الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          342 - مسألة : ومن فاتته صلاة الصبح بنسيان ، أو بنوم ؟ فنختار له إذا ذكرها - وإن بعد طلوع الشمس بقريب أو بعيد - أن يبدأ بركعتي الفجر ثم يضطجع ، ثم يأتي بصلاة الصبح ؟ [ ص: 232 ] وفرض على كل من غفل عن صلاة بنوم ، أو بنسيان ؟ ثم ذكرها أن يزول عن مكانه الذي كان بجسمه فيه إلى مكان آخر ; ولو المكان المتصل بذلك المكان فما زاد ؟ .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عمر بن عبد الملك ثنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا موسى بن إسماعيل ثنا أبان هو ابن يزيد العطار - ثنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في حديث نوم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : { تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة ؟ فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق القاضي ثنا ابن الأعرابي ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا عبد الله بن يزيد المقري ثنا الأسود بن شيبان ثنا خالد بن سمير ثنا عبد الله بن رباح ثنا أبو قتادة الأنصاري قال : { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء ; فلم توقظنا إلا الشمس طالعة ، فقمنا وهلين لصلاتنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم رويدا رويدا حتى تعالت الشمس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليركعهما ؟ فقام من يركعهما ومن لم يكن يركعهما ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادى بالصلاة فيؤذن لها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا } ، وذكر الحديث ؟ قال علي : فإن قيل : ليس في هذا الخبر ذكر الضجعة ؟ قلنا : قد يسكت عنها الراوي ، كما يسكت عن الوضوء ، وعما لا بد منه من ذكر التكبير للإحرام والسلام وغير ذلك وقد يكون هذا الخبر قبل أن يأمر عليه السلام بالضجعة ؟ وليس جميع السنن مذكورة في حديث واحد ، ولا في آية واحدة ، ولا في سورة واحدة ; والتعلل بها قدح في جميع الشريعة : أولها عن آخرها ; فليس منها شيء إلا ، وهو مسكوت عنه في أحاديث كثيرة وفي آيات كثيرة .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 233 ] فكل من تعلل في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأذان للصلاة المنسية ، وفي أمره بصلاة ركعتي الفجر قبل صلاة الفريضة ، وفي أمره عليه السلام بالتأني [ والانتشار ] والتحول - بما لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم - : فقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله ما لم يقل ، وافترى عليه بغير علم ; فليتبوأ مقعده من النار - .

                                                                                                                                                                                          وقد ذكر الأذان لها وصلى ركعتين قبلهما - : حماد عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة ؟ فإن قيل : قد روي في بعض ألفاظ هذا الخبر : أنه عليه السلام قال لهم حينئذ { من أدرك منكم صلاة الغداة فليقض معها مثلها } ؟ قلنا : نعم ، قد روي هذا اللفظ ، وروي { ليصلها أحدكم من الغداة لوقتها } ؟ .

                                                                                                                                                                                          وروي { فإذا سها أحدكم عن الصلاة فليصلها إذا ذكرها ومن الغد للوقت } ؟ ، وروي { أنهم قالوا : يا رسول الله ، أنقضيها لميقاتها من الغد ؟ وأنهم قالوا : ألا نصلي كذا وكذا صلاة قال : لا ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم } .

                                                                                                                                                                                          وكل هذا صحيح ومتفق المعنى ; وإنما يشكل من هذه الألفاظ { من أدرك منكم [ ص: 234 ] صلاة الغداة فليقض معها مثلها } ؟ ، وإذا تؤمل فلا إشكال فيه ; لأن الضمير - في لغة العرب - راجع إلى " الغداة " - لا إلى الصلاة - : أي فليقض مع الغداة مثل هذه الصلاة التي يصلي ، بلا زيادة عليها - : أي : فليؤد ما عليه من الصلاة مثل ما فعل كل يوم ; فتتفق الألفاظ كلها على معنى واحد ، لا يجوز غير ذلك ، وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية