تفسير سورة المؤمنون
- القول في تأويل قوله تعالى " قد أفلح المؤمنون "
- القول في تأويل قوله تعالى " والذين هم للزكاة فاعلون "
- القول في تأويل قوله تعالى " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون "
- القول في تأويل قوله تعالى " الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون "
- القول في تأويل قوله تعالى " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين "
- القول في تأويل قوله تعالى " ثم جعلناه نطفة في قرار مكين "
- القول في تأويل قوله تعالى " ثم إنكم بعد ذلك لميتون "
- القول في تأويل قوله تعالى " ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين "
- القول في تأويل قوله تعالى " وأنزلنا من السماء ماء بقدر "
- القول في تأويل قوله تعالى " فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب "
- القول في تأويل قوله تعالى " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين "
- القول في تأويل قوله تعالى " وإن لكم في الأنعام لعبرة "
- القول في تأويل قوله تعالى " ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه "
- القول في تأويل قوله تعالى " فقال الملأ الذين كفروا من قومه "
- القول في تأويل قوله تعالى " إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين "
- القول في تأويل قوله تعالى " فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك "
- القول في تأويل قوله تعالى " وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين "
- القول في تأويل قوله تعالى " ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين "
- القول في تأويل قوله تعالى " وقال الملأ من قومه الذين كفروا "
- القول في تأويل قوله تعالى " ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون "
- القول في تأويل قوله تعالى " هيهات هيهات لما توعدون "
- القول في تأويل قوله تعالى " إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين "
- القول في تأويل قوله تعالى " فأخذتهم الصيحة بالحق "
- القول في تأويل قوله تعالى " ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين "
- القول في تأويل قوله تعالى " ثم أرسلنا رسلنا تترى "
- القول في تأويل قوله تعالى " ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين "
- القول في تأويل قوله تعالى " فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون "
- القول في تأويل قوله تعالى " ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون "
- القول في تأويل قوله تعالى " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم "
- القول في تأويل قوله تعالى " وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون "
- القول في تأويل قوله تعالى " فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون "
- القول في تأويل قوله تعالى " فذرهم في غمرتهم حتى حين "
- القول في تأويل قوله تعالى " إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون "
- القول في تأويل قوله تعالى " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة "
- القول في تأويل قوله تعالى " ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون "
- القول في تأويل قوله تعالى " بل قلوبهم في غمرة من هذا "
- القول في تأويل قوله تعالى " حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون "
- القول في تأويل قوله تعالى " قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون "
- القول في تأويل قوله تعالى " أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين "
- القول في تأويل قوله تعالى " ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض "
- القول في تأويل قوله تعالى " أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين "
- القول في تأويل قوله تعالى " وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون "
- القول في تأويل قوله تعالى " ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون "
- القول في تأويل قوله تعالى " حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون "
- القول في تأويل قوله تعالى " وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون "
- القول في تأويل قوله تعالى " وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون "
- القول في تأويل قوله تعالى " وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون "
- القول في تأويل قوله تعالى " بل قالوا مثل ما قال الأولون "
- القول في تأويل قوله تعالى " لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين "
- القول في تأويل قوله تعالى " قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون "
- القول في تأويل قوله تعالى " قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم "
- القول في تأويل قوله تعالى " قل من بيده ملكوت كل شيء "
- القول في تأويل قوله تعالى " بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون "
- القول في تأويل قوله تعالى " قل رب إما تريني ما يوعدون "
- القول في تأويل قوله تعالى " ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون "
- القول في تأويل قوله تعالى " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون "
- القول في تأويل قوله تعالى " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون "
- القول في تأويل قوله تعالى " فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون "
- القول في تأويل قوله تعالى " ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون "
- القول في تأويل قوله تعالى " ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون "
- القول في تأويل قوله تعالى " إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا "
- القول في تأويل قوله تعالى " فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري "
- القول في تأويل قوله تعالى " قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين "
- القول في تأويل قوله تعالى " قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون "
- القول في تأويل قوله تعالى " فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم "
- القول في تأويل قوله تعالى " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه "
- القول في تأويل قوله تعالى " وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين "
[ ص: 7 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قد أفلح المؤمنون ( 1 ) قوله جل ثناؤه : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ( 2 ) والذين هم عن اللغو معرضون ( 3 ) )
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : ( قد أفلح المؤمنون ) قد أدرك محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأقروا بما جاءهم به من عند الله ، وعملوا بما دعاهم إليه مما سمى في هذه الآيات ، الخلود في جنات ربهم وفازوا بطلبتهم لديه . الذين صدقوا الله ورسوله
كما حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( قد أفلح المؤمنون ) ثم قال : قال كعب : لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة : خلق آدم بيده ، وكتب التوراة بيده ، وغرس جنة عدن بيده ، ثم قال لها : تكلمي! فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) لما علمت فيها من الكرامة .
حدثنا سهل بن موسى الرازي ، قال : ثنا يحيى بن الضريس ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن مجاهد ، قال : لما غرس الله تبارك وتعالى الجنة ، نظر إليها فقال : ( قد أفلح المؤمنون ) .
قال : ثنا حفص بن عمر ، عن أبي خلدة ، عن أبي العالية ، قال : لما خلق الله الجنة قال : ( قد أفلح المؤمنون ) فأنزل به قرآنا .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جبير ، عن عطاء ، عن ميسرة ، قال : " لم يخلق الله شيئا بيده غير أربعة أشياء : خلق آدم بيده ، وكتب الألواح بيده ، والتوراة بيده ، وغرس عدنا بيده ، ثم قال : ( قد أفلح المؤمنون ) " .
وقوله : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) يقول تعالى ذكره : ، وخشوعهم فيها تذللهم لله فيها بطاعته ، وقيامهم فيها بما أمرهم بالقيام به فيها . وقيل إنها نزلت من أجل أن القوم كانوا يرفعون أبصارهم فيها إلى السماء قبل نزولها ، فنهوا بهذه الآية عن ذلك . الذين هم في صلاتهم إذا قاموا فيها خاشعون
[ ص: 8 ] ذكر الرواية بذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت خالدا ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى نظر إلى السماء ، فأنزلت هذه الآية : ( محمد بن سيرين ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : فجعل بعد ذلك وجهه حيث يسجد " . عن
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا هارون بن المغيرة عن أبي جعفر ، عن الحجاج الصواف ، عن ابن سيرين ، قال : " كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء ، حتى نزلت : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) فقالوا بعد ذلك برءوسهم هكذا " .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا قال : أخبرنا ابن علية ، أيوب ، محمد ، قال : " نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء ، فنزلت آية إن لم تكن ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) فلا أدري أية آية هي ، قال : فطأطأ . قال : وقال محمد : وكانوا يقولون : لا يجاوز بصره مصلاه ، فإن كان قد استعاد النظر فليغمض . عن
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا هشيم ، عن ابن عون ، عن محمد نحوه .
واختلف أهل التأويل في الذي عنى به في هذا الموضع من الخشوع ، فقال بعضهم : عنى به سكون الأطراف في الصلاة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : السكون فيها .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الزهري : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : سكون المرء في صلاته .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، مثله .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن أبي سفيان الشيباني ، عن رجل ، عن علي ، قال : سئل عن قوله : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : لا تلتفت في صلاتك .
حدثنا عبد الجبار بن يحيى الرملي ، قال : قال ضمرة بن ربيعة ، عن أبي شوذب ، عن الحسن ، في قوله : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : كان خشوعهم في قلوبهم ، [ ص: 9 ] فغضوا بذلك البصر وخفضوا به الجناح .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله : ( خاشعون ) قال : الخشوع في القلب ، وقال : ساكنون .
قال : ثنا الحسن ، قال : ثني عن خالد بن عبد الله ، المسعودي ، عن أبي سنان ، عن رجل من قومه ، عن علي رضي الله عنه قال : الخشوع في القلب ، وأن تلين للمرء المسلم كنفك ، ولا تلتفت .
قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ، عطاء بن أبي رباح ، في قوله : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : التخشع في الصلاة . وقال لي غير عطاء : قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) فما رئي بعد ذلك ينظر إلا إلى الأرض . كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة نظر عن يمينه ويساره ووجاهه ، حتى نزلت : (
وقال آخرون : عنى به الخوف في هذا الموضع .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال : خائفون .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، في قوله : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) قال الحسن : خائفون . وقال قتادة : الخشوع في القلب .
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله : ( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) يقول : خائفون ساكنون .
وقد بينا فيما مضى قبل من كتابنا أن الخشوع التذلل والخضوع بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . وإذ كان ذلك كذلك ، ولم يكن الله تعالى ذكره دل على أن مراده من ذلك معنى دون معنى في عقل ولا خبر ، كان معلوما أن معنى مراده من ذلك العموم . وإذ كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام ما وصفت من قبل ، من أنه : والذين هم في صلاتهم متذللون لله بإدامة ما ألزمهم من فرضه وعبادته ، وإذا تذلل لله فيها العبد رؤيت ذلة خضوعه في سكون أطرافه وشغله بفرضه وتركه ما أمر بتركه فيها .
وقوله : ( والذين هم عن اللغو معرضون ) يقول تعالى ذكره : والذين هم عن [ ص: 10 ] الباطل وما يكرهه الله من خلقه معرضون .
وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( والذين هم عن اللغو معرضون ) يقول : الباطل .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : ( عن اللغو معرضون ) قال : عن المعاصي .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الحسن ، مثله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( والذين هم عن اللغو معرضون ) قال : النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن معه من صحابته ، ممن آمن به واتبعه وصدقه كانوا " عن اللغو معرضون " .