الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم التفات إلى خطاب الرامين والمرميات بطريق التغليب لتوفية مقام الامتنان حقه، وجواب لولا محذوف لتهويله حتى كأنه لا توجد عبارة تحيط ببيانه، وهذا الحذف شائع في كلامهم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال جرير :


                                                                                                                                                                                                                                      كذب العواذل لو رأين مناخنا بحزيز رامة والمطي سوام



                                                                                                                                                                                                                                      ومن أمثالهم لو ذات سوار لطمتني فكأنه قيل: لولا تفضله تعالى عليكم ورحمته سبحانه وأنه تعالى مبالغ في قبول التوبة حكيم في جميع أفعاله وأحكامه التي من جملتها ما شرع لكم من حكم اللعان لكان مما لا يحيط به نطاق البيان، ومن جملته أنه تعالى لو لم يشرع لهم ذلك لوجب على الزوج حد القذف مع أن الظاهر صدقه لأنه أعرف بحال زوجته وأنه لا يفتري عليها لاشتراكهما في الفضاحة، وبعد ما شرع لهم لو جعل شهاداته موجبة لحد الزنا عليها لفات النظر إليها، ولو جعل شهاداته موجبة لحد القذف عليه لفات النظر له، ولا ريب في خروج الكل عن سنن الحكمة والفضل والرحمة، فجعل شهادات كل منهما مع الجزم بكذب أحدهما حتما دارئة لما توجه إليه من الغائلة الدنيوية، وقد ابتلي الكاذب منهما في تضاعيف شهاداته من العذاب بما هو أتم مما درأته عنه وأطم وفي ذلك من أحكام الحكم البالغة وآثار التفضل والرحمة ما لا يخفى أما على الصادق فظاهر وأما على الكاذب فهو إمهاله والستر عليه في الدنيا ودرء الحد عنه وتعريضه للتوبة حسبما ينبئ عنه التعرض لعنوان توابيته تعالى فسبحانه ما أعظم شأنه وأوسع رحمته وأدق حكمته قال شيخ الإسلام، وعن ابن سلام تفسير الفضل بالإسلام ولا يخفى أنه مما لا يقتضيه المقام، وعن أبي مسلم أنه أدخل في الفضل النهي عن الزنا ويحسن ذلك لو جعلت الجملة تذييلا لجميع ما تقدم من الآيات وفيه من البعد ما فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية