[ ص: 139 ] سورة الطور [ فيها آيتان ]
الآية الأولى قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين } .
وقرئ : وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان .
فيها ( مسألة ) : القراءتان لمعنيين : أما إذا كان اتبعتهم على أن يكون الفعل للذرية فيقتضي أن يكون الذرية مستقلة بنفسها تعقل الإيمان وتتلفظ به . وأما إذا كان الفعل واقعا بهم من الله عز وجل بغير واسطة نسبة إليهم فيكون ذلك لمن كان من الصغر في حد لا يعقل الإسلام ، ولكن جعل الله له حكم أبيه لفضله في الدنيا من العصمة والحرمة .
فأما
nindex.php?page=treesubj&link=8121إتباع الصغير لأبيه في أحكام الإسلام فلا خلاف فيه .
وأما تبعيته لأمه فاختلف فيه العلماء واضطرب فيه قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
والصحيح في الدين أنه يتبع من أسلم من أحد أبويه ، للحديث الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين من المؤمنين ، وذلك أن أمه أسلمت ولم يسلم
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فاتبع أمه في الدين ، وكان لأجلها من المؤمنين .
فأما
إذا كان أبواه كافرين فعقل الإسلام صغيرا وتلفظ به ، فاختلف العلماء اختلافا كثيرا .
ومشهور المذهب أنه يكون مسلما . والمسألة مشكلة ، وقد أوضحناها بطرقها في مسائل الخلاف ومن عمدها هذه الآية ، وهي قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21واتبعتهم ذريتهم بإيمان } ، فنسب الفعل إليهم ; فهذا يدل على أنهم عقلوه وتكلموا به ; فاعتبره الله ، وجعل لهم حكم المسلمين .
[ ص: 140 ] ومن العمد في هذه المسألة أن المخالف يرى صحة ردته فكيف يصح اعتبار ردته ولا يعتبر إسلامه ، وقد احتج جماعة بإسلام
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب صغيرا وأبواه كافران .
[ ص: 139 ] سُورَةُ الطُّورِ [ فِيهَا آيَتَانِ ]
الْآيَةُ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } .
وَقُرِئَ : وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ بِإِيمَانٍ .
فِيهَا ( مَسْأَلَةٌ ) : الْقِرَاءَتَانِ لِمَعْنَيَيْنِ : أَمَّا إذَا كَانَ اتَّبَعَتْهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ لِلذُّرِّيَّةِ فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الذُّرِّيَّةُ مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا تَعْقِلُ الْإِيمَانَ وَتَتَلَفَّظُ بِهِ . وَأَمَّا إذَا كَانَ الْفِعْلُ وَاقِعًا بِهِمْ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ نِسْبَةً إلَيْهِمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ مِنْ الصِّغَرِ فِي حَدٍّ لَا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ ، وَلَكِنْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ حُكْمَ أَبِيهِ لِفَضْلِهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْعِصْمَةِ وَالْحُرْمَةِ .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=8121إتْبَاعُ الصَّغِيرِ لِأَبِيهِ فِي أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ .
وَأَمَّا تَبَعِيَّتُهُ لِأُمِّهِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ وَاضْطَرَبَ فِيهِ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ .
وَالصَّحِيحُ فِي الدِّينِ أَنَّهُ يَتْبَعُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْت أَنَا وَأُمِّي مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ، وَذَلِكَ أَنَّ أُمَّهُ أَسْلَمَتْ وَلَمْ يُسْلِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسُ فَاتَّبَعَ أُمَّهُ فِي الدِّينِ ، وَكَانَ لِأَجْلِهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ .
فَأَمَّا
إذَا كَانَ أَبَوَاهُ كَافِرَيْنِ فَعَقَلَ الْإِسْلَامَ صَغِيرًا وَتَلَفَّظَ بِهِ ، فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا .
وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا . وَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ ، وَقَدْ أَوْضَحْنَاهَا بِطُرُقِهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَمِنْ عُمُدِهَا هَذِهِ الْآيَةُ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=21وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ } ، فَنَسَبَ الْفِعْلَ إلَيْهِمْ ; فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ عَقَلُوهُ وَتَكَلَّمُوا بِهِ ; فَاعْتُبِرَهُ اللَّهُ ، وَجَعَلَ لَهُمْ حُكْمَ الْمُسْلِمِينَ .
[ ص: 140 ] وَمِنْ الْعُمُدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُخَالِفَ يَرَى صِحَّةَ رِدَّتِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ اعْتِبَارُ رِدَّتِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ ، وَقَدْ احْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِإِسْلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَغِيرًا وَأَبَوَاهُ كَافِرَانِ .