الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( nindex.php?page=treesubj&link=2652_2658_2659_2660_2661_2662ولا تجب الزكاة إلا على حر مسلم ، فأما المكاتب والعبد إذا ملكه المولى مالا فلا زكاة عليه ، لأنه لا يملك في قوله الجديد ويملك في قوله القديم ، إلا أنه ملك ضعيف لا يحتمل المواساة ، ولهذا لا تجب عليه نفقة الأقارب ولا يعتق [ عليه ] أبوه إذا اشتراه فلم تجب عليه الزكاة ، وفيمن نصفه حر ونصفه عبد وجهان ( أحدهما ) : لا تجب عليه الزكاة لأنه ناقص بالرق فهو كالعبد القن ، ( والثاني ) أنها تجب فيما ملكه بنصفه الحر ، لأنه يملك بنصفه الحر ملكا تاما ، فوجب عليه الزكاة كالحر ) .
( الشرح ) : قوله : ولا تجب الزكاة إلا على حر مسلم ، ولم يقل تام الملك كما قاله في التنبيه ، وهذا الذي قاله هنا حسن ، لأن مقصوده في هذا الفصل بيان صفة الشخص الذي تجب عليه الزكاة ، وكونه تام الملك صفة للمال ، فأخره ثم ذكر في أول الذي يلي هذا في فصل صفات المال ، وهذا ترتيب حسن . أما nindex.php?page=treesubj&link=2652_2658_3270_23464وجوب الزكاة على الحر المسلم فظاهر لعموم الكتاب والسنة والإجماع فيمن سوى الصبي والمجنون ، ومذهبنا وجوبها في مال الصبي والمجنون ، وسنوضحه قريبا إن شاء الله تعالى .
nindex.php?page=treesubj&link=2659_26729وأما المكاتب فلا زكاة عليه لا في عشر زرعه ولا في ماشيته وسائر أمواله ولا خلاف في شيء من هذا عندنا ، ولا يجب عليه زكاة الفطر أيضا ، وفيها وجه ضعيف ذكره المصنف في باب زكاة الفطر ، والمذهب أنها لا تجب عليه ، ودليل الجميع ضعف ملكه . قال أصحابنا : فإن nindex.php?page=treesubj&link=2659_2685عتق المكاتب والمال في يده استأنف له الحول من حين العتق وإن عجز فصار المال للسيد ابتدأ الحول من حينئذ .
وأما nindex.php?page=treesubj&link=2658_2662_2660العبد [ ص: 298 ] القن والمدبر والمستولدة إذا ملكهم المولى مالا - فإن قلنا بالجديد الصحيح أنه لا يملك بالتمليك - وجب على السيد زكاة ما ملك ، ولا أثر للتمليك لأنه باطل ، وإن قلنا بالقديم أنه يملك لم يلزم العبد زكاته لما ذكره المصنف ، وهل يلزم السيد زكاة هذا المال ؟ فيه طريقان : ( الصحيح ) منهما وهو المشهور ، وبه قطع كثيرون : لا يلزمه ; لأنه لا يملكه .
( والطريق الثاني ) حكاه الماوردي وإمام الحرمين والغزالي في البسيط وآخرون فيه وجهان ( أصحهما ) لا يلزمه ( والثاني ) يلزمه لأن فائدة الملك القدرة على التصرف فيه ، وذلك حاصل بخلاف ملك المكاتب . قال الماوردي : هذا الوجه غلط : لأن للوالد أن يرجع فيما وهبه لولده ، ومع هذا تلزمه زكاته " قلت " : أما الفرق فظاهر ; لأن ملك الوالد تام ويجب فيه الزكاة بخلاف العبد ، والله أعلم .
وأما nindex.php?page=treesubj&link=2661من بعضه حر وبعضه رقيق ففيه وجهان مشهوران ذكر المصنف دليلهما واختلفوا في أصحهما ، فقال العراقيون " الصحيح " أنه لا تجب الزكاة ، وبهذا قطع أكثر العراقيين أو كثير منهم وجماعة من الخراسانيين . ممن قطع به nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في تعليقه والمحاملي في المجموع وابن الصباغ وغيرهم من العراقيين ، ونقله إمام الحرمين في النهاية عن العراقيين ، وقطع به الخراسانيون والمتولي ، وصحح أكثر الخراسانيين الوجوب ، ممن صححه منهم إمام الحرمين والبغوي ، وقطع به الغزالي في كتبه ، واستبعد إمام الحرمين قول العراقيين ، واحتج بأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه نص على أن من بعضه حر وبعضه رقيق يكفر كفارة الحر الموسر . قال : وإذا وجبت كفارة الأحرار فالزكاة أولى لأن المعتمد فيها الإسلام والملك التام وقد وجد . وحجة العراقيين أنه في أكثر الأحكام له حكم العبيد ، فلا تقبل شهادته ولا ولاية له على ولده الحر ولا على مال ولده ، ولا جمعة عليه ولا تنعقد به ولا حج عليه ، ولذلك هو كالرقيق في نكاحه وطلاقه وعدتها ، والحدود على قاذفه ولا يرث ، ولا خيار لها إذا عتق بعضها تحت عبد ، ولا قصاص على الحر بقتله وعلى من هو مثله على الأصح ، ولا يكون قاضيا ولا قاسما ولا [ ص: 299 ] مقوما ، وغير ذلك من الأحكام فوجب أن تلحق الزكاة بذلك . فإن قيل : جزموا بوجوب زكاة الفطر عليه ، فما الفرق ؟ فالجواب ما أجاب به صاحب الشامل أن زكاة الفطر تتبعض فيجب عليه نصف صاع وعلى سيده نصفه وزكاة الأموال لا تتبعض ، وإنما تجب على تمام والله أعلم .