الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: فأقم وجهك للدين حنيفا ؛ " الحنيف " : الذي يميل إلى الشيء؛ فلا يرجع عنه؛ كالحنف في الرجل؛ وهو ميلها إلى خارجها خلقة؛ لا يملك الأحنف أن يرد حنفه؛ وقوله - عز وجل -: فطرت الله التي فطر الناس عليها ؛ " فطرة الله " ؛ منصوب بمعنى: " اتبع فطرة الله " ؛ لأن معنى " فأقم وجهك " : " اتبع الدين القيم اتبع فطرة الله " ؛ ومعنى " فطرة الله " : " خلقة الله التي خلق عليها البشر " ؛ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " كل مولود يولد على الفطرة [ ص: 185 ] حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه " ؛ معناه أن الله - عز وجل - فطر الخلق على الإيمان؛ على ما جاء في الحديث أن الله - جل ثناؤه - أخرج من صلبآدم ذريته كالذر؛ وأشهدهم على أنفسهم بأنه خالقهم؛ قال الله - عز وجل -: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ؛ فكل مولود فهو من تلك الذرية التي شهدت بأن الله خالقها؛ فمعنى " فطرة الله " : " دين الله الذي فطر الناس عليه " . وقوله - عز وجل -: لا تبديل لخلق الله ؛ أكثر ما جاء في التفسير أن معناه: " لا تبديل لدين الله " ؛ وما بعده يدل عليه؛ وهو قوله: ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ؛ أي: لا يعلمون بحقيقة ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية