قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( وإن لم يسجد ; لأن سها خلف الإمام معاوية بن الحكم رضي الله عنه شمت العاطس في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : { } " ولم يأمره بالسجود ، فإن سها الإمام لزم المأموم حكم سهوه ; لأنه لما تحمل الإمام عنه سهوه لزم المأموم أيضا سهوه فإن لم يسجد الإمام لسهوه سجد المأموم . إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس
وقال المزني وأبو حفص البابشامي : لا يسجد ; لأنه إنما يسجد تبعا للإمام ، وقد تركه الإمام فلم يسجد المأموم ، والمذهب الأول أنه لما سها دخل النقص على صلاة المأموم لسهوه فإذا لم يجبر الإمام صلاته جبر المأموم صلاته )
التالي
السابق
( الشرح ) حديث صحيح سبق بيانه في الباب السابق ، قال أصحابنا : إذا سها خلف الإمام تحمل الإمام سهوه ، ولا يسجد واحد منهما بلا خلاف لحديث معاوية قال الشيخ معاوية : وبهذا قال جميع العلماء إلا أبو حامد فإنه قال : يسجد المأموم لسهو نفسه ، ولو كان مسبوقا فسها بعد سلام الإمام لم يتحمل عنه لانقطاع القدوة ، وكذا المأموم الموافق لو تكلم ساهيا بعد سلام الإمام سجد وكذا المنفرد إذا سها في صلاته ثم دخل في جماعة وجوزنا ذلك فلا يتحمل الإمام سهوه ، بل يسجد هو بعد سلام الإمام . مكحولا
[ ص: 64 ] أما إذا فلا سجود عليه ; لأنه سها في حال القدوة ، ولو ظن المأموم أن الإمام سلم فسلم فبان أنه لم يسلم فسلم معه فإذا سلم الإمام لزمه أن يأتي بركعة أخرى ، ولا يسجد للسهو ; لأنه سها في حال القدوة ولو تيقن في التشهد أنه ترك الركوع أو الفاتحة من ركعة ناسيا بنى على صلاته وسجد ; لأن سهوه بعد انقضاء القدوة . سلم الإمام فسلم المسبوق سهوا ثم تذكر
ولو ، فهذه الركعة غير محسوبة له ; لأنها وقعت في غير موضعها ; لأن وقت التدارك بعد انقطاع القدوة ، فإذا سلم الإمام قام إلى التدارك ولا يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة ولو كانت المسألة بحالها فسلم الإمام ، وهو قائم فهل له أن يمضي في صلاته ؟ أم يلزمه أن يعود إلى القعود ثم يقوم منه ؟ فيه وجهان أصحهما : الثاني ، فإن جوزنا المضي وجب إعادة القراءة فلو سلم الإمام في قيامه لكنه لم يعلم الحال حتى أتم الركعة فإن جوزنا المضي فركعته محسوبة ، ولا يسجد للسهو وإن قلنا : يلزمه القعود لم يحسب ويسجد للسهو ; لأنه أتى بزيادة بعد سلام الإمام . ظن المسبوق أن الإمام سلم بأن سمع صوتا ظنه سلامه فقام لتدارك ما عليه ، وكان ما عليه ركعة مثلا فأتى بها وجلس ، ثم علم أن الإمام لم يسلم بعد أن تبينا أن ظنه كان خطأ
ولو كانت المسألة بحالها وعلم في القيام أن الإمام لم يسلم بعد فليرجع إلى متابعته فإن أراد أن ينوي مفارقته ويتمادى في تتميم صلاته قبل سلام الإمام قال إمام الحرمين : ففيه الخلاف ، فإن منعناه تعين الرجوع ، وإن جوزناه فوجهان أصحهما : يجب الرجوع إلى القعود ثم يقوم ; لأن نهوضه غير معتد به فيرجع ثم يقطع القدوة إن شاء ( والثاني ) : لا يجب الرجوع ; لأن النهوض غير مقصود لعينه وإنما المقصود القيام فما بعده ، فلو لم يرد قطع القدوة فقال فيمن نوى مفارقة الإمام الغزالي : هو مخير إن شاء رجع ، وإن شاء انتظر سلام الإمام قائما ، ومقتضى كلام إمام الحرمين وغيره وجوب الرجوع وهو الصحيح أو الصواب ; لأن في مكثه قائما مخالفة ظاهرة فإن قرأ قبل تبين الحال في هذه المسائل لم يعتد بقراءته بل عليه استئنافها .
[ ص: 64 ] أما إذا فلا سجود عليه ; لأنه سها في حال القدوة ، ولو ظن المأموم أن الإمام سلم فسلم فبان أنه لم يسلم فسلم معه فإذا سلم الإمام لزمه أن يأتي بركعة أخرى ، ولا يسجد للسهو ; لأنه سها في حال القدوة ولو تيقن في التشهد أنه ترك الركوع أو الفاتحة من ركعة ناسيا بنى على صلاته وسجد ; لأن سهوه بعد انقضاء القدوة . سلم الإمام فسلم المسبوق سهوا ثم تذكر
ولو ، فهذه الركعة غير محسوبة له ; لأنها وقعت في غير موضعها ; لأن وقت التدارك بعد انقطاع القدوة ، فإذا سلم الإمام قام إلى التدارك ولا يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة ولو كانت المسألة بحالها فسلم الإمام ، وهو قائم فهل له أن يمضي في صلاته ؟ أم يلزمه أن يعود إلى القعود ثم يقوم منه ؟ فيه وجهان أصحهما : الثاني ، فإن جوزنا المضي وجب إعادة القراءة فلو سلم الإمام في قيامه لكنه لم يعلم الحال حتى أتم الركعة فإن جوزنا المضي فركعته محسوبة ، ولا يسجد للسهو وإن قلنا : يلزمه القعود لم يحسب ويسجد للسهو ; لأنه أتى بزيادة بعد سلام الإمام . ظن المسبوق أن الإمام سلم بأن سمع صوتا ظنه سلامه فقام لتدارك ما عليه ، وكان ما عليه ركعة مثلا فأتى بها وجلس ، ثم علم أن الإمام لم يسلم بعد أن تبينا أن ظنه كان خطأ
ولو كانت المسألة بحالها وعلم في القيام أن الإمام لم يسلم بعد فليرجع إلى متابعته فإن أراد أن ينوي مفارقته ويتمادى في تتميم صلاته قبل سلام الإمام قال إمام الحرمين : ففيه الخلاف ، فإن منعناه تعين الرجوع ، وإن جوزناه فوجهان أصحهما : يجب الرجوع إلى القعود ثم يقوم ; لأن نهوضه غير معتد به فيرجع ثم يقطع القدوة إن شاء ( والثاني ) : لا يجب الرجوع ; لأن النهوض غير مقصود لعينه وإنما المقصود القيام فما بعده ، فلو لم يرد قطع القدوة فقال فيمن نوى مفارقة الإمام الغزالي : هو مخير إن شاء رجع ، وإن شاء انتظر سلام الإمام قائما ، ومقتضى كلام إمام الحرمين وغيره وجوب الرجوع وهو الصحيح أو الصواب ; لأن في مكثه قائما مخالفة ظاهرة فإن قرأ قبل تبين الحال في هذه المسائل لم يعتد بقراءته بل عليه استئنافها .
( فرع ) إذا لحق المأموم سهوه وتستثنى صورتان ( إحداهما ) : إذا بان الإمام محدثا فلا يسجد المأموم لسهوه ولا يحمل هو عن [ ص: 65 ] المأموم سهوه ( الثانية ) : أن يعلم سبب سهو الإمام ويتيقن غلطه في ظنه ، بأن ظن الإمام ترك بعض الأبعاض وعلم المأموم أنه لم يتركه أو جهر في موضع الإسرار أو عكسه فسجد فلا يوافقه المأموم ثم إذا سجد الإمام في غير الصورتين لزم المأموم موافقته فيه ، فإن ترك موافقته عمدا بطلت صلاته ، وسواء عرف المأموم سهو الإمام أم لم يعرفه ، فمتى سجد الإمام في آخر صلاته سجدتين لزم المأموم متابعته حملا له على أنه سها ، بخلاف ما لو قام إلى ركعة خامسة فإنه لا يتابعه حملا له على أنه ترك ركنا من ركعة ; لأنه لو تحقق الحال هناك لم تجز متابعته ; لأن المأموم أتم صلاته يقينا . سها الإمام في صلاته
فلو كان المأموم مسبوقا بركعة أو شاكا في فعل ركن كالفاتحة فقام الإمام إلى الخامسة لم يجز للمسبوق متابعته فيها لأنا نعلم أنها غير محسوبة للإمام ، وأنه غالط فيها ، ولو لم يسجد الإمام إلا سجدة سجد المأموم أخرى حملا له على أنه نسيها ولو سجد المأموم هذا هو الصحيح المنصوص ، وقال ترك الإمام السجود لسهوه عامدا أو ساهيا أو كان يعتقد تأخيره إلى ما بعد السلام المزني وأبو حفص : لا يسجد ، وقد ذكر المصنف توجيههما ، ولو سلم الإمام ثم عاد إلى السجود نظر إن سلم المأموم معه ناسيا وافقه في السجود ، فإن لم يوافقه ففي بطلان صلاته وجهان بناء على الوجهين فيمن ؟ وسنوضحهما إن شاء الله - تعالى . سلم ناسيا لسجود السهو فعاد إليه هل يكون عائدا إلى الصلاة
وإن كان المأموم سلم عمدا مع علمه بالسهو لم يلزمه متابعة الإمام إذا عاد إلى السجود ; لأن سلامه عمدا يتضمن انقطاع القدوة ولو لم يسلم المأموم فعاد الإمام ليسجد فإن عاد بعد أن سجد المأموم للسهو لم يتابعه ; لأنه قطع القدوة بالسجود ، وإن عاد قبل سجود المأموم فوجهان حكاهما الرافعي وغيره ( أصحهما ) : لا يجوز متابعته بل يسجد منفردا ثم يجلس ( والثاني ) : تلزمه متابعته فإن لم يفعل بطلت صلاته ، ولو أتم المأموم صلاته وسجد تفريعا على الصحيح المنصوص ، ولو سبق الإمام حدث بعد ما سها أو بطلت صلاته بسبب آخر لم يسجد المأموم ; لأن الإمام حمله ، وإن سها المأموم ثم سبق الإمام حدث سجد المأموم للسهو ; لأنه [ ص: 66 ] توجه عليه السهو قبل مفارقته وإن نواها قبله فلا سجود ; لأنه نوى مفارقته قبل توجه السجود للسهو عليه ولو قام الإمام إلى خامسة ساهيا فنوى المأموم مفارقته بعد بلوغ الإمام حد الراكعين في ارتفاعه لم يسلم معه المأموم بل يسجد قبل السلام ولا ينتظر سجود الإمام بعده ; لأنه فارقه بسلامه ، والله أعلم كان الإمام حنفيا وجوزنا الاقتداء به فسلم قبل أن يسجد للسهو
فلو كان المأموم مسبوقا بركعة أو شاكا في فعل ركن كالفاتحة فقام الإمام إلى الخامسة لم يجز للمسبوق متابعته فيها لأنا نعلم أنها غير محسوبة للإمام ، وأنه غالط فيها ، ولو لم يسجد الإمام إلا سجدة سجد المأموم أخرى حملا له على أنه نسيها ولو سجد المأموم هذا هو الصحيح المنصوص ، وقال ترك الإمام السجود لسهوه عامدا أو ساهيا أو كان يعتقد تأخيره إلى ما بعد السلام المزني وأبو حفص : لا يسجد ، وقد ذكر المصنف توجيههما ، ولو سلم الإمام ثم عاد إلى السجود نظر إن سلم المأموم معه ناسيا وافقه في السجود ، فإن لم يوافقه ففي بطلان صلاته وجهان بناء على الوجهين فيمن ؟ وسنوضحهما إن شاء الله - تعالى . سلم ناسيا لسجود السهو فعاد إليه هل يكون عائدا إلى الصلاة
وإن كان المأموم سلم عمدا مع علمه بالسهو لم يلزمه متابعة الإمام إذا عاد إلى السجود ; لأن سلامه عمدا يتضمن انقطاع القدوة ولو لم يسلم المأموم فعاد الإمام ليسجد فإن عاد بعد أن سجد المأموم للسهو لم يتابعه ; لأنه قطع القدوة بالسجود ، وإن عاد قبل سجود المأموم فوجهان حكاهما الرافعي وغيره ( أصحهما ) : لا يجوز متابعته بل يسجد منفردا ثم يجلس ( والثاني ) : تلزمه متابعته فإن لم يفعل بطلت صلاته ، ولو أتم المأموم صلاته وسجد تفريعا على الصحيح المنصوص ، ولو سبق الإمام حدث بعد ما سها أو بطلت صلاته بسبب آخر لم يسجد المأموم ; لأن الإمام حمله ، وإن سها المأموم ثم سبق الإمام حدث سجد المأموم للسهو ; لأنه [ ص: 66 ] توجه عليه السهو قبل مفارقته وإن نواها قبله فلا سجود ; لأنه نوى مفارقته قبل توجه السجود للسهو عليه ولو قام الإمام إلى خامسة ساهيا فنوى المأموم مفارقته بعد بلوغ الإمام حد الراكعين في ارتفاعه لم يسلم معه المأموم بل يسجد قبل السلام ولا ينتظر سجود الإمام بعده ; لأنه فارقه بسلامه ، والله أعلم كان الإمام حنفيا وجوزنا الاقتداء به فسلم قبل أن يسجد للسهو
( فرع ) ذكرنا أن مذهبنا أن لزم المأموم السجود معه قال الشيخ الإمام إذا سها وسجد للسهو : وبهذا قال العلماء كافة إلا أبو حامد فقال : لا يسجد معه ، هكذا حكاه الشيخ ابن سيرين أبو حامد عن ، وقال ابن سيرين إذا القاضي أبو الطيب لزم المأموم متابعته في السجود ، قال : وبهذا قال كافة العلماء إلا أدرك المأموم بعض صلاة الإمام ثم سها الإمام فسجد للسهو فقال : لا يسجد ; لأنه ليس موضع سجود المأموم ، دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم { ابن سيرين } " إلخ إنما جعل الإمام ليؤتم به