقا . للشافعي
23460 - قالوا : ولا معنى لما اعترضوا عليه من دفع ظاهر الحديث من قوله ، صلى الله عليه وسلم : " " لأن ظاهر الحديث ، وساقته يبطل تأويله ; لأنه التمس فيه الصداق بالإزار ، وخاتم الحديد ، ثم تعليم القرآن ، ولا فائدة لذكر القرآن في الصداق غير ذلك . قد زوجتكها بما معك من القرآن
23461 - وقد أخبرني ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي ، قال : أخبرني محمد بن عمر بن لبابة مالك بن علي القرشي ، عن يحيى بن يحيى بن مضر حدثه عن في الذي مالك بن أنس - أن ذلك في أجرته على تعليمها ما معه من القرآن . أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينكح بما معه من القرآن
[ ص: 84 ] 23462 - وقال ابن القاسم ، عن مالك : لا خير في هذا النكاح ، ويفسخ قبل الدخول ، ويكون لها بعد الدخول صداق المثل .
23463 - قال ابن القاسم : وكذلك من تزوج بقصاص ، وجب له عليها .
23464 - وقال : النكاح جائز ، دخل أو لم يدخل . سحنون
23465 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف فيمن تزوج على خدمة سنة : إن كان عبدا ، فلها خدمته سنة ، وإن كان حرا ، فلها مهر مثلها .
23466 - وقال محمد : لها قيمة خدمته إن كان حرا .
23467 - وقال : إن تزوجها على أن يحج بها ، ثم طلقها قبل الدخول بها ، فهو ضامن لنصف حجها من الحملان والكسوة . الأوزاعي
23468 - وقال ، الشافعي النكاح جائز على الخدمة إذا كان وقتا معلوما . والحسن بن حي
23469 - قال : وكذلك كل عمل مسمى معلوم ، مثل أن يعلمها قرآنا ، أو يعلم لها عبدا عملا . الشافعي
23470 - وقال ابن حبيب في [ ص: 85 ] أن ذلك جائز ، ولا يدخل بها حتى يقدم من الأجرة شيئا يكون قدر ربع دينار . الذي يتزوج المرأة على أن يؤاجرها نفسه سنة
23471 - قال أبو عمر : قال بعض المتأخرين من أصحابنا المالكيين في قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث هذا الباب : " " ، و " التمس شيئا " أنه أراد : هل عندك من شيء تقدمه إليها من صداقها ؟ لأن عادتهم جرت أن يقدموا من الصداق بعضه ، لا أن خاتم الحديد الصداق كله . هل عندك من شيء
23472 - قال أبو عمر : المستحب عند مالك أن يكون ما يقدمه قبل الدخول ربع الدينار .
23473 - وهذا خلاف ما تأول عليه هذا القائل الحديث .
23474 - وأما أصحاب ، فيقولون في قوله : التمس شيئا ، وهل عندك من شيء تصدقها إياه . الشافعي
23475 - قالوا : ويقتضي أن كل شيء وجده يكون ثمنا لشيء جاز أن يكون صداقا ، والله أعلم .
23476 - وفي هذا الحديث جواز ، وأخذ البدل على الوفاء به ونحو ذلك ; لأنه إذا جاز أن يكون مهرا جاز أن يؤخذ عليه العوض في كل ما ينتفع به منه . أخذ الأجرة على تعليم القرآن
[ ص: 86 ] 23477 - وإلى هذا المعنى ذهب مالك ، ، والشافعي ، وأبو ثور وأحمد ، وداود .
23478 - ومن حجتهم في ذلك حديث أبي سعيد الخدري " . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية ، فنزلوا بحي ، فسألوهم الكراء أو الشراء فلم يفعلوا ، فلدغ سيد الحي ، فقال لهم : هل فيكم من راق ؟ فقالوا : لا ، حتى تجعل لنا على ذلك جعلا ، فجعلوا لهم قطيعا من غنم ، فأتاهم رجل منهم ، فقرأ عليه فاتحة الكتاب ، فبرئ ، فذبحوا ، وشووا ، وأكلوا ، فلما قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا ذلك له فقال : " ومن أين علمتم أنها رقية ؟ من أخذ برقية باطل فقد أخذتم برقية حق ، اضربوا لي معكم بسهم
[ ص: 87 ] 23479 - ورواه ، أبو المتوكل الناجي وسليمان بن قتة ، كلهم عن وأبو نضرة . أبي سعيد الخدري
23480 - وروى ، عن الشعبي خارجة بن الصلت ، عن عمه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله .
23481 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا يجوز أن يؤخذ على تعليم القرآن أجر على كل من يسأل منه شيئا يقرأه ، وأن يعلمه لمن سأله ، إلا أن يضر ذلك به ويشغله عن معيشته .
23482 - واعتلوا بأحاديث مرفوعة كلها ضعيفة ، منها حديث ، عن علي بن عاصم ، عن حماد بن سلمة أبي جرهم ، عن ، قال هكذا : أبي هريرة ، عن علي بن عاصم حماد ، عن أبي جرهم . وغيره يرويه عن حماد ، عن أبي المهزم ، [ ص: 88 ] عن . أبي هريرة
23483 - وأبو جرهم لا يعرفه أحد ، وأبو المهزم مجتمع على ضعفه . قال : قلت يا رسول الله ! ما تقول في المعلمين ؟ قال : درهمهم حرام وقولهم سحت ، وكلامهم ربا .
23484 - وهذا حديث منكر .
23485 - وحديث ، عن المغيرة بن زياد ، عن عبادة بن نسي الأسود بن ثعلبة ، أنه علم رجلا من أهل الصفة سورة من القرآن ، فأهدى إليه قوسا ، فقال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن سرك أن يطوقك الله به طوقا من نار ، فاقبله " عبادة بن الصامت . عن
[ ص: 89 ] 23486 - ومن حديث ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . أبي بن كعب
23487 - ورواه ، عن أبيه ، عن موسى بن علي بن رباح ، وهو منقطع . أبي بن كعب
23488 - ومن حديث ابن شبل ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " . اقرءوا القرآن ، ولا تأكلوا به ، ولا تستكثروا به
23489 - وبحديث عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " " . بلغوا عني ولو آية
23490 - فاستدلوا بهذا على أن تعليم القرآن فرض ، وبأحاديث مثل هذه ، كلها ضعيفة ، لا حجة في شيء منها .
23491 - ومن هذا المعنى اختلف الفقهاء في : المصلي بالناس مكتوبة بأجرة
23492 - فروى أشهب عن مالك أنه سئل عن ؟ فقال : أرجو ألا يكون به بأس ، وإن كان به بأس ، فعليه ، لا على من صلى خلفه . الصلاة خلف من يستأجر في رمضان يقوم بالناس
[ ص: 90 ] 23493 - وروى عنه ابن القاسم أنه كرهه .
23494 - قال : وهو أشد كراهة له في الفريضة .
23495 - وهو قول أبي حنيفة وأصحابه .
23496 - وحجتهم حديث عثمان بن أبي العاص . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يتخذ مؤذنا ، لا يأخذ على أذانه أجرا
23497 - قال أبو عمر : قد ذكرنا في كتاب الصلاة قول من جعل الأذان فرضا على الكفاية ، وفرضا متعينا ، وفرضا على الدار ، ومن جعله نافلة ، وجعل الأمر به ندبا ، ومن جعله سنة مؤكدة في الجماعة .
23498 - وقال : الشافعي ، والمكتوبة ، ولا بأس بالصلاة خلفه . لا بأس بأخذ الأجرة على الإمامة في الصلاة النافلة
23499 - وقال أصحاب : أولى ما تؤخذ عليه الأجرة أعمال [ ص: 91 ] البر ، وعمل الخير إذا لم يلزم المرء القيام بها لنفسه ، كمراقبة شهود الجماعة ، والتزام الإمامة ، والأذان في الصلاة ، وتعليم القرآن ، وما كان مثل ذلك . الشافعي
23500 - وذكر ، عن الوليد بن يزيد أنه سئل عن رجل أم قوما وأخذ على ذلك أجرا ؟ قال : لا صلاة له . الأوزاعي
23501 - قال أبو عمر : كأنه قال : من أدى الفرض عن نفسه استحال أن يأخذ عليه عوضا ، ولذلك أبطل صلاته .
23502 - وفي المسألة اعتلال يطول ذكره .