nindex.php?page=treesubj&link=18198_28640_32485_33651_34349_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج في كتاب
الزهراوي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن هؤلاء الطوائف كانوا يتحرجون من مؤاكلة الأصحاء حذارا من استقذارهم إياهم وخوفا من تأذيهم بأفعالهم وأوضاعهم فنزلت. وقيل: كانوا يدخلون على الرجل لطلب الطعام فإذا لم يكن عنده ما يطعمهم ذهب بهم إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم أو إلى بعض من سماهم الله تعالى في الآية الكريمة فكانوا يتحرجون من ذلك ويقولون: ذهب بنا إلى بيت غيره ولعل أهله كارهون لذلك. وكذا كانوا يتحرجون من الأكل من أموال الذين كانوا إذا خرجوا إلى الغزو وخلفوا هؤلاء الضعفاء في بيوتهم ودفعوا إليهم مفاتيحها وأذنوا لهم أن يأكلوا مما فيها مخافة أن لا يكون إذنهم عن طيب نفس منهم. وكان غير هؤلاء أيضا يتحرجون من الأكل في بيوت غيرهم، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة كانت الأنصار في أنفسها قزازة فكانت لا تأكل من البيوت الذي ذكر الله تعالى، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان الرجل يدخل بيت أبيه أو بيت أخيه أو أخته فتتحفه المرأة بشيء من الطعام فيتحرج لأجل أنه ليس ثم رب البيت، والحرج لغة كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج الضيق من الحرجة وهو الشجر الملتف بعضه ببعض لضيق المسالك فيه، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب : هو في الأصل مجتمع الشيء ثم أطلق على الضيق وعلى الإثم، والمعنى على الرواية الأولى ليس على هؤلاء حرج في أكلهم مع الأصحاء، ويقدر على سائر الروايات ما يناسب ذلك مما لا يخفى، ( وعلى ) على معناها في جميع
[ ص: 218 ] ذلك، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه لما نزل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل [البقرة: 188] تحرج المسلمون عن مؤاكلة الأعمى لأنه لا يبصر موضع الطعام الطيب والأعرج لأنه لا يستطيع المزاحمة على الطعام والمريض لأنه لا يستطيع استيفاء الطعام فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقيل: كانت العرب ومن
بالمدينة قبل البعث تجتنب الأكل مع أهل هذه الأغدار لمكان جولان يد الأعمى وانبساط جلسة الأعرج وعدم خلو المريض من رائحة تؤذي أو جرح ينض أو أنف يذن فنزلت. ومن ذهب إلى هذا جعل ( على ) بمعنى في أي ليس في مؤاكلة الأعمى حرج وهكذا وإلا لكان حق التركيب ليس عليكم أن تأكلوا مع الأعمى حرج وكذا يقال فيما بعد وفيه بعد لا يخفى، وقيل: لا حاجة إلى أن يقدر محذوف بعد قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61حرج حسبما أشير إليه إذ المعنى ليس على الطوائف المعدودة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61ولا على أنفسكم حرج
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أن تأكلوا أنتم وهم معكم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61من بيوتكم إلخ، وإلى كون المعنى كذلك ذهب مولانا
شيخ الإسلام ثم قال: وتعميم الخطاب للطوائف المذكورة أيضا يأباه ما قبله وما بعده فإن الخطاب فيهما لغير أولئك الطوائف حتما ولعل ما تقدم أولى، وأما تعميم الخطاب فلا أقول به أصلا، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن وذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : هو القول الظاهر أن الحرج المنفي عن أهل العذر هو الحرج في القعود عن الجهاد وغيره مما رخص لهم فيه والحرج المنفي عمن بعدهم الحرج في الأكل من البيوت المذكورة، قال صاحب الكشاف: والكلام عليه صحيح لالتقاء الطائفتين في أن كلا منفي عنه الحرج، ومثاله أن يستفتى مسافر عن الإفطار في رمضان وحاج مفرد عن تقديم الحلق على النحر فتقول: ليس على المسافر حرج أن يفطر ولا عليك يا حاج أن تقدم الحلق على النحر وهو تحقيق لأمر العطف وذلك أنه لما كان فيه غرابة لبعد الجامع بادئ النظر أزاله بأن الغرض لما كان بيان الحكم كفاء الحوادث والحادثتان وإن تباينتا كل التباين إذا تقارنتا في الوقوع والاحتياج إلى البيان قرب الجامع بينهما ولا كذلك إذا كان الكلام في غير معرض الإفتاء والبيان، وليس هذا القول منه بناء على أن الاكتفاء في تصور ما كاف في الجامعية كما ظن، وبهذا يظهر الجواب عما اعترض به على هذه الرواية من أن الكلام عليها لا يلائم ما قبله ولا ما بعده لأن ملاءمته لما بعده قد عرفت وجهها، وأما ملاءمته لما قبله فغير لازمة إذ لم يعطف عليه، وربما يقال في وجه ذكر نفي الحرج عن أهل العذر بترك الجهاد وما يشبهه مما رخص لهم فيه أثناء بيان الاستئذان ونحوه: إن نفي الحرج عنهم بذلك مستلزم عدم وجوب الاستئذان منه صلى الله عليه وسلم لترك ذلك
فلهم القعود عن الجهاد ونحوه من غير استئذان ولا إذن كما أن للماليك والصبيان الدخول في البيوت في غير العورات الثلاث من غير استئذان ولا إذن من أهل البيت، ومثل هذا يكفي وجها في توسيط جملة أثناء جمل ظاهرة التناسب، ويرد عليه شيء عسى أن يدفع بالتأمل، وإنما لم يذكر الحرج في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61ولا على أنفسكم بأن يقال: ولا على أنفسكم حرج اكتفاء بذكره فيما مر والأواخر محل الحذف، ولم يكتف بحرج واحد بأن يقال: ليس على الأعمى والأعرج والمريض وأنفسكم حرج أن تأكلوا دفعا لتوهم خلاف المراد، وقيل حذف الحرج آخرا للإشارة إلى مغايرته للمذكور ولا تقدح في دلالته عليه لا سيما إذا قلنا: إن الدال غير منحصر فيه وهو كما ترى، ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61على أنفسكم كما في الكشاف عليكم وعلى من في مثل حالكم من المؤمنين، وفيه كما في الكشف إشارة إلى فائدة إقحام النفس وأن الحاصل
[ ص: 219 ] ليس على الضعفاء المطعمين ولا على الذاهبين إلى بيوت القرابات ومن في مثل حالهم وهم الأصدقاء حرج. وقيل: إن فائدة إقحامها الإشارة إلى أن الأكل المذكور مع أنه لا حرج فيه لا يخل بقدر من له شأن وهو وجه حسن دقيق لا يلزمه استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ظاهرا، وكان منشؤه كثرة إقحام النفس في ذوي الشأن، ومن ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كتب ربكم على نفسه الرحمة [الأنعام: 54] ولم يقل سبحانه: كتب ربكم عليه الرحمة، وقوله عز وجل
في الحديث القدسي:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661682«يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي»
دون أن يقول جل وعلا: إني حرمت الظلم علي إلى غير ذلك مما يعرفه المتتبع المنصف، وما قيل من أن فائدة الإقحام الإشارة إلى أن التجنب عن الأكل المذكور لا يخلو عن رعاية حظ النفس مع خفائه لا يلائم إلا بعض الروايات السابقة في سبب النزول، ونحو ما قيل من أنها أقحمت للإشارة إلى أن نفي الحرج عن المخاطبين في الأكل من البيوت المذكورة لذواتهم بخلاف نفي الحرج عن أهل الأعذار في الأكل منها فإنه لكونهم مع المخاطبين وذهابهم بهم إليها، والتعرض لنفي الحرج عنهم في أكلهم من بيوتهم مع ظهور انتفاء ذلك لإظهار التسوية بينه وبين قرنائه كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46ويكلم الناس في المهد وكهلا [آل
عمران : 46] لكن ذلك فيما نحن فيه من أول الأمر، ولم يتعرض لبيوت أولادهم لظهور أنها كبيوتهم، وذكر جمع أنها داخلة في بيوت المخاطبين،
فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجة nindex.php?page=hadith&LINKID=678795«أنت ومالك لأبيك»
في حديث رواه الشيخان وغيرهما
nindex.php?page=hadith&LINKID=670637«إن أطيب ما يأكل المرء من كسبه وإن ولده من كسبه»
وقال بعضهم: المراد ببيوت المخاطبين بيوت أولادهم وأضافها إليهم لمزيد اختصاصها بهم كما يشهد به الشرع والعرف، وقيل: المعنى أن تأكلوا من بيوتكم من مال أولادكم وأزواجكم الذين هم في بيوتكم ومن جملة عيالكم وهو كما ترى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة بكسر الهمزة والميم،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة بكسر الهمزة وفتح الميم
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أي أو مما تحت أيديكم وتصرفكم من بستان أو ماشية وكالة أو حفظا وهو الذي يقتضيه كلام
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . فقد روى عنه غير واحد أنه قال: ذاك وكيل الرجل وقيمه في ضيعته وماشيته فلا بأس عليه أن يأكل من ثمر حائطه ويشرب من لبن ماشيته ولا يحمل ولا يدخر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : هو الرجل يولي طعام غيره ويقوم عليه فلا بأس أن يأكل منه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : هو الزمن يسلم إليه مفتاح البيت ويؤذن له بالتصرف فيه، وقيل: ولي اليتيم الذي له التصرف بماله فإنه يباح له الأكل منه بالمعروف. وملك المفتاح على جميع ذلك كناية عن كون الشيء تحت يد الشخص وتصرفه. والعطف على ما أشرنا إليه على ما بعد
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61من وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أن المراد بما ملكتم مفاتحه العبيد فالعطف على ما بعد
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61بيوت والتقدير أو بيوت الذين ملكتم مفاتحهم. وكان ملك المفتاح لما شاع كناية لم ينظر فيه إلى أن المتصرف مما يتوصل إليه بالمفتاح أولا ومثله كثير، أو هو ترشيح لجري العبيد مجرى الجماد من الأموال المشعر به استعمال ما فيهم، ولا يخفى عليك بعد هذا القول وأنه يندرج بيوت العبيد في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61بيوتكم لأن العبد لا ملك له، وإرادة المعتوقين منهم بقرينة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61ملكتم بلفظ الماضي مما لا ينبغي أن يلتفت إليه. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير «ملكتم» بضم الميم وكسر اللام مشددة «ومفاتيحه» بياء بعد
[ ص: 220 ] التاء جمع مفتاح. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وهارون عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو «مفتاحه» بالإفراد وهو آلة الفتح وكذا المفتح كما في القاموس، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب : المفتح والمفتاح ما يفتح به وجمعه مفاتيح ومفاتح وفي بعض الكتب أن جمع مفتح مفاتح وجمع مفتاح مفاتيح
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أو صديقكم أي أو بيوت صديقكم وهو من يصدق في مودتك وتصدق في مودته يقع على الواحد والجمع، والمراد به هنا الجمع، وقيل: المفرد، وسر التعبير به دون أصدقائكم الإشارة إلى قلة الأصدقاء حتى قيل:
صاد الصديق وكاف الكيمياء معا لا يوجدان فدع عن نفسك الطمعا
ونقل عن
هشام بن عبد الملك أنه قال: نلت ما نلت حتى الخلافة وأعوزني صديق لا أحتشم منه، وقيل: إنه إشارة إلى أن شأن الصداقة رفع الاثنينية ورفع الحرج في الأكل من بيت الصديق لأنه أرضى بالتبسط وأسر به من كثير من ذوي القرابة روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الصديق أكبر من الوالدين إن الجهنميين لما استغاثوا لم يستغيثوا بالآباء والأمهات فقالوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=100فما لنا من شافعين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=101ولا صديق حميم [الشعراء: 100، 101] .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه من عظم حرمة الصديق أن جعله الله تعالى من الأنس والثقة والانبساط ورفع الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ،
وقيل
لأفلاطون: من أحب إليك أخوك أم صديقك؟ فقال: لا أحب أخي إلا إذا كان صديقي، وقد كان السلف ينبسطون بأكل أصدقائهم من بيوتهم ولو كانوا غيبا.
يحكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه دخل داره وإذا حلقة من أصدقائه وقد استلوا سلالا من تحت سريره فيها الخبيص وأطايب الأطعمة وهم مكبون عليها يأكلون فتهللت أسارير وجهه سرورا وضحك وقال: هكذا وجدناهم هكذا وجدناهم يريد كبراء الصحابة ومن لقيهم من البدريين، وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائب فيسأل جاريته كيسه فيأخذ ما شاء فإذا حضر مولاها فأخبرته أعتقها سرورا بذلك، وهذا شيء قد كان.
«إذا الناس ناس والزمان زمان» وأما اليوم فقد طوي فيما أعلم بساطه واضمحل والأمر لله تعالى فسطاطه وعفت آثاره وأفلت أقماره وصار الصديق اسما للعدو الذي يخفي عداوته وينتظر لك حرب الزمان وغارته فآه ثم آه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بد
ثم إن نفي الحرج في الأكل المذكور مشروط بما إذا علم الآكل رضا صاحب المال بإذن صريح أو قرينة، ولا يرد أنه إذا وجد الرضا جاز الأكل من مال الأجنبي والعدو أيضا فلا يكون للتخصيص وجه لأن تخصيص هؤلاء لاعتياد التبسط بينهم فلا مفهوم له، وقال
أبو مسلم : هذا في الأرقاب الكفرة أباح سبحانه في هذه الآية ما حظره في قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله [المجادلة: 22] وليس بشيء، وقيل:
كان ذلك في صدر الإسلام ثم نسخ بقوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=886060«لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه»
وقوله عليه الصلاة والسلام من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما:
nindex.php?page=hadith&LINKID=889344«لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه»
، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا [النور: 27] الآية، وقوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه [الأحزاب: 53] فإنهم إذا منعوا من منزله صلى الله عليه وسلم إلا بالشرط المذكور وهو عليه الصلاة والسلام أكرم الناس وأقلهم حجابا فغيره صلى الله تعالى عليه وسلم يعلم بالطريق الأولى.
[ ص: 221 ] وأنت تعلم أنه لا حاجة إلى القول بالنسخ بناء على ما قلنا أولا، واحتج بالآية بعض أئمة الحنفية على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=10254_10242لا قطع بسرقة مال المحارم مطلقا لا فرق في ذلك بين الوالدين والمولودين وبين غيرهم لأنها دلت على إباحة دخول دارهم بغير إذنهم فلا يكون مالهم محرزا ومجرد احتمال إرادة الظاهر وعدم النسخ كاف في الشبهة المدرئة للحد، وبحث فيه بأن درء الحدود بالشبهات ليس على إطلاقه عندهم كما يعلم من أصولهم، وأورد عليه أيضا أنه يستلزم أن لا تقطع يد من سرق من الصديق ، وأجيب عن هذا بأن
nindex.php?page=treesubj&link=10092الصديق متى قصد سرقة مال صديقه انقلب عدوا، وتعقب بأن الشرع ناظر إلى الظاهر لا إلى السرائر، وقرئ «صديقكم» بكسر الصاد اتباعا لحركة الدال حكى ذلك حميد الخزاز
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أي مجتمعين وهو نصب على الحال من فاعل
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61تأكلوا وهو في الأصل بمعنى كل ولا يفيد الاجتماع خلافا
للفراء ، ودل عليه هنا لمقابلته بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أو أشتاتا فإنه عطف عليه داخل في حكمه وهو جمع شت على أنه صفة كالحق يقال: أمر شت أي متفرق أو على أنه في الأصل مصدر وصف به مبالغة. والآية على ما ذهب أكثر المفسرين كلام مستأنف مسوق لبيان حكم آخر من جنس ما بين قبله، وقد نزلت على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة في بني
ليث بن عمرو بن كنانة تحرجوا أن يأكلوا طعامهم منفردين وكان الرجل منهم لا يأكل ويمكث يومه حتى يجد ضيفا يأكل معه فإن لم يجد من يؤاكله لم يأكل شيئا وربما قعد الرجل منهم والطعام بين يديه لا يتناوله من الصباح إلى الرواح وربما كانت معه الإبل الحفل فلا يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه فإذا أمسى ولم يجد أحدا أكل، قيل: وهذا التحرج سنة موروثة من
الخليل عليه الصلاة والسلام، وقد قال
حاتم: إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له أكيلا فإني لست آكله وحدي
وفي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=65640«شر الناس من أكل وحده وضرب عبده ومنع رفده» وهذا الذم لاعتياده بخلا بالقرى ونفي الجناح عن وقوعه أحيانا بيانا لأنه لا إثم فيه ولا يذم به شرعا كما ذمت به الجاهلية فلا حاجة إلى القول بأن الوعيد في الحديث لمن اجتمعت فيه الخصال الثلاث دون الانفراد بالأكل وحده فإنه يقتضي أن كلا منها على الانفراد غير منهي عنه وليس كذلك، والقول بأنهم أهل لسان لا يخفى عليهم مثله ولكن لمجيء الواو بمعنى أو تركوا كل واحد منها احتياطا لا وجه له لأن هؤلاء المتحرجين لم يتمسكوا بالحديث، وكون الواو بمعنى أوتوهم لا عبرة به، ولا شك أن
nindex.php?page=treesubj&link=27214_33651اجتماع الأيدي على الطعام سنة فتركه بغير داع مذمة انتهى.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة وأبي صالح أنها نزلت في قوم من
الأنصار كانوا إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلا معه فرخص لهم أن يأكلوا كيف شاؤوا، قيل: كان الغني يدخل على الفقير من ذوي قرابته وصداقته فيدعوه إلى طعامه فيقول: إني لأتحرج أن آكل معك وأنا غني وأنت فقير وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي : كانوا إذا اجتمعوا ليأكلوا طعاما عزلوا للأعمى ونحوه طعاما على حدة فبين الله تعالى أن ذلك ليس بواجب.
وقيل: كانوا يأكلون فرادى خوفا أن يزيد أحدهم على الآخر في الأكل أو أن يحصل من الاجتماع ما ينفر أو يؤذي فنزلت لنفي وجوب ذلك، وأيا كان فالعبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، وقيل: الآية من تتمة ما قبلها على معنى أنها وقعت جوابا لسؤال نشأ منه كأن سائلا يقول: هل نفي الحرج في الأكل من بيوت
[ ص: 222 ] من ذكر خاص فيما إذا كان الأكل مع أهل تلك البيوت أم لا؟ فأجيب بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أي مجتمعين مع أهل تلك البيوت في الأكل أو أشتاتا أي متفرقين بأن يأكل كل منكم وحده ليس معه صاحب البيت وما ألطف نفي الحرج فيما اتسعت دائرته ونفي الجناح فيما ورد فيه بين أمرين والنكات لا يجب اطرادها كذا قيل فتدبر.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فإذا دخلتم شروع في بيان الأدب الذي ينبغي رعايته عند مباشرة ما رخص فيه بعد بيان الرخصة فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61بيوتا أي من البيوت المذكورة كما يؤذن به الفاء.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فسلموا على أنفسكم أي على أهلها كما أخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في شعب الإيمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقريب منه ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق وجماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أن المعنى فليسلم بعضكم على بعض نظير قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=54فاقتلوا أنفسكم [البقرة: 54] والتعبير عن أهل تلك البيوت بالأنفس لتنزيلهم منزلتها لشدة الاتصال، وفي الانتصاف في التعبير عنهم بذلك تنبيه على السر الذي اقتضى إباحة الأكل من تلك البيوت المعدودة وأن ذلك إنما كان لأنها بالنسبة إلى الداخل كبيت نفسه للقرابة ونحوها، وقيل:
المراد السلام على أهلها على أبلغ وجه لأن المسلم إذا ردت تحيته عليه فكأنه سلم على نفسه كما أن القاتل لاستحقاقه القتل بفعله كأنه قاتل نفسه. وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال في الآية: هو المسجد إذا دخلته فقل السلام علينا وعلى عباد الله تعالى الصالحين. فحمل البيوت فيها على المساجد والسلام على الأنفس على ظاهره، وقيل: المراد بيوت المخاطبين وأهلهم، وذكر أن الرجل إذا دخل على أهله سن له أن يقول: السلام عليكم تحية من عند الله مباركة طيبة فإن لم يجد أحدا فليقل السلام علينا من ربنا وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، وقيل السلام على الأنفس على ظاهره والمراد ببيوت بيوت الكفار وذكر أن داخلها وكذا داخل البيوت الخالية يقول ما سمعت آنفا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقيل يقول على الكفار يقول: السلام على من اتبع الهدى، ولا يخفى المناسب للمقام، والسلام بمعنى السلام من الآفات وقيل: اسم من أسمائه عز وجل وقد مر الكلام في ذلك على أتم وجه فتذكر.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61تحية من عند الله أي ثابتة بأمره تعالى مشروعة من لدنه عز وجل فالجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لتحية، وجوز أن يتعلق بتحية فإنها طلب الحياة وهي من عنده عز وجل، وأصل معناها أن تقول حياك الله تعالى أي أعطاك سبحانه الحياة ثم عمم لكل دعاء، وانتصابها على المصدرية ليسلموا على طريق قعدت جلوسا فكأنه قيل فسلموا تسليما أو فحيوا تحية
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61مباركة بورك فيها بالأجر كما
روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : في السلام عشر حسنات ومع الرحمة عشرون ومع البركات ثلاثون
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61طيبة تطيب بها نفس المستمع، والظاهر أنه يزيد المسلم ما ذكر في سلامه، وعن بعض السلف زيادته كما مر آنفا، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ما أخذت التشهد إلا من كتاب الله تعالى سمعت الله تعالى يقول:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة فالتشهد في الصلاة التحيات المباركات الطيبات لله.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61كذلك يبين الله لكم الآيات تكرير لمزيد التأكيد، وفي ذلك تفخيم فخيم للأحكام المختتمة به
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61لعلكم تعقلون ما في تضاعيفها من الشرائع والأحكام وتعملون بموجبها وتحوزون بذلك سعادة الدارين،
[ ص: 223 ] وفي تعليل هذا التبيين بهذه الغاية القصوى بعد تذييل الأولين بما يوجبها من الجزالة ما لا يخفى، وذكر بعض الأجلة أنه سبحانه بدأ السورة بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=1وأنزلنا فيها آيات بينات [النور: 1] وختمها بقوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61كذلك يبين الله لكم الآيات ثم جعل تبارك وتعالى ختام الختم قوله سبحانه:
nindex.php?page=treesubj&link=18198_28640_32485_33651_34349_28995nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ فِي كِتَابِ
الزَّهْرَاوِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الطَّوَائِفَ كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ مُؤَاكَلَةِ الْأَصِحَّاءِ حِذَارًا مِنِ اسْتِقْذَارِهِمْ إِيَّاهُمْ وَخَوْفًا مِنْ تَأَذِّيهِمْ بِأَفْعَالِهِمْ وَأَوْضَاعِهِمْ فَنَزَلَتْ. وَقِيلَ: كَانُوا يَدْخُلُونَ عَلَى الرَّجُلِ لِطَلَبِ الطَّعَامِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُطْعِمُهُمْ ذَهَبَ بِهِمْ إِلَى بُيُوتِ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ أَوْ إِلَى بَعْضِ مَنْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ: ذَهَبَ بِنَا إِلَى بَيْتِ غَيْرِهِ وَلَعَلَّ أَهْلَهُ كَارِهُونَ لِذَلِكَ. وَكَذَا كَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الْأَكْلِ مِنْ أَمْوَالِ الَّذِينَ كَانُوا إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْغَزْوِ وَخَلَّفُوا هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاءَ فِي بُيُوتِهِمْ وَدَفَعُوا إِلَيْهِمْ مَفَاتِيحَهَا وَأَذِنُوا لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِيهَا مَخَافَةَ أَنْ لَا يَكُونُ إِذْنُهُمْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُمْ. وَكَانَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ أَيْضًا يَتَحَرَّجُونَ مِنَ الْأَكْلِ فِي بُيُوتِ غَيْرِهِمْ، فَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ كَانْتِ الْأَنْصَارُ فِي أَنْفُسِهَا قَزَازَةً فَكَانَتْ لَا تَأْكُلُ مِنَ الْبُيُوتِ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السَّدِّيُّ : كَانَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ بَيْتَ أَبِيهِ أَوْ بَيْتَ أَخِيهِ أَوْ أُخْتِهِ فَتُتْحِفُهُ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ فَيَتَحَرَّجُ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ رَبُّ الْبَيْتِ، وَالْحَرَجُ لُغَةً كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ الضَّيِّقِ مِنَ الْحَرَجَةِ وَهُوَ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ لِضِيقِ الْمَسَالِكِ فِيهِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ : هُوَ فِي الْأَصْلِ مُجْتَمِعُ الشَّيْءِ ثُمَّ أَطْلَقَ عَلَى الضِّيقِ وَعَلَى الْإِثْمِ، وَالْمَعْنَى عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى لَيْسَ عَلَى هَؤُلَاءِ حَرَجٌ فِي أَكْلِهِمْ مَعَ الْأَصِحَّاءِ، وَيُقَدَّرُ عَلَى سَائِرِ الرِّوَايَاتِ مَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَخْفَى، ( وَعَلَى ) عَلَى مَعْنَاهَا فِي جَمِيعِ
[ ص: 218 ] ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [الْبَقَرَةُ: 188] تَحَرَّجَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْأَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يُبْصِرُ مَوْضِعَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ وَالْأَعْرَجُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُزَاحِمَةَ عَلَى الطَّعَامِ وَالْمَرِيضُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ اسْتِيفَاءَ الطَّعَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ، وَقِيلَ: كَانَتِ الْعَرَبُ وَمَنْ
بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْبَعْثِ تَجْتَنِبُ الْأَكْلَ مَعَ أَهْلِ هَذِهِ الْأَغْدَارِ لِمَكَانِ جَوَلَانِ يَدِ الْأَعْمَى وَانْبِسَاطِ جَلْسَةِ الْأَعْرَجِ وَعَدَمِ خُلُوِّ الْمَرِيضِ مِنْ رَائِحَةٍ تُؤْذِي أَوْ جُرْحٍ يَنِضُّ أَوْ أَنْفٍ يَذِنُّ فَنَزَلَتْ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَعَلَ ( عَلَى ) بِمَعْنَى فِي أَيْ لَيْسَ فِي مُؤَاكَلَةِ الْأَعْمَى حَرَجٌ وَهَكَذَا وَإِلَّا لَكَانَ حَقُّ التَّرْكِيبِ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مَعَ الْأَعْمَى حَرَجٌ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَفِيهِ بُعْدٌ لَا يَخْفَى، وَقِيلَ: لَا حَاجَةَ إِلَى أَنْ يُقَدَّرَ مَحْذُوفٌ بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61حَرَجٌ حَسْبَمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ إِذِ الْمَعْنَى لَيْسَ عَلَى الطَّوَائِفِ الْمَعْدُودَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ حَرَجٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أَنْ تَأْكُلُوا أَنْتُمْ وَهَمَ مَعَكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61مِنْ بُيُوتِكُمْ إِلَخْ، وَإِلَى كَوْنِ الْمَعْنَى كَذَلِكَ ذَهَبَ مَوْلَانَا
شَيْخُ الْإِسْلَامِ ثُمَّ قَالَ: وَتَعْمِيمُ الْخِطَابِ لِلطَّوَائِفِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا يَأْبَاهُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّ الْخِطَابَ فِيهِمَا لِغَيْرِ أُولَئِكَ الطَّوَائِفِ حَتْمًا وَلَعَلَّ مَا تَقَدَّمَ أَوْلَى، وَأَمَّا تَعْمِيمُ الْخِطَابِ فَلَا أَقُولُ بِهِ أَصْلًا، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنِ زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13980الْجِبَائِيُّ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ : هُوَ الْقَوْلُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَرَجَ الْمَنْفِيَّ عَنْ أَهْلِ الْعُذْرِ هُوَ الْحَرَجُ فِي الْقُعُودِ عَنِ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ مِمَّا رَخَّصَ لَهُمْ فِيهِ وَالْحَرَجُ الْمَنْفِيُّ عَمَّنْ بَعْدَهُمُ الْحَرَجُ فِي الْأَكْلِ مِنَ الْبُيُوتِ الْمَذْكُورَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ صَحِيحٌ لِالْتِقَاءِ الطَّائِفَتَيْنِ فِي أَنَّ كُلًّا مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْحَرَجُ، وَمِثَالُهُ أَنْ يُسْتَفْتَى مُسَافِرٌ عَنِ الْإِفْطَارِ فِي رَمَضَانَ وَحَاجٌّ مُفْرَدٌ عَنْ تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى النَّحْرِ فَتَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ حَرَجٌ أَنْ يَفْطُرَ وَلَا عَلَيْكَ يَا حَاجَّ أَنْ تُقَدِّمَ الْحَلْقَ عَلَى النَّحْرِ وَهُوَ تَحْقِيقٌ لِأَمْرِ الْعَطْفِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِ غَرَابَةٌ لِبُعْدِ الْجَامِعِ بَادِئَ النَّظَرِ أَزَالَهُ بِأَنَّ الْغَرَضَ لَمَّا كَانَ بَيَانُ الْحُكْمِ كَفَاءَ الْحَوَادِثِ وَالْحَادِثَتَانِ وَإِنْ تَبَايَنَتَا كُلُّ التَّبَايُنِ إِذَا تَقَارَنَتَا فِي الْوُقُوعِ وَالِاحْتِيَاجِ إِلَى الْبَيَانِ قُرْبَ الْجَامِعِ بَيْنَهُمَا وَلَا كَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْكَلَامُ فِي غَيْرِ مَعْرِضِ الْإِفْتَاءِ وَالْبَيَانِ، وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاكْتِفَاءَ فِي تَصَوُّرِ مَا كَافٍ فِي الْجَامِعِيَّةِ كَمَا ظَنَّ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَمَّا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ عَلَيْهَا لَا يُلَائِمُ مَا قَبْلَهُ وَلَا مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ مُلَاءَمَتَهُ لِمَا بَعْدَهُ قَدْ عَرَفَتْ وَجْهَهَا، وَأَمَّا مُلَاءَمَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ فَغَيْرُ لَازِمَةٍ إِذْ لَمْ يَعْطِفْ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا يُقَالُ فِي وَجْهِ ذِكْرِ نَفْيِ الْحَرَجِ عَنْ أَهْلِ الْعُذْرِ بِتَرْكِ الْجِهَادِ وَمَا يُشْبِهُهُ مِمَّا رُخِّصَ لَهُمْ فِيهِ أَثْنَاءَ بَيَانِ الِاسْتِئْذَانِ وَنَحْوِهِ: إِنَّ نَفْيَ الْحَرَجِ عَنْهُمْ بِذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ عَدَمَ وُجُوبِ الِاسْتِئْذَانِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَرْكِ ذَلِكَ
فَلَهُمُ الْقُعُودُ عَنِ الْجِهَادِ وَنَحْوُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَلَا إِذَنْ كَمَا أَنَّ لِلْمَالِيكِ وَالصِّبْيَانِ الدُّخُولَ فِي الْبُيُوتِ فِي غَيْرِ الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَلَا إِذَنْ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَمِثْلُ هَذَا يَكْفِي وَجْهًا فِي تَوْسِيطِ جُمْلَةٍ أَثْنَاءِ جُمَلٍ ظَاهِرَةِ التَّنَاسُبِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ عَسَى أَنْ يَدْفَعَ بِالتَّأَمُّلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ الْحَرَجَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ بِأَنْ يُقَالَ: وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ حَرَجٌ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهِ فِيمَا مَرَّ وَالْأَوَاخِرُ مَحَلُّ الْحَذْفِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِحَرَجٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يُقَالَ: لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمَرِيضِ وَأَنْفُسِكُمْ حَرَجٌ أَنْ تَأْكُلُوا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ خِلَافِ الْمُرَادِ، وَقِيلَ حَذْفُ الْحَرَجِ آخِرًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى مُغَايَرَتِهِ لِلْمَذْكُورِ وَلَا تَقْدَحُ فِي دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا إِذَا قُلْنَا: إِنَّ الدَّالَّ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِيهِ وَهُوَ كَمَا تَرَى، وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61عَلَى أَنْفُسِكُمْ كَمَا فِي الْكَشَّافِ عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ فِي مِثْلِ حَالِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَفِيهِ كَمَا فِي الْكَشْفِ إِشَارَةٌ إِلَى فَائِدَةِ إِقْحَامِ النَّفْسِ وَأَنَّ الْحَاصِلَ
[ ص: 219 ] لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ الْمُطَعَّمِينَ وَلَا عَلَى الذَّاهِبِينَ إِلَى بُيُوتِ الْقُرَابَاتِ وَمَنْ فِي مِثْلِ حَالِهِمْ وَهُمُ الْأَصْدِقَاءُ حُرَجٌ. وَقِيلَ: إِنَّ فَائِدَةَ إِقْحَامِهَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْأَكْلَ الْمَذْكُورَ مَعَ أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِيهِ لَا يُخِلُّ بِقَدْرِ مِنْ لَهُ شَأْنٌ وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ دَقِيقٌ لَا يُلْزِمُهُ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ ظَاهِرًا، وَكَانَ مَنْشَؤُهُ كَثْرَةُ إِقْحَامِ النَّفْسِ فِي ذَوِي الشَّأْنِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=54كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الْأَنْعَامُ: 54] وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَيْهِ الرَّحْمَةَ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ
فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661682«يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي»
دُونَ أَنْ يَقُولَ جَلَّ وَعَلَا: إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَيَّ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَعْرِفُهُ الْمُتَتَبِّعُ الْمُنْصِفُ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ فَائِدَةَ الْإِقْحَامِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ التَّجَنُّبَ عَنِ الْأَكْلِ الْمَذْكُورِ لَا يَخْلُو عَنْ رِعَايَةِ حَظِّ النَّفْسِ مَعَ خَفَائِهِ لَا يُلَائِمُ إِلَّا بَعْضَ الرِّوَايَاتِ السَّابِقَةِ فِي سَبَبِ النُّزُولِ، وَنَحْوُ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهَا أُقْحِمَتْ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ نَفْيَ الْحَرَجِ عَنِ الْمُخَاطِبِينَ فِي الْأَكْلِ مِنَ الْبُيُوتِ الْمَذْكُورَةِ لِذَوَاتِهِمْ بِخِلَافِ نَفْيِ الْحَرَجِ عَنْ أَهْلِ الْأَعْذَارِ فِي الْأَكْلِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لِكَوْنِهِمْ مَعَ الْمُخَاطِبِينَ وَذَهَابِهِمْ بِهِمْ إِلَيْهَا، وَالتَّعَرُّضُ لِنَفْيِ الْحَرَجِ عَنْهُمْ فِي أَكْلِهِمْ مِنْ بُيُوتِهِمْ مَعَ ظُهُورِ انْتِفَاءِ ذَلِكَ لِإِظْهَارِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَنَائِهِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=46وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا [آلُ
عِمْرَانَ : 46] لَكِنَّ ذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبُيُوتِ أَوْلَادِهِمْ لِظُهُورِ أَنَّهَا كَبُيُوتِهِمْ، وَذَكَرَ جَمْعٌ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي بُيُوتِ الْمُخَاطَبِينَ،
فَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَّةٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=678795«أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ»
فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=670637«إِنَّ أَطْيَبَ مَا يَأْكُلُ الْمَرْءُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ»
وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُرَادُ بِبُيُوتِ الْمُخَاطَبِينَ بُيُوتُ أَوْلَادِهِمْ وَأَضَافَهَا إِلَيْهِمْ لِمَزِيدِ اخْتِصَاصِهَا بِهِمْ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ الشَّرْعُ وَالْعُرْفُ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ مِنْ مَالِ أَوْلَادِكُمْ وَأَزْوَاجِكُمُ الَّذِينَ هُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَمِنْ جُمْلَةِ عِيَالِكُمْ وَهُوَ كَمَا تَرَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حَمْزَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16258وَطَلْحَةُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَيْ أَوْ مِمَّا تَحْتَ أَيْدِيكُمْ وَتَصَرُّفِكُمْ مِنْ بُسْتَانٍ أَوْ مَاشِيَةٍ وَكَالَّةٍ أَوْ حِفْظًا وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . فَقَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ قَالَ: ذَاكَ وَكِيلُ الرَّجُلِ وَقِيَمُهُ فِي ضَيْعَتِهِ وَمَاشِيَتُهُ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ مَاشِيَتِهِ وَلَا يَحْمِلَ وَلَا يَدَّخِرَ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السَّدِّيُّ : هُوَ الرَّجُلُ يُوَلِّي طَعَامَ غَيْرِهِ وَيَقُومُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ : هُوَ الزَّمَنُ يُسَلِّمُ إِلَيْهِ مِفْتَاحَ الْبَيْتِ وَيُؤْذِنُ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ، وَقِيلَ: وَلِيُّ الْيَتِيمِ الَّذِي لَهُ التَّصَرُّفُ بِمَالِهِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ. وَمِلْكُ الْمِفْتَاحِ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ كَوْنِ الشَّيْءِ تَحْتَ يَدِ الشَّخْصِ وَتَصَرُّفِهِ. وَالْعَطْفُ عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ عَلَى مَا بَعْدَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61مِنْ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا مَلَّكْتُمْ مَفَاتِحَهُ الْعَبِيدُ فَالْعَطْفُ عَلَى مَا بَعْدِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61بُيُوتِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ بُيُوتُ الَّذِينَ مَلَكْتُمْ مُفَاتِحَهُمْ. وَكَانَ مِلْكُ الْمِفْتَاحِ لِمَا شَاعَ كِنَايَةً لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ إِلَى أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ مِمَّا يَتَوَصَّلُ إِلَيْهِ بِالْمِفْتَاحِ أَوَّلًا وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ، أَوْ هُوَ تَرْشِيحٌ لِجَرْيِ الْعَبِيدِ مَجْرَى الْجَمَادِ مِنَ الْأَمْوَالِ الْمُشْعِرِ بِهِ اسْتِعْمَالُ مَا فِيهِمْ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ وَأَنَّهُ يَنْدَرِجُ بُيُوتُ الْعَبِيدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61بُيُوتِكُمْ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ، وَإِرَادَةُ الْمَعْتُوقِينَ مِنْهُمْ بِقَرِينَةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61مَلَكْتُمْ بِلَفْظِ الْمَاضِي مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ إِلَيْهِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابْنُ جُبَيْرٍ «مُلِّكَتِمُ» بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً «وَمَفَاتِيحُهُ» بِيَاءٍ بَعْدَ
[ ص: 220 ] التَّاءِ جَمْعُ مِفْتَاحٍ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ وَهَارُونُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبِي عَمْرٍو «مِفْتَاحَهُ» بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ آلَةُ الْفَتْحِ وَكَذَا الْمُفَتَّحُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ : الْمُفَتَّحُ وَالْمِفْتَاحُ مَا يُفْتَحُ بِهِ وَجَمْعُهُ مَفَاتِيحُ وَمَفَاتِحُ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ جَمْعَ مُفَتَّحٍ مَفَاتِحُ وَجَمْعُ مِفْتَاحٍ مَفَاتِيحُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أَوْ صَدِيقِكُمْ أَيْ أَوْ بُيُوتِ صَدِيقِكُمْ وَهُوَ مَنْ يُصَدِّقُ فِي مَوَدَّتِكَ وَتُصَدِّقُ فِي مَوَدَّتِهِ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْجَمْعُ، وَقِيلَ: الْمُفْرَدُ، وَسِرُّ التَّعْبِيرِ بِهِ دُونَ أَصْدِقَائِكُمُ الْإِشَارَةُ إِلَى قِلَّةِ الْأَصْدِقَاءِ حَتَّى قِيلَ:
صَادُ الصَّدِيقُ وَكَافُ الْكِيمْيَاءِ مَعًا لَا يُوجِدَانِ فَدَعْ عَنْ نَفْسِكَ الطَّمَعَا
وَنُقِلَ عَنْ
هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: نِلْتُ مَا نِلْتُ حَتَّى الْخِلَافَةِ وَأَعْوَزَنِي صَدِيقٌ لَا أَحْتَشِمُ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ شَأْنَ الصَّدَاقَةِ رَفْعُ الِاثْنَيْنِيَّةِ وَرَفْعُ الْحَرَجِ فِي الْأَكْلِ مِنْ بَيْتِ الصَّدِيقِ لِأَنَّهُ أَرْضَى بِالتَّبَسُّطِ وَأُسِرُّ بِهِ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ ذَوِي الْقَرَابَةِ رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا الصَّدِيقُ أَكْبَرُ مِنَ الْوَالِدَيْنِ إِنِ الْجَهَنَّمِيَّيْنِ لَمَّا اسْتَغَاثُوا لَمْ يَسْتَغِيثُوا بِالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ فَقَالُوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=100فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=101وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [الشُّعَرَاءُ: 100، 101] .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٍ الصَّادِقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ عِظَمِ حُرْمَةِ الصَّدِيقِ أَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْأُنْسِ وَالثِّقَةِ وَالِانْبِسَاطِ وَرَفْعِ الْحِشْمَةِ بِمَنْزِلَةِ النَّفْسِ وَالْأَبِ وَالْأَخِ،
وَقِيلَ
لِأَفْلَاطُونَ: مَنْ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَخُوكَ أَمْ صَدِيقُكَ؟ فَقَالَ: لَا أُحِبُّ أَخِي إِلَّا إِذَا كَانَ صَدِيقِي، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَنْبَسِطُونَ بِأَكْلِ أَصْدِقَائِهِمْ مِنْ بُيُوتِهِمْ وَلَوْ كَانُوا غَيْبًا.
يُحْكَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ أَنَّهُ دَخَلَ دَارَهُ وَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ أَصْدِقَائِهِ وَقَدِ اسْتَلُّوا سِلَالًا مِنْ تَحْتِ سَرِيرِهِ فِيهَا الْخَبِيصُ وَأَطَايِبُ الْأَطْعِمَةِ وَهُمْ مُكَبُّونَ عَلَيْهَا يَأْكُلُونَ فَتَهَلَّلَتْ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ سُرُورًا وَضَحِكَ وَقَالَ: هَكَذَا وَجَدْنَاهُمْ هَكَذَا وَجَدْنَاهُمْ يُرِيدُ كُبَرَاءَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ لَقِيَهُمْ مِنَ الْبَدْرِيِّينَ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَدْخُلُ دَارَ صَدِيقِهِ وَهُوَ غَائِبٌ فَيَسْأَلُ جَارِيَتَهُ كِيسَهُ فَيَأْخُذُ مَا شَاءَ فَإِذَا حَضَرَ مَوْلَاهَا فَأَخْبَرْتُهُ أَعْتَقَهَا سُرُورًا بِذَلِكَ، وَهَذَا شَيْءٌ قَدْ كَانَ.
«إِذَا النَّاسُ نَاسٌ وَالزَّمَانُ زَمَانٌ» وَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ طُوِيَ فِيمَا أَعْلَمُ بِسَاطَهُ وَاضْمَحَلَّ وَالْأَمْرُ لِلَّهِ تَعَالَى فُسْطَاطَهُ وَعَفَتْ آثَارُهُ وَأَفَلَتْ أَقْمَارُهُ وَصَارَ الصَّدِيقُ اسْمًا لِلْعَدُوِّ الَّذِي يُخْفِي عَدَاوَتَهُ وَيَنْتَظِرُ لَكَ حَرْبَ الزَّمَانِ وَغَارَتَهُ فَآهٌ ثُمَّ آهٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَمِنْ نَكَدِ الدُّنْيَا عَلَى الْحَرِّ أَنْ يَرَى عَدُوًّا لَهُ مَا مِنْ صَدَاقَتِهِ بُدٌّ
ثُمَّ إِنَّ نَفْيَ الْحَرَجِ فِي الْأَكْلِ الْمَذْكُورِ مَشْرُوطٌ بِمَا إِذَا عَلِمَ الْآكِلَ رِضَا صَاحِبِ الْمَالِ بِإِذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَلَا يَرِدْ أَنَّهُ إِذَا وَجَدَ الرِّضَا جَازَ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْعَدُوِّ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ لِلتَّخْصِيصِ وَجْهٌ لِأَنَّ تَخْصِيصَ هَؤُلَاءِ لِاعْتِيَادِ التَّبَسُّطِ بَيْنَهُمْ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : هَذَا فِي الْأَرَقَابِ الْكَفَرَةِ أَبَاحَ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا حَظَرَهُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الْمُجَادَلَةُ: 22] وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقِيلَ:
كَانَ ذَلِكَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَسَخَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=886060«لَا يَحُلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»
وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=889344«لَا يَحْلِبْنَ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ»
، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=27لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النُّورُ: 27] الْآيَةُ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ [الْأَحْزَابُ: 53] فَإِنَّهُمْ إِذَا مَنَعُوا مِنْ مَنْزِلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَكْرَمُ النَّاسِ وَأَقَلُّهُمْ حِجَابًا فَغَيْرُهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى.
[ ص: 221 ] وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى الْقَوْلِ بِالنُّسَخِ بِنَاءً عَلَى مَا قُلْنَا أَوَّلًا، وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ بَعْضُ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=10254_10242لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَالِ الْمَحَارِمِ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهَا دَلَّتْ عَلَى إِبَاحَةِ دُخُولِ دَارِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَلَا يَكُونُ مَالُهُمْ مُحْرِزًا وَمُجَرَّدَ احْتِمَالِ إِرَادَةِ الظَّاهِرِ وَعَدَمُ النَّسْخِ كَافٍ فِي الشُّبْهَةِ الْمُدْرِئَةِ لِلْحَدِّ، وَبَحْثٌ فِيهِ بِأَنَّ دَرْءَ الْحُدُودِ بِالشُّبَهَاتِ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ عِنْدَهُمْ كَمَا يَعْلَمُ مِنْ أُصُولِهِمْ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا تُقْطَعَ يَدُ مَنْ سَرَقَ مِنَ الصَّدِيقِ ، وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10092الصَّدِيقَ مَتَى قَصَدَ سَرِقَةَ مَالِ صَدِيقِهِ انْقَلَبَ عَدُوًّا، وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ الشَّرْعَ نَاظِرٌ إِلَى الظَّاهِرِ لَا إِلَى السَّرَائِرِ، وَقُرِئَ «صَدِيقُكُمْ» بِكَسْرِ الصَّادِ اتِّبَاعًا لِحَرَكَةِ الدَّالِّ حَكَى ذَلِكَ حَمِيدٌ الْخَزَّازُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَيْ مُجْتَمِعِينَ وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61تَأْكُلُوا وَهُوَ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى كُلٌّ وَلَا يُفِيدُ الِاجْتِمَاعَ خِلَافًا
لِلْفِرَاءِ ، وَدَلَّ عَلَيْهِ هُنَا لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61أَوْ أَشْتَاتًا فَإِنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ دَاخِلَ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ جَمْعُ شَتٍّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ كَالْحَقِّ يُقَالُ: أَمْرٌ شَتٌّ أَيْ مُتَفَرِّقٍ أَوْ عَلَى أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ وُصِفَ بِهِ مُبَالَغَةً. وَالْآيَةُ عَلَى مَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ كَلَامٌ مُسْتَأْنِفٌ مَسُوقٌ لِبَيَانِ حُكْمٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِ مَا بَيْنَ قَبْلِهِ، وَقَدْ نَزَلَتْ عَلَى مَا رُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكِ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ فِي بَنِي
لَيْثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كِنَانَةَ تَحَرَّجُوا أَنْ يَأْكُلُوا طَعَامَهُمْ مُنْفَرِدِينَ وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَا يَأْكُلُ وَيَمْكُثُ يَوْمَهُ حَتَّى يَجِدَ ضَيْفًا يَأْكُلُ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُؤَاكِلُهُ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا وَرُبَّمَا قَعَدَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ وَالطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَتَنَاوَلُهُ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الرَّوَاحِ وَرُبَّمَا كَانَتْ مَعَهُ الْإِبِلُ الْحَفْلُ فَلَا يَشْرَبُ مِنْ أَلْبَانِهَا حَتَّى يَجِدَ مَنْ يُشَارِبُهُ فَإِذَا أَمْسَى وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا أَكَلَ، قِيلَ: وَهَذَا التَّحَرُّجُ سُنَّةٌ مَوْرُوثَةٌ مِنَ
الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقَدْ قَالَ
حَاتِمٌ: إِذَا مَا صَنَعْتِ الزَّادَ فَالْتَمِسِي لَهُ أَكِّيلًا فَإِنِّي لَسْتُ آكِلُهُ وَحْدِي
وَفِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=65640«شَرُّ النَّاسِ مَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ وَضَرَبَ عَبَدَهُ وَمَنَعَ رَفْدَهُ» وَهَذَا الذَّمُّ لِاعْتِيَادِهِ بُخْلًا بِالْقُرَى وَنَفْيُ الْجَنَاحِ عَنْ وُقُوعِهِ أَحْيَانًا بَيَانًا لِأَنَّهُ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا يَذُمُّ بِهِ شَرْعًا كَمَا ذَمَّتْ بِهِ الْجَاهِلِيَّةُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَعِيدَ فِي الْحَدِيثِ لِمَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ دُونَ الِانْفِرَادِ بِالْأَكْلِ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ كُلًّا مِنْهَا عَلَى الِانْفِرَادِ غَيْرِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ لِسَانٍ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ مِثْلَهُ وَلَكِنْ لِمَجِيءِ الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ تَرَكُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا احْتِيَاطًا لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَحَرِّجِينَ لَمْ يَتَمَسَّكُوا بِالْحَدِيثِ، وَكَوْنُ الْوَاوِ بِمَعْنَى أُوتُوهُمْ لَا عِبْرَةَ بِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=27214_33651اجْتِمَاعَ الْأَيْدِي عَلَى الطَّعَامِ سُنَّةٌ فَتَرْكُهُ بِغَيْرِ دَاعٍ مَذَمَّةٌ انْتَهَى.
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ وَأَبِي صَالِحٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ كَانُوا إِذَا نَزَلَ بِهِمْ ضَيْفٌ لَا يَأْكُلُونَ إِلَّا مَعَهُ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا كَيْفَ شَاؤُوا، قِيلَ: كَانَ الْغَنِيُّ يَدْخُلُ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَصَدَاقَتِهِ فَيَدْعُوهُ إِلَى طَعَامِهِ فَيَقُولُ: إِنِّي لِأَتَحَرَّجَ أَنْ آكُلَ مَعَكَ وَأَنَا غَنِيٌّ وَأَنْتَ فَقِيرٌ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15097الْكَلْبِيُّ : كَانُوا إِذَا اجْتَمَعُوا لِيَأْكُلُوا طَعَامًا عَزَلُوا لِلْأَعْمَى وَنَحْوَهُ طَعَامًا عَلَى حِدَةٍ فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ.
وَقِيلَ: كَانُوا يَأْكُلُونَ فُرَادًى خَوْفًا أَنْ يَزِيدَ أَحَدُهُمْ عَلَى الْآخَرِ فِي الْأَكْلِ أَوْ أَنْ يَحْصُلَ مِنَ الِاجْتِمَاعِ مَا يَنْفِرُ أَوْ يُؤْذِي فَنَزَلَتْ لِنَفْيِ وُجُوبِ ذَلِكَ، وَأَيًّا كَانَ فَالْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَقِيلَ: الْآيَةُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلِهَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا وَقَعَتْ جَوَابًا لِسُؤَالٍ نَشَأَ مِنْهُ كَأَنَّ سَائِلًا يَقُولُ: هَلْ نُفِيَ الْحَرَجُ فِي الْأَكْلِ مِنْ بُيُوتِ
[ ص: 222 ] مِنْ ذِكْرِ خَاصٍّ فِيمَا إِذَا كَانَ الْأَكْلُ مَعَ أَهْلِ تِلْكَ الْبُيُوتِ أَمْ لَا؟ فَأُجِيبُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَيْ مُجْتَمِعِينَ مَعَ أَهْلِ تِلْكَ الْبُيُوتِ فِي الْأَكْلِ أَوْ أَشْتَاتًا أَيْ مُتَفَرِّقِينَ بِأَنْ يَأْكُلَ كُلٌّ مِنْكُمْ وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ وَمَا أَلْطَفَ نَفْيَ الْحَرَجِ فِيمَا اتَّسَعَتْ دَائِرَتُهُ وَنَفْيَ الْجَنَاحِ فِيمَا وَرَدَ فِيهِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ وَالنِّكَاتُ لَا يَجِبُ اطِّرَادُهَا كَذَا قِيلَ فَتَدَبَّرْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فَإِذَا دَخَلْتُمْ شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْأَدَبِ الَّذِي يَنْبَغِي رِعَايَتُهُ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ مَا رَخَّصَ فِيهِ بَعْدَ بَيَانِ الرُّخْصَةِ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61بُيُوتًا أَيْ مِنَ الْبُيُوتِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا يُؤْذِنُ بِهِ الْفَاءُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَيْ عَلَى أَهْلِهَا كَمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَرِيبٌ مِنْهُ مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَجَمَاعَةٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ أَنَّ الْمَعْنَى فَلْيُسَلِّمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ نَظِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=54فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [الْبَقَرَةُ: 54] وَالتَّعْبِيرُ عَنْ أَهْلِ تِلْكَ الْبُيُوتِ بِالْأَنْفُسِ لِتَنْزِيلِهِمْ مُنْزِلَتِهَا لِشِدَّةِ الِاتِّصَالِ، وَفِي الِانْتِصَافِ فِي التَّعْبِيرِ عَنْهُمْ بِذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى السِّرِّ الَّذِي اقْتَضَى إِبَاحَةَ الْأَكْلِ مِنْ تِلْكَ الْبُيُوتِ الْمَعْدُودَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّاخِلِ كَبَيْتِ نَفْسِهِ لِلْقَرَابَةِ وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ:
الْمُرَادُ السَّلَامُ عَلَى أَهْلِهَا عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا رَدَّتْ تَحِيَّتَهُ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا أَنَّ الْقَاتِلَ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْقَتْلِ بِفِعْلِهِ كَأَنَّهُ قَاتِلٌ نَفْسَهُ. وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْآيَةِ: هُوَ الْمَسْجِدُ إِذَا دَخَلْتُهُ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى الصَّالِحِينَ. فَحَمَلَ الْبُيُوتَ فِيهَا عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالسَّلَامُ عَلَى الْأَنْفُسِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بُيُوتُ الْمُخَاطَبِينَ وَأَهْلِهِمْ، وَذُكِرَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ سَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا فَلْيَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْنَا مِنْ رَبِّنَا وَرُوِيَ هَذَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءَ ، وَقِيلَ السَّلَامُ عَلَى الْأَنْفُسِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْمُرَادُ بِبُيُوتٍ بُيُوتُ الْكُفَّارِ وَذُكِرَ أَنَّ دَاخِلَهَا وَكَذَا دَاخِلَ الْبُيُوتِ الْخَالِيَةِ يَقُولُ مَا سَمِعْتُ آنِفًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَقِيلَ يَقُولُ عَلَى الْكُفَّارِ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، وَلَا يُخْفَى الْمُنَاسِبِ لِلْمَقَامِ، وَالسَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامِ مِنَ الْآفَاتِ وَقِيلَ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَتَمِّ وَجْهٍ فَتَذَكَّرْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَيْ ثَابِتَةٍ بِأَمْرِهِ تَعَالَى مَشْرُوعَةٍ مِنْ لَدُنْهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ صِفَةً لِتَحِيَّةٍ، وَجَوَّزَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِتَحِيَّةٍ فَإِنَّهَا طَلَبُ الْحَيَاةِ وَهِيَ مِنْ عِنْدِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَصْلُ مَعْنَاهَا أَنْ تَقُولَ حَيَّاكَ اللَّهُ تَعَالَى أَيْ أَعْطَاكَ سُبْحَانَهُ الْحَيَاةَ ثُمَّ عَمَّمَ لِكُلِّ دُعَاءٍ، وَانْتِصَابُهَا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ لِيُسَلِّمُوا عَلَى طَرِيقٍ قَعَدَتْ جُلُوسًا فَكَأَنَّهُ قِيلَ فَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا أَوْ فَحَيُّوا تَحِيَّةً
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61مُبَارَكَةً بُورِكَ فِيهَا بِالْأَجْرِ كَمَا
رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17131مُقَاتِلٍ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ : فِي السَّلَامِ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَمَعَ الرَّحْمَةِ عِشْرُونَ وَمَعَ الْبَرَكَاتِ ثَلَاثُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61طَيِّبَةً تَطِيبُ بِهَا نَفْسُ الْمُسْتَمِعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَزِيدُ الْمُسْلِمَ مَا ذَكَرَ فِي سَلَامِهِ، وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ زِيَادَتُهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: مَا أَخَذْتُ التَّشَهُّدَ إِلَّا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى سَمِعْتُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً فَالتَّشَهُّدُ فِي الصَّلَاةِ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ تَكْرِيرٌ لِمَزِيدِ التَّأْكِيدِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْخِيمٌ فَخِيمٌ لِلْأَحْكَامِ الْمُخْتَتِمَةِ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ مَا فِي تَضَاعِيفِهَا مِنَ الشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ وَتَعْمَلُونَ بِمُوجِبِهَا وَتَحُوزُونَ بِذَلِكَ سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ،
[ ص: 223 ] وَفِي تَعْلِيلِ هَذَا التَّبْيِينِ بِهَذِهِ الْغَايَةِ الْقُصْوَى بَعْدَ تَذْيِيلِ الْأَوَّلِينَ بِمَا يُوجِبُهَا مِنَ الْجَزَالَةِ مَا لَا يَخْفَى، وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَجِلَّةِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ بَدَأَ السُّورَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=1وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ [النُّورُ: 1] وَخَتَمَهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=61كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ ثُمَّ جَعَلَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خِتَامَ الْخَتْمِ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: