الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان قد يشكل على ذلك التفاوت في الرزق عند كل من لم يتأمل [حق التأمل] فيقال : بكل الخلق والرزق له ، فما بالهم متفاوتين في الرزق؟ قال : الله أي : بما له من [العظمة] والإحاطة بصفات الكمال يبسط الرزق بقدرته التامة لمن يشاء من عباده على حسب ما يعلم من بواطنهم ويقدر أي : يضيق.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان [ذلك] إنما هو لمصالح العباد وإن لم يظهر لهم وجه حكمته قال : له أي : لتظهر من ذلك قدرته وحكمته ، وأنت ترى الملوك وغيرهم من الأقوياء يفاوتون في الرزق بين عمالهم بحسب ما يعلمون من علمهم الناقص بأحوالهم ، فما ظنك بملك الملوك العالم علما لا تدنو من ساحته ظنون ولا شكوك ، وهذه الآية نتيجة ما قبلها.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان سبحانه يرزق الناس ، ويمكن لهم بحسب ما يعلم من [ ص: 472 ] ضمائرهم أنه لا صلاح إلا فيه ، قال معللا لذلك ومؤكدا ردا على من يعتقد أن ذلك إنما هو من تقصير بعض العباد وتشمير بعضهم ، معلما بأنه محيط العلم فهو محيط القدرة [فهو] الذي سبب عجز بعضهم وطاقة الآخرين لملازمة القدرة العلم : إن الله أي : الذي له صفات الكمال بكل شيء [أي : ] من المرزوقين ومن الأرزاق وكيف تمنع أو تساق وغير ذلك عليم فهو على ذلك كله قدير ، يعلم ما يصلح العباد من ذلك وما يفسدهم ، ويعطيهم بحسب ذلك إن شاء وكم رام بعض الأقوياء إغناء فقير وإفقار غني ، فكشف الحال عن فساد ما راموا من الانتقال.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية