الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 360 ) فصل : إذا نوى الفرض استباح كل ما يباح بالتيمم من النفل ، قبل الفرض وبعده ، وقراءة القرآن ، ومس المصحف ، واللبث في المسجد . وبهذا قال الشافعي ، وأصحاب الرأي : وقال مالك : لا يتطوع قبل الفريضة بصلاة غير راتبة . وحكي نحوه عن أحمد ; لأن النفل تبع للفرض ، فلا يتقدم المتبوع . ولنا أنه تطوع ، فأبيح له فعله إذا نوى الفرض ، كالسنن الراتبة وكما بعد الفرض . وقوله : إنه تبع قلنا : إنما هو تبع في الاستباحة ، لا في الفعل ، كالسنن الراتبة ، وقراءة القرآن ، وغيرهما .

                                                                                                                                            وإن نوى نافلة أبيحت له ، وأبيح له قراءة القرآن ، ومس المصحف ، والطواف ; لأن النافلة آكد من ذلك كله ; لأن الطهارتين مشترطتان لها بالإجماع ، وفي اشتراطهما لما سواها خلاف ، فيدخل الأدنى في الأعلى ، كدخول النافلة في الفريضة ; ولأن النفل يشتمل على قراءة القرآن ، [ ص: 159 ] فنية النفل تشمله وإن نوى شيئا من ذلك لم يبح له التنفل بالصلاة ; لأنه أدنى ، فلا يستبيح الأعلى بنيته ، كالفرض مع النفل . وإن تيمم للطواف أبيح له قراءة القرآن ، واللبث في المسجد ; لأنه أعلى منهما ، فإنه صلاة ، ويشترط له الطهارتان ، وله نفل وفرض ، ويدخل في ضمنه اللبث في المسجد ; لأنه لا يكون إلا في المسجد . وإن نوى أحدهما لم يستبح الطواف ; لأنه أعلى منهما .

                                                                                                                                            وإن نوى فرض الطواف ، استباح نفله . وإن نوى نفله ، لم يستبح فرضه كالصلاة . وإن نوى بتيممه قراءة القرآن لكونه جنبا ، أو اللبث في المسجد ، أو مس المصحف ، لم يستبح غير ما نواه ; لقوله عليه السلام : " وإنما لكل امرئ ما نوى " ولأنه لم ينو ذلك ، ولا ما هو أعلى منه ، فلم يستبحه ، كما لا يستبيح الفرض إذا لم ينوه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية