وقوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=30356_30364_30497_33679_34091_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47ونضع الموازين القسط بيان لما سيقع عند إتيان ما أنذروه .
وجعل
الطيبي الجملة حالا من الضمير في
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=46ليقولن بتقدير ونحن نضع ، وهي في الخلو عن العائد نحو جئتك والشمس طالعة ، ويجوز أن يقال : أقيم العموم في
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47نفس الآتي بعد مقام العائد وهو كما ترى أي ونحضر الموازين العادلة التي توزن بها صحائف الأعمال كما يقضي بذلك حديث السجلات والبطاقة التي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره أو نفس الأعمال كما قيل ، وتظهر بصور جوهرية مشرقة إن كانت حسنات ومظلمة إن كانت سيئات ، وجمع الموازين ظاهر في تعدد الميزان حقيقة وقد قيل به فقيل لكل أمة ميزان ، وقيل لكل مكلف ميزان ، وقيل للمؤمن موازين بعدد خيراته وأنواع حسناته ، والأصح الأشهر أنه ميزان واحد لجميع الأمم ولجميع الأعمال كفتاه كأطباق السماوات والأرض لصحة الأخبار بذلك ، والتعدد اعتباري وقد يعبر عن الواحد بما يدل على الجمع للتعظيم كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99رب ارجعون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100لعلي أعمل صالحا [المؤمنون : 99] وقوله فارحموني يا إله
محمد ، وإحضار ذلك تجاه العرش بين الجنة والنار ويأخذ
جبريل عليه السلام بعموده ناظرا إلى لسانه
وميكائيل عليه السلام أمين عليه كما في نوادر الأصول ، وهل هو مخلوق اليوم أو سيخلق غدا ؟ .
قال
اللقاني : لم أقف على نص في ذلك كما لم أقف على نص في أنه من أي الجواهر هو اهـ ، وما روي من أن
داود عليه السلام سأل ربه سبحانه أن يريه الميزان فلما رآه غشي عليه ثم أفاق فقال : يا إلهي من الذي يقدر أن يملأ كفته حسنات ؟ فقال تعالى : يا
داود إني إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة ، نص في أنه مخلوق اليوم لكن لا أدري حال الحديث فلينقر .
وأنكر المعتزلة الميزان بالمعنى الحقيقي وقالوا : يجب أن يحمل ما ورد في القرآن من ذلك على رعاية العدل والإنصاف ، ووضع الموازين عندهم تمثيل لإرصاد الحساب السوي والجزاء على حسب الأعمال ، وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ولا داعي إلى العدول عن الظاهر ، وإفراد القسط مع كونه
[ ص: 55 ] صفة الجمع لأنه مصدر ووصف به مبالغة ، ويجوز أن يكون على حذف مضاف أي ذوات القسط ، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان أن يكون مفعولا لأجله نحو قوله : لا أقعد الجبن عن الهيجاء وحينئذ يستغنى عن توجيه إفراده . وقرئ (القصط ) بالصاد ، واللام في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47ليوم القيامة بمعنى في كما نص عليه
ابن مالك وأنشد لمجيئها كذلك قول
مسكين الدارمي :
أولئك قومي قد مضوا لسبيلهم كما مضى من قبل عاد وتبع
وهو مذهب الكوفيين ووافقهم
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة أي نضع الموازين في يوم القيامة التي كانوا يستعجلونها وقال غير واحد : هي للتعليل أي لأجل حساب يوم القيامة أو لأجل أهله وجعلها بعضهم للاختصاص كما هو أحد احتمالين في قولك جئت لخمس ليال خلون من الشهر ، والمشهور فيه وهو الاحتمال الثاني أن اللام بمعنى في :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47فلا تظلم نفس من النفوس
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47شيئا من الظلم فلا ينقص ثوابها الموعود ولا يزاد عذابها المعهود . فالشيء منصوب على المصدرية والظلم هو بمعناه المشهور .
وجوز أن يكون ( شيئا ) مفعولا به على الحذف والإيصال والظلم بحاله أي فلا تظلم في شيء بأن تمنع ثوابا أو تزاد عذابا ، وبعضهم فسر الظلم بالنقص وجوز في ( شيئا ) المصدرية والمفعولية من غير اعتبار الحذف والإيصال أي فلا تنقص شيئا من النقص أو شيئا من الثواب ، ويفهم عدم الزيادة في العقاب من إشارة النص واللزوم المتعارف ، واختير ما لا يحتاج فيه إلى الإشارة واللزوم ، والفاء لترتيب انتفاء الظلم على وضع الموازين .
وربما يفهم من ذلك أن كل أحد توزن أعماله ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : الميزان حق ولا يكون في حق كل أحد بدليل الحديث الصحيح فيقال : يا
محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن الحديث وأحرى الأنبياء عليهم السلام ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام [الرحمن : 41] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=105فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا [الكهف : 105] . وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا [الفرقان : 23] . وإنما يبقى الوزن لمن شاء الله سبحانه من الفريقين .
وذكر
القاضي منذر بن سعيد البلوطي أن أهل الصبر لا توزن أعمالهم وإنما يصب لهم الأجر صبا ، وظواهر أكثر الآيات والأحاديث تقتضي وزن أعمال الكفار ، وأول لها ما اقتضى ظاهره خلاف ذلك وهو قليل بالنسبة إليها ، وعندي لا قاطع في عموم الوزن وأميل إلى عدم العموم ، ثم إنه كما اختلف في عمومه بالنسبة إلى أفراد الإنس اختلف في عمومه بالنسبة إلى نوعي الإنس والجن ، والحق أن مؤمني الجن كمؤمني الإنس وكافرهم ككافرهم كما بحثه
nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي واستنبطه من عدة آيات ، وبسط
اللقاني القول في ذلك في شرحه الكبير للجوهرة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان الخلاف في كيفية الوزن
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47وإن كان أي العمل المدلول عليه بوضع الموازين ، وقيل الضمير راجع لشيئا بناء على أن المعنى فلا تظلم جزاء عمل من الأعمال
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47مثقال حبة من خردل أي مقدار حبة كائنة من خردل فالجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لحبة ، وجوز أن يكون صفة لمثقال والأول أقرب ، والمراد وإن كان في غاية القلة والحقارة فإن حبة الخردل مثل في الصغر .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع (مثقال ) بالرفع على أن كان
[ ص: 56 ] تامة
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47أتينا بها أي جئنا بها وبه قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي ، والمراد أحضرناها ، فالباء للتعدية والضمير للمثقال وأنث لاكتساب التأنيث من المضاف إليه والجملة جواب إن الشرطية ، وجوز أن تكون إن وصلية والجملة مستأنفة وهو خلاف الظاهر . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير وابن أبي إسحق والعلاء بن سيابة وجعفر بن محمد وابن شريح الأصبهاني (آتينا ) بمدة على أنه مفاعلة من الإتيان بمعنى المجازاة والمكافأة لأنهم أتوه تعالى بالأعمال وأتاهم بالجزاء ، وقيل هو من الإيتاء وأصله أأتينا فأبدلت الهمزة الثانية ألفا ، والمراد جازينا أيضا مجازا ولذا عدي بالباء ولو كان المراد أعطينا كما قال بعضهم لتعدى بنفسه كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني وغيره . وقرأ
حميد (أثبنا ) من الثواب
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47وكفى بنا حاسبين قيل أي عادين ومحصين أعمالهم على أنه من الحساب مرادا به معناه اللغوي وهو العد وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، وجوز أن يكون كناية عن المجازاة . وذكر
اللقاني أن الحساب في عرف الشرع توقيف الله تعالى عباده إلا من استثني منهم قبل الانصراف من المحشر على أعمالهم خيرا كانت أو شرا تفصيلا لا بالوزن ، وأنه كما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي وغيره وجزم به صاحب كنز الأسرار قبل الوزن ، ولا يخفى أن في الآية إشارة ما إلى أن الحساب المذكور فيها بعد وضع الموازين فتأمل ، ونصب الوصف إما على أنه تمييز أو على أنه حال واستظهر الأول في البحر .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=30356_30364_30497_33679_34091_28992nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ بَيَانٌ لِمَا سَيَقَعُ عِنْدَ إِتْيَانِ مَا أُنْذِرُوهُ .
وَجَعَلَ
الطَّيِّبِيُّ الْجُمْلَةَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=46لَيَقُولُنَّ بِتَقْدِيرِ وَنَحْنُ نَضَعُ ، وَهِيَ فِي الْخُلُوِّ عَنِ الْعَائِدِ نَحْوُ جِئْتُكَ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : أُقِيمَ الْعُمُومُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47نَفْسٌ الْآتِي بَعْدَ مَقَامِ الْعَائِدِ وَهُوَ كَمَا تَرَى أَيْ وَنُحْضِرُ الْمَوَازِينَ الْعَادِلَةَ الَّتِي تُوزَنُ بِهَا صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ كَمَا يَقْضِي بِذَلِكَ حَدِيثُ السِّجِلَّاتِ وَالْبِطَاقَةِ الَّتِي ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَوْ نَفْسُ الْأَعْمَالِ كَمَا قِيلَ ، وَتَظْهَرُ بِصُوَرٍ جَوْهَرِيَّةٍ مُشْرِقَةٍ إِنْ كَانَتْ حَسَنَاتٍ وَمُظْلِمَةٍ إِنْ كَانَتْ سَيِّئَاتٍ ، وَجَمْعُ الْمَوَازِينِ ظَاهِرٌ فِي تَعَدُّدِ الْمِيزَانِ حَقِيقَةً وَقَدْ قِيلَ بِهِ فَقِيلَ لِكُلِّ أُمَّةٍ مِيزَانٌ ، وَقِيلَ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ مِيزَانٌ ، وَقِيلَ لِلْمُؤْمِنِ مَوَازِينُ بِعَدَدِ خَيْرَاتِهِ وَأَنْوَاعِ حَسَنَاتِهِ ، وَالْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ أَنَّهُ مِيزَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِ الْأُمَمِ وَلِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ كِفَّتَاهُ كَأَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ بِذَلِكَ ، وَالتَّعَدُّدُ اعْتِبَارِيٌّ وَقَدْ يُعَبِّرُ عَنِ الْوَاحِدِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ لِلتَّعْظِيمِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99رَبِّ ارْجِعُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=100لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا [الْمُؤْمِنُونَ : 99] وَقَوْلُهُ فَارْحَمُونِي يَا إِلَهَ
مُحَمَّدٍ ، وَإِحْضَارُ ذَلِكَ تُجَاهَ الْعَرْشِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَيَأْخُذُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِعَمُودِهِ نَاظِرًا إِلَى لِسَانِهِ
وَمِيكَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمِينٌ عَلَيْهِ كَمَا فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ ، وَهَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ الْيَوْمَ أَوْ سَيُخْلَقُ غَدًا ؟ .
قَالَ
اللَّقَانِيُّ : لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ كَمَا لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي أَنَّهُ مِنْ أَيِّ الْجَوَاهِرِ هُوَ اهَـ ، وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ
دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يُرِيَهُ الْمِيزَانَ فَلَمَّا رَآهُ غُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : يَا إِلَهِي مَنِ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يَمْلَأَ كِفَّتَهُ حَسَنَاتٍ ؟ فَقَالَ تَعَالَى : يَا
دَاوُدُ إِنِّي إِذَا رَضِيتُ عَنْ عَبْدِي مَلَأْتُهَا بِتَمْرَةٍ ، نَصٌّ فِي أَنَّهُ مَخْلُوقٌ الْيَوْمَ لَكِنْ لَا أَدْرِي حَالَ الْحَدِيثِ فَلْيُنْقَرْ .
وَأَنْكَرَ الْمُعْتَزِلَةُ الْمِيزَانَ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَقَالُوا : يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى رِعَايَةِ الْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ ، وَوَضْعُ الْمَوَازِينِ عِنْدَهُمْ تَمْثِيلٌ لِإِرْصَادِ الْحِسَابِ السَّوِيِّ وَالْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ الْأَعْمَالِ ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشِ وَلَا دَاعِيَ إِلَى الْعُدُولِ عَنِ الظَّاهِرِ ، وَإِفْرَادُ الْقِسْطِ مَعَ كَوْنِهِ
[ ص: 55 ] صِفَةَ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ وَوُصِفَ بِهِ مُبَالَغَةً ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ ذَوَاتُ الْقِسْطِ ، وَجَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ نَحْوُ قَوْلِهِ : لَا أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ وَحِينَئِذٍ يُسْتَغْنَى عَنْ تَوْجِيهِ إِفْرَادِهِ . وَقُرِئَ (الْقِصْطَ ) بِالصَّادِ ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ بِمَعْنَى فِي كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ
ابْنُ مَالِكٍ وَأَنْشَدَ لِمَجِيئِهَا كَذَلِكَ قَوْلَ
مِسْكِينَ الدَّارِمِيِّ :
أُولَئِكَ قَوْمِي قَدْ مَضَوْا لِسَبِيلِهِمُ كَمَا مَضَى مِنْ قَبْلُ عَادٌ وَتُبَّعُ
وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ وَوَافَقَهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابْنُ قُتَيْبَةَ أَيْ نَضَعُ الْمَوَازِينَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ الَّتِي كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَهَا وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : هِيَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِأَجْلِ حِسَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ لِأَجْلِ أَهْلِهِ وَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ لِلِاخْتِصَاصِ كَمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ فِي قَوْلِكَ جِئْتُ لِخَمْسِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنَ الشَّهْرِ ، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ وَهُوَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ مِنَ النُّفُوسِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47شَيْئًا مِنَ الظُّلْمِ فَلَا يُنْقَصُ ثَوَابُهَا الْمَوْعُودُ وَلَا يُزَادُ عَذَابُهَا الْمَعْهُودُ . فَالشَّيْءُ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ وَالظُّلْمُ هُوَ بِمَعْنَاهُ الْمَشْهُورِ .
وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ ( شَيْئًا ) مَفْعُولًا بِهِ عَلَى الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالظُّلْمُ بِحَالِهِ أَيْ فَلَا تُظْلَمُ فِي شَيْءٍ بِأَنْ تُمْنَعَ ثَوَابًا أَوْ تُزَادَ عَذَابًا ، وَبَعْضُهُمْ فَسَّرَ الظُّلْمَ بِالنَّقْصِ وَجُوِّزَ فِي ( شَيْئًا ) الْمَصْدَرِيَّةُ وَالْمَفْعُولِيَّةُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ أَيْ فَلَا تَنْقُصُ شَيْئًا مِنَ النَّقْصِ أَوْ شَيْئًا مِنَ الثَّوَابِ ، وَيُفْهَمُ عَدَمُ الزِّيَادَةِ فِي الْعِقَابِ مِنْ إِشَارَةِ النَّصِّ وَاللُّزُومِ الْمُتَعَارَفِ ، وَاخْتِيرَ مَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْإِشَارَةِ وَاللُّزُومِ ، وَالْفَاءُ لِتَرْتِيبِ انْتِفَاءِ الظُّلْمِ عَلَى وَضْعِ الْمَوَازِينِ .
وَرُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ تُوزَنُ أَعْمَالُهُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14979الْقُرْطُبِيُّ : الْمِيزَانُ حَقٌّ وَلَا يَكُونُ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَيُقَالُ : يَا
مُحَمَّدُ أَدْخِلِ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ الْحَدِيثَ وَأَحْرَى الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=41يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ [الرَّحْمَنَ : 41] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=105فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا [الْكَهْفَ : 105] . وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الْفُرْقَانَ : 23] . وَإِنَّمَا يَبْقَى الْوَزْنُ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ .
وَذَكَرَ
الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيُ أَنَّ أَهْلَ الصَّبْرِ لَا تُوزَنُ أَعْمَالُهُمْ وَإِنَّمَا يُصَبُّ لَهُمُ الْأَجْرُ صَبًّا ، وَظَوَاهِرُ أَكْثَرِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ تَقْتَضِي وَزْنَ أَعْمَالِ الْكُفَّارِ ، وَأُوِّلَ لَهَا مَا اقْتَضَى ظَاهِرُهُ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا ، وَعِنْدِي لَا قَاطِعَ فِي عُمُومِ الْوَزْنِ وَأَمِيلُ إِلَى عَدَمِ الْعُمُومِ ، ثُمَّ إِنَّهُ كَمَا اخْتُلِفَ فِي عُمُومِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَفْرَادِ الْإِنْسِ اخْتُلِفَ فِي عُمُومِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى نَوْعَيِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ، وَالْحَقُّ أَنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ كَمُؤْمِنِي الْإِنْسِ وَكَافِرَهُمْ كَكَافِرِهِمْ كَمَا بَحَثَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14979الْقُرْطُبِيُّ وَاسْتَنْبَطَهُ مِنْ عِدَّةِ آيَاتٍ ، وَبَسَطَ
اللَّقَانِيُّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ لِلْجَوْهَرَةِ ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانُ الْخِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ الْوَزْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47وَإِنْ كَانَ أَيِ الْعَمَلُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِوَضْعِ الْمَوَازِينِ ، وَقِيلَ الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِشَيْئًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى فَلَا تُظْلَمُ جَزَاءَ عَمَلٍ مِنَ الْأَعْمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَيْ مِقْدَارَ حَبَّةٍ كَائِنَةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ صِفَةً لِحَبَّةٍ ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمِثْقَالَ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ ، وَالْمُرَادُ وَإِنْ كَانَ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ وَالْحَقَارَةِ فَإِنَّ حَبَّةَ الْخَرْدَلِ مَثَلٌ فِي الصِّغَرِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وَأَبُو جَعْفَرَ وَشَيْبَةُ nindex.php?page=showalam&ids=17192وَنَافِعٌ (مِثْقَالُ ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ
[ ص: 56 ] تَامَّةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47أَتَيْنَا بِهَا أَيْ جِئْنَا بِهَا وَبِهِ قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ ، وَالْمُرَادُ أَحْضَرْنَاهَا ، فَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَالضَّمِيرُ لِلْمِثْقَالِ وَأُنِّثَ لِاكْتِسَابِ التَّأْنِيثِ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ إِنِ الشَّرْطِيَّةِ ، وَجُوِّزَ أَنْ تَكُونَ إِنْ وَصْلِيَّةً وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَابْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ أَبِي إِسْحَقَ وَالْعَلَاءُ بْنُ سَيَابَةَ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَابْنُ شُرَيْحٍ الْأَصْبَهَانِيُّ (آتَيْنَا ) بِمَدَّةٍ عَلَى أَنَّهُ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمَعْنَى الْمُجَازَاةِ وَالْمُكَافَأَةِ لِأَنَّهُمْ أَتَوْهُ تَعَالَى بِالْأَعْمَالِ وَأَتَاهُمْ بِالْجَزَاءِ ، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْإِيتَاءِ وَأَصْلُهُ أَأْتَيْنَا فَأُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ الثَّانِيَةُ أَلِفًا ، وَالْمُرَادُ جَازَيْنَا أَيْضًا مَجَازًا وَلِذَا عُدِّيَ بِالْبَاءِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَعْطَيْنَا كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّي وَغَيْرُهُ . وَقَرَأَ
حُمَيْدٌ (أَثَبْنَا ) مِنَ الثَّوَابِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=47وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ قِيلَ أَيْ عَادِّينَ وَمُحْصِينَ أَعْمَالَهُمْ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْحِسَابِ مُرَادًا بِهِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْعَدُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْمُجَازَاةِ . وَذَكَرَ
اللَّقَانِيُّ أَنَّ الْحِسَابَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ تَوْقِيفُ اللَّهِ تَعَالَى عِبَادَهُ إِلَّا مَنِ اسْتُثْنِيَ مِنْهُمْ قَبْلَ الِانْصِرَافِ مِنَ الْمَحْشَرِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ خَيْرًا كَانَتْ أَوْ شَرًّا تَفْصِيلًا لَا بِالْوَزْنِ ، وَأَنَّهُ كَمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15466الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ كَنْزِ الْأَسْرَارِ قَبْلَ الْوَزْنِ ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي الْآيَةِ إِشَارَةً مَا إِلَى أَنَّ الْحِسَابَ الْمَذْكُورَ فِيهَا بَعْدَ وَضْعِ الْمَوَازِينِ فَتَأَمَّلْ ، وَنَصْبُ الْوَصْفِ إِمَّا عَلَى أَنَّهُ تَمْيِيزٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ وَاسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ فِي الْبَحْرِ .