الآية الثالثة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29066لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي رضي الله عنه : ليس لله تعالى خلق هو أحسن من الإنسان ، فإن الله خلقه حيا عالما ، قادرا ، مريدا ، متكلما ، سميعا ، بصيرا ، مدبرا ، حكيما ، وهذه صفات الرب ، وعنها عبر بعض العلماء ، ووقع البيان بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11310إن الله خلق آدم على صورته } ، يعني على صفاته التي قدمنا ذكرها .
وفي رواية على صورة الرحمن . ومن أين تكون للرجل صفة مشخصة ، فلم يبق إلا أن تكون معاني ، وقد تكلمنا على الحديث في موضعه بما فيه بيانه .
وقد أخبرنا
المبارك بن عبد الجبار الأزدي ، أخبرنا القاضي
أبو القاسم علي بن أبي علي القاضي المحسن عن أبيه قال : كان
عيسى بن موسى الهاشمي يحب زوجه حبا شديدا قال لها يوما : أنت طالق ثلاثا إن لم تكوني أحسن من القمر ، فنهضت واحتجبت عنه ، وقالت : طلقني . وبات بليلة عظيمة . ولما أصبح غدا إلى دار
المنصور ، فأخبره الخبر [ وقال : يا أمير المؤمنين ، إن تم علي طلاقها تصلفت نفسي غما ، وكان الموت أحب إلي من الحياة ] ; وأظهر
للمنصور جزعا عظيما ، فاستحضر الفقهاء ، واستفتاهم ، فقال جميع من حضر : قد طلقت ، إلا رجلا واحدا من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، فإنه كان ساكتا ، فقال له
المنصور : مالك لا تتكلم ؟ فقال له الرجل : بسم الله الرحمن الرحيم . {
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } يا أمير المؤمنين ، الإنسان أحسن الأشياء ، ولا شيء أحسن منه [ فقال
المنصور nindex.php?page=showalam&ids=16752لعيسى بن موسى : الأمر كما قال ; فأقبل على زوجك ] ، فأرسل
أبو جعفر المنصور إلى زوجه أن أطيعي زوجك ، ولا تعصيه ، فما طلقك .
فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن خلق الله باطنا و [ هو أحسن خلق الله ] ظاهرا
[ ص: 361 ] جمال هيئة ، وبديع تركيب : الرأس بما فيه ، والصدر بما جمعه ، والبطن بما حواه ، والفرج وما طواه ، واليدان وما بطشتاه ، والرجلان وما احتملتاه ; ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم الأصغر ; إذ كل ما في المخلوقات أجمع فيه هذا على الجملة وكيف على التفصيل ، بتناسب المحاسن ، فهو أحسن من الشمس والقمر بالعينين جميعا . وقد بينا القول في ذلك في كتاب المشكلين ، وبهذه الصفات الجليلة التي ركب عليها الإنسان استولى على جماعة الكفران ، وغلب على طائفة الطغيان ، حتى قال : أنا ربكم الأعلى ، وحين علم الله هذا من عبده ، وقضاؤه صادر من عنده ، رده أسفل سافلين وهي : الآية الرابعة بأن جعله مملوءا قذرا ، مشحونا نجاسة ، وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا على وجه الاختيار تارة ، وعلى وجه الغلبة أخرى ، حتى إذا شاهد ذلك من أمره رجع إلى قدره .
الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29066لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى خَلْقٌ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ الْإِنْسَانِ ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَهُ حَيًّا عَالِمًا ، قَادِرًا ، مُرِيدًا ، مُتَكَلِّمًا ، سَمِيعًا ، بَصِيرًا ، مُدَبِّرًا ، حَكِيمًا ، وَهَذِهِ صِفَاتُ الرَّبِّ ، وَعَنْهَا عَبَّرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ، وَوَقَعَ الْبَيَانُ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11310إنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ } ، يَعْنِي عَلَى صِفَاتِهِ الَّتِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا .
وَفِي رِوَايَةٍ عَلَى صُورَةِ الرَّحْمَنِ . وَمِنْ أَيْنَ تَكُونُ لِلرَّجُلِ صِفَةٌ مُشَخَّصَةٌ ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَعَانِيَ ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى الْحَدِيثِ فِي مَوْضِعِهِ بِمَا فِيهِ بَيَانُهُ .
وَقَدْ أَخْبَرَنَا
الْمُبَارَكُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْأَزْدِيُّ ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي
أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ الْقَاضِي الْمُحْسِنُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ
عِيسَى بْنُ مُوسَى الْهَاشِمِيُّ يُحِبُّ زَوْجَهُ حُبًّا شَدِيدًا قَالَ لَهَا يَوْمًا : أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ ، فَنَهَضَتْ وَاحْتَجَبَتْ عَنْهُ ، وَقَالَتْ : طَلَّقَنِي . وَبَاتَ بِلَيْلَةٍ عَظِيمَةٍ . وَلَمَّا أَصْبَحَ غَدًا إلَى دَارِ
الْمَنْصُورِ ، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ [ وَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إنْ تَمَّ عَلَيَّ طَلَاقُهَا تَصَلَّفَتْ نَفْسِي غَمًّا ، وَكَانَ الْمَوْتُ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ الْحَيَاةِ ] ; وَأَظْهَرَ
لِلْمَنْصُورِ جَزَعًا عَظِيمًا ، فَاسْتَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ ، وَاسْتَفْتَاهُمْ ، فَقَالَ جَمِيعُ مَنْ حَضَرَ : قَدْ طَلُقَتْ ، إلَّا رَجُلًا وَاحِدًا مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، فَإِنَّهُ كَانَ سَاكِتًا ، فَقَالَ لَهُ
الْمَنْصُورُ : مَالَك لَا تَتَكَلَّمُ ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . {
nindex.php?page=tafseer&surano=95&ayano=1وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، الْإِنْسَانُ أَحْسَنُ الْأَشْيَاءِ ، وَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْهُ [ فَقَالَ
الْمَنْصُورُ nindex.php?page=showalam&ids=16752لِعِيسَى بْنِ مُوسَى : الْأَمْرُ كَمَا قَالَ ; فَأَقْبِلْ عَلَى زَوْجِك ] ، فَأَرْسَلَ
أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ إلَى زَوْجِهِ أَنْ أَطِيعِي زَوْجَك ، وَلَا تَعْصِيهِ ، فَمَا طَلَّقَك .
فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ أَحْسَنُ خَلْقِ اللَّهِ بَاطِنًا وَ [ هُوَ أَحْسَنُ خَلْقِ اللَّهِ ] ظَاهِرًا
[ ص: 361 ] جَمَالَ هَيْئَةٍ ، وَبَدِيعَ تَرْكِيبٍ : الرَّأْسُ بِمَا فِيهِ ، وَالصَّدْرُ بِمَا جَمَعَهُ ، وَالْبَطْنُ بِمَا حَوَاهُ ، وَالْفَرْجُ وَمَا طَوَاهُ ، وَالْيَدَانِ وَمَا بَطَشَتَاهُ ، وَالرِّجْلَانِ وَمَا احْتَمَلَتَاهُ ; وَلِذَلِكَ قَالَتْ الْفَلَاسِفَةُ : إنَّهُ الْعَالَمُ الْأَصْغَرُ ; إذْ كُلُّ مَا فِي الْمَخْلُوقَاتِ أُجْمِعَ فِيهِ هَذَا عَلَى الْجُمْلَةِ وَكَيْفَ عَلَى التَّفْصِيلِ ، بِتَنَاسُبِ الْمَحَاسِنِ ، فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالْعَيْنَيْنِ جَمِيعًا . وَقَدْ بَيَّنَّا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمُشْكِلَيْنِ ، وَبِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْجَلِيلَةِ الَّتِي رُكِّبَ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ اسْتَوْلَى عَلَى جَمَاعَةٍ الْكُفْرَانُ ، وَغَلَبَ عَلَى طَائِفَةٍ الطُّغْيَانُ ، حَتَّى قَالَ : أَنَا رَبُّكُمْ الْأَعْلَى ، وَحِينَ عَلِمَ اللَّهُ هَذَا مِنْ عَبْدِهِ ، وَقَضَاؤُهُ صَادِرٌ مِنْ عِنْدِهِ ، رَدَّهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ وَهِيَ : الْآيَةُ الرَّابِعَةُ بِأَنْ جَعَلَهُ مَمْلُوءًا قَذِرًا ، مَشْحُونًا نَجَاسَةً ، وَأَخْرَجَهَا عَلَى ظَاهِرِهِ إخْرَاجًا مُنْكَرًا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ تَارَةً ، وَعَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ أُخْرَى ، حَتَّى إذَا شَاهَدَ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِهِ رَجَعَ إلَى قَدْرِهِ .