الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك بأن الله هو الحق كلام مستأنف جيء به إثر تحقيق حقية البعث وإقامة البرهان عليه من العالمين الإنساني والنباتي ، لبيان أن ذلك من اثار ألوهيته تعالى وأحكام شئونه الذاتية والوصفية والفعلية ، وأن ما ينكرون وجوده بل إمكانه من اتيان الساعة والبعث من أسباب تلك الآثار العجيبة التي يشاهدونها في الأنفس والآفاق ومبادئ صدورها عنه تعالى ، وفيه من الإيذان بقوة الدليل وأصله المدلول في التحقيق وإظهار بطلان إنكاره ما لا يخفى ، فإن إنكار تحقق السبب مع الجزم بتحقيق المسبب مما يقضي ببطلانه بديهة العقول . والمراد بالحق : هو الثابت الذي يحق ثبوته لا محالة لكونه لذاته لا الثابت مطلقا ، وذلك إشارة إلى ما ذكر من خلق الإنسان على أطوار مختلفة وتصريفه في أحوال متباينة ، وإحياء الأرض بعد موتها وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلته في الكمال وهو مبتدأ خبره الجار والمجرور ، أي : ذلك الصنع البديع حاصل بسبب أنه تعالى هو الحق وحده في ذاته وصفاته وأفعاله المحقق لما سواه من الأشياء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأنه يحيي الموتى أي : شأنه وعادته إحياؤها وحاصله أنه تعالى قادر على إحيائها بدءا وإعادة وإلا لما أحيا النطفة والأرض الميتة مرارا بعد مرار ، وما تفيده صيغة المضارع من التجدد إنما هو باعتبار تعلق القدرة ومتعلقها لا باعتبار نفسها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأنه على كل شيء قدير أي : مبالغ في القدرة ، وإلا لما أوجد هذه الموجودات القائتة للحصر التي من جملتها ما ذكر ، وأما الاستدلال على ذلك بأن قدرته تعالى لذاته الذي نسبته إلى الكل سواء فلما دلت المشاهدة على قدرته على إحياء بعض الأموات لزم اقتداره على إحياء كلها فمنشأة الغفول عما سيق له النظم الكريم من بيان كون الآثار الخاتمة المذكورة من فروع القدرة العامة اللامة ومسبباتها ، وتخصيص إحياء الموتى بالذكر مع كونه من جملة الأشياء المقدور عليها للتصريح بما فيه النزاع والدفع في نحور المنكرين ، وتقديمه لإبراز الاعتناء به .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية