الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 217 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين ( 104 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك الذين عجبوا أن أوحيت إليك : إن كنتم في شك ، أيها الناس ، من ديني الذي أدعوكم إليه ، فلم تعلموا أنه حق من عند الله : فإني لا أعبد الذين تعبدون من دون الله من الآلهة والأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولا تغني عني شيئا ، فتشكوا في صحته .

وهذا تعريض ولحن من الكلام لطيف .

وإنما معنى الكلام : إن كنتم في شك من ديني ، فلا ينبغي لكم أن تشكوا فيه ، وإنما ينبغي لكم أن تشكوا في الذي أنتم عليه من عبادة الأصنام التي لا تعقل شيئا ولا تضر ولا تنفع . فأما ديني فلا ينبغي لكم أن تشكوا فيه ، لأني أعبد الله الذي يقبض الخلق فيميتهم إذ شاء ، وينفعهم ويضرهم إن شاء . وذلك أن عبادة من كان كذلك لا يستنكرها ذو فطرة صحيحة . وأما عبادة الأوثان فينكرها كل ذي لب وعقل صحيح .

وقوله : ( ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم ) ، يقول : ولكن أعبد الله الذي يقبض [ ص: 218 ] أرواحكم فيميتكم عند آجالكم ( وأمرت أن أكون من المؤمنين ) ، يقول : وهو الذي أمرني أن أكون من المصدقين بما جاءني من عنده .

التالي السابق


الخدمات العلمية