(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=48إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=48إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى ) .
اعلم أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45قالا ربنا إننا نخاف ) فيه أسئلة :
السؤال الأول : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45قالا ربنا ) يدل على أن المتكلم بذلك
موسى وهارون عليهما السلام
وهارون لم يكن حاضرا هذا المقال فكيف ذلك ؟ وجوابه قد تقدم .
السؤال الثاني : أن
موسى عليه السلام قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري ) فأجابه الله تعالى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قد أوتيت سؤلك ياموسى ) وهذا يدل على أنه قد انشرح صدره وتيسر أمره فكيف قال بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45إننا نخاف ) فإن
[ ص: 53 ] حصول الخوف يمنع من حصول شرح الصدر . والجواب : أن شرح الصدر عبارة عن تقويته على ضبط تلك الأوامر والنواهي وحفظ تلك الشرائع على وجه لا يتطرق إليه السهو والتحريف وذلك شيء آخر غير زوال الخوف .
السؤال الثالث : أما
nindex.php?page=treesubj&link=31788علم موسى وهارون وقد حملهما الله تعالى الرسالة أنه تعالى يؤمنهما من القتل الذي هو مقطعة عن الأداء ؟ الجواب : قد أمنا ذلك وإن جوزا أن ينالهما السوء من قبل تمام الأداء أو بعده وأيضا فإنهما استظهرا بأن سألا ربهما ما يزيد في ثبات قلبهما على دعائه وذلك بأن ينضاف الدليل النقلي إلى العقلي زيادة في الطمأنينة كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260ولكن ليطمئن قلبي ) [ البقرة : 260 ] .
السؤال الرابع : لما تكرر الأمر من الله تعالى بالذهاب فعدم الذهاب والتعلل بالخوف هل يدل على المعصية . الجواب : لو اقتضى الأمر الفور لكان ذلك من أقوى الدلائل على المعصية لا سيما وقد أكثر الله تعالى من أنواع التشريف وتقوية القلب وإزالة الغم ولكن ليس الأمر على الفور فزال السؤال ، وهذا من أقوى الدلائل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=21055الأمر لا يقتضي الفور إذا ضممت إليه ما يدل على أن المعصية غير جائزة على الرسل ، أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أن يفرط علينا أو أن يطغى ) فاعلم أن في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أن يفرط ) وجوها :
أحدها : فرط سبق وتقدم ، ومنه الفارط الذي يتقدم الواردة ، وفرس فرط يسبق الخيل ، والمعنى نخاف أن يعجل علينا بالعقوبة .
وثانيها : أنه مأخوذ من أفرط غيره إذا حمله على العجلة فكأن
موسى وهارون عليهما السلام خافا من أن يحمله حامل على المعاجلة بالعقوبة وذلك الحامل هو إما الشيطان أو ادعاؤه للربوبية أو حبه للرياسة أو قومه وهم القبط المتمردون الذين حكى الله تعالى عنهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=60قال الملأ من قومه ) [ الأعراف : 60 ] .
وثالثها : يفرط من الإفراط في الأذية أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أو أن يطغى ) فالمعنى يطغى بالتخطي إلى أن يقول فيك ما لا ينبغي لجراءته عليك ، واعلم أن من أمر بشيء فحاول دفعه بأعذار يذكرها فلا بد وأن يختم كلامه بما هو الأقوى وهذا كما أن الهدهد ختم عذره بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله ) [ النمل : 24 ] فكذا ههنا بدأ
موسى بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أن يفرط علينا ) وختم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أو أن يطغى ) لما أن طغيانه في حق الله تعالى أعظم من إفراطه في حق
موسى وهارون عليهما السلام ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ) فالمراد لا تخافا مما عرض في قلبكما من الإفراط والطغيان لأن ذلك هو المفهوم من الكلام ، يبين ذلك أنه تعالى لم يؤمنهما من الرد ولا من التكذيب بالآيات ومعارضة السحرة ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46nindex.php?page=treesubj&link=28729_28991إنني معكما ) فهو عبارة عن الحراسة والحفظ ، وعلى هذا الوجه يقال : الله معك على وجه الدعاء ، وأكد ذلك بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46أسمع وأرى ) فإن من يكون مع الغير وناصرا له وحافظا يجوز أن لا يعلم كل ما يناله وإنما يحرسه فيما يعلم ، فبين سبحانه وتعالى أنه معهما بالحفظ والعلم في جميع ما ينالهما وذلك هو النهاية في إزالة الخوف قال القفال : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46أسمع وأرى ) يحتمل أن يكون مقابلا لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أن يفرط علينا أو أن يطغى ) والمعنى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45يفرط علينا ) بأن لا يسمع منا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أو أن يطغى ) بأن يقتلنا ، فقال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46إنني معكما ) أسمع كلامه معكما فأسخره للاستماع منكما ، وأرى أفعاله فلا أتركه حتى يفعل بكما ما تكرهانه ، واعلم أن هذه الآية تدل على أن كونه تعالى سميعا وبصيرا صفتان زائدتان على العلم لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46إنني معكما ) دل على العلم فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46أسمع وأرى ) لو دل على العلم لكان ذلك تكريرا وهو خلاف الأصل ، ثم إنه سبحانه أعاد ذلك التكليف فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فأتياه ) لأنه سبحانه وتعالى قال في المرة الأولى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=23لنريك من آياتنا الكبرى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=24اذهب إلى فرعون ) وفي
[ ص: 54 ] الثانية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=42اذهب أنت وأخوك ) ، وفي الثالثة قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=43اذهبا إلى فرعون ) ، وفي الرابعة قال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فأتياه ) فإن قيل : إنه تعالى أمرهما في المرة الثانية بأن يقولا له (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44قولا لينا ) وفي هذه المرة الرابعة أمرهما أن يقولا (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ) وفيه تغليظ من وجوه :
أحدها : أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47إنا رسولا ربك ) فيه أبحاث :
البحث الأول : انقياده إليهما والتزامه لطاعتهما وذلك يعظم على الملك المتبوع .
البحث الثاني : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فأرسل معنا بني إسرائيل ) فيه إدخال النقص على ملكه لأنه كان محتاجا إليهم فيما يريده من الأعمال من بناء أو غيره .
البحث الثالث : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47ولا تعذبهم ) .
البحث الرابع : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47قد جئناك بآية من ربك ) فما الفائدة في التليين أولا والتغليظ ثانيا ؟ قلنا : لأن الإنسان إذا ظهر لجاجه فلا بد له من التغليظ فإن قيل : أليس كان من الواجب أن يقولا إنا رسولا ربك قد جئناك بآية فأرسل معنا
بني إسرائيل ولا تعذبهم ، لأن ذكر المعجز مقرونا بادعاء الرسالة أولى من تأخيره عنه ؟ قلنا : بل هذا أولى من تأخيره عنه لأنهم ذكروا مجموع الدعاوى ثم استدلوا على ذلك المجموع بالمعجزة ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47قد جئناك بآية من ربك ) ففيه سؤال وهو أنه تعالى أعطاه آيتين وهما العصا واليد ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=42اذهب أنت وأخوك بآياتي ) وذلك يدل على ثلاث آيات وقال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47جئناك بآية ) وهذا يدل على أنها كانت واحدة فكيف الجمع ؟ أجاب
القفال بأن معنى الآية الإشارة إلى جنس الآيات كأنه قال : قد جئناك ببيان من عند الله ثم يجوز أن يكون ذلك حجة واحدة أو حججا كثيرة ، وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28991_29675_29680_29676والسلام على من اتبع الهدى ) فقال بعضهم هو من قول الله تعالى لهما كأنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فقولا إنا رسولا ربك ) ، وقولا له : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47والسلام على من اتبع الهدى ) ، وقال آخرون : بل كلام الله تعالى قد تم عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47قد جئناك بآية من ربك ) فقوله بعد ذلك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47والسلام على من اتبع الهدى ) وعد من قبلهما لمن آمن وصدق بالسلامة له من عقوبات الدنيا والآخرة ، والسلام بمعنى السلامة كما يقال : رضاع ورضاعة واللام وعلى ههنا بمعنى واحد كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ الرعد : 25 ] على معنى عليهم ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ) [ فصلت : 46 ] وفي موضع آخر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها ) [ الإسراء : 7 ] ، أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=48إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى ) فاعلم أن هذه الآية من أقوى الدلائل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29694_19962عقاب المؤمن لا يدوم وذلك لأن الألف واللام في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=48العذاب ) تفيد الاستغراق أو تفيد الماهية ، وعلى التقديرين يقتضي انحصار هذا الجنس فيمن كذب وتولى ، فوجب في غير المكذب المتولي أن لا يحصل هذا الجنس أصلا ، وظاهر هذه الآية يقتضي القطع بأنه
nindex.php?page=treesubj&link=19962_29694لا يعاقب أحدا من المؤمنين بترك العمل به في بعض الأوقات ، فوجب أن يبقى على أصله في نفي الدوام لأن العقاب المتناهي إذا حصل بعده السلامة مدة غير متناهية صار ذلك العقاب كأنه لا عقاب ، فلذلك يحسن مع حصول ذلك القدر أن يقال : إنه لا عقاب ، وأيضا فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47والسلام على من اتبع الهدى ) ، وقد فسرنا السلام بالسلامة ، فظاهره يقتضي حصول السلامة لكل من اتبع الهدى ، والعارف بالله قد اتبع الهدى فوجب أن يكون صاحب السلامة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=48إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=48إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) .
اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ ) فِيهِ أَسْئِلَةٌ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45قَالَا رَبَّنَا ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِذَلِكَ
مُوسَى وَهَارُونُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ
وَهَارُونُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا هَذَا الْمَقَالَ فَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ وَجَوَابُهُ قَدْ تَقَدَّمَ .
السُّؤَالُ الثَّانِي : أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ) فَأَجَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدِ انْشَرَحَ صَدْرُهُ وَتَيَسَّرَ أَمْرُهُ فَكَيْفَ قَالَ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45إِنَّنَا نَخَافُ ) فَإِنَّ
[ ص: 53 ] حُصُولَ الْخَوْفِ يَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ شَرْحِ الصَّدْرِ . وَالْجَوَابُ : أَنَّ شَرْحَ الصَّدْرِ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْوِيَتِهِ عَلَى ضَبْطِ تِلْكَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَحِفْظِ تِلْكَ الشَّرَائِعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ السَّهْوُ وَالتَّحْرِيفُ وَذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ زَوَالِ الْخَوْفِ .
السُّؤَالُ الثَّالِثُ : أَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=31788عَلِمَ مُوسَى وَهَارُونُ وَقَدْ حَمَّلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الرِّسَالَةَ أَنَّهُ تَعَالَى يُؤَمِّنُهُمَا مِنَ الْقَتْلِ الَّذِي هُوَ مَقْطَعَةٌ عَنِ الْأَدَاءِ ؟ الْجَوَابُ : قَدْ أَمِنَا ذَلِكَ وَإِنْ جَوَّزَا أَنْ يَنَالَهُمَا السُّوءُ مِنْ قَبْلِ تَمَامِ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُمَا اسْتَظْهَرَا بِأَنْ سَأَلَا رَبَّهُمَا مَا يَزِيدُ فِي ثَبَاتِ قَلْبِهِمَا عَلَى دُعَائِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْضَافَ الدَّلِيلُ النَّقْلِيُّ إِلَى الْعَقْلِيِّ زِيَادَةً فِي الطُّمَأْنِينَةِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) [ الْبَقَرَةِ : 260 ] .
السُّؤَالُ الرَّابِعُ : لَمَّا تَكَرَّرَ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالذَّهَابِ فَعَدَمُ الذَّهَابِ وَالتَّعَلُّلُ بِالْخَوْفِ هَلْ يَدُلُّ عَلَى الْمَعْصِيَةِ . الْجَوَابُ : لَوِ اقْتَضَى الْأَمْرُ الْفَوْرَ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَكْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنْوَاعِ التَّشْرِيفِ وَتَقْوِيَةِ الْقَلْبِ وَإِزَالَةِ الْغَمِّ وَلَكِنْ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى الْفَوْرِ فَزَالَ السُّؤَالُ ، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21055الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ إِذَا ضَمَمْتَ إِلَيْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْصِيَةَ غَيْرُ جَائِزَةٍ عَلَى الرُّسُلِ ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ) فَاعْلَمْ أَنَّ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أَنْ يَفْرُطَ ) وُجُوهًا :
أَحَدُهَا : فَرَطَ سَبَقَ وَتَقَدَّمَ ، وَمِنْهُ الْفَارِطُ الَّذِي يَتَقَدَّمُ الْوَارِدَةَ ، وَفَرَسٌ فَرْطٌ يَسْبِقُ الْخَيْلَ ، وَالْمَعْنَى نَخَافُ أَنْ يُعَجِّلَ عَلَيْنَا بِالْعُقُوبَةِ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَفْرَطَ غَيْرَهُ إِذَا حَمَلَهُ عَلَى الْعَجَلَةِ فَكَأَنَّ
مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ خَافَا مِنْ أَنْ يَحْمِلَهُ حَامِلٌ عَلَى الْمُعَاجَلَةِ بِالْعُقُوبَةِ وَذَلِكَ الْحَامِلُ هُوَ إِمَّا الشَّيْطَانُ أَوِ ادِّعَاؤُهُ لِلرُّبُوبِيَّةِ أَوْ حُبُّهُ لِلرِّيَاسَةِ أَوْ قَوْمُهُ وَهُمُ الْقِبْطُ الْمُتَمَرِّدُونَ الَّذِينَ حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=60قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ ) [ الْأَعْرَافِ : 60 ] .
وَثَالِثُهَا : يَفْرُطُ مِنَ الْإِفْرَاطِ فِي الْأَذِيَّةِ أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أَوْ أَنْ يَطْغَى ) فَالْمَعْنَى يَطْغَى بِالتَّخَطِّي إِلَى أَنْ يَقُولَ فِيكَ مَا لَا يَنْبَغِي لِجَرَاءَتِهِ عَلَيْكَ ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أُمِرَ بِشَيْءٍ فَحَاوَلَ دَفْعَهُ بِأَعْذَارٍ يَذْكُرُهَا فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَخْتِمَ كَلَامَهُ بِمَا هُوَ الْأَقْوَى وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْهُدْهُدَ خَتَمَ عُذْرَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) [ النَّمْلِ : 24 ] فَكَذَا هَهُنَا بَدَأَ
مُوسَى بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا ) وَخَتَمَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أَوْ أَنْ يَطْغَى ) لِمَا أَنَّ طُغْيَانَهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَعْظَمُ مِنْ إِفْرَاطِهِ فِي حَقِّ
مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) فَالْمُرَادُ لَا تَخَافَا مِمَّا عَرَضَ فِي قَلْبِكُمَا مِنَ الْإِفْرَاطِ وَالطُّغْيَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنَ الْكَلَامِ ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يُؤَمِّنْهُمَا مِنَ الرَّدِّ وَلَا مِنَ التَّكْذِيبِ بِالْآيَاتِ وَمُعَارَضَةِ السَّحَرَةِ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46nindex.php?page=treesubj&link=28729_28991إِنَّنِي مَعَكُمَا ) فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْحِرَاسَةِ وَالْحِفْظِ ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُقَالُ : اللَّهُ مَعَكَ عَلَى وَجْهِ الدُّعَاءِ ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46أَسْمَعُ وَأَرَى ) فَإِنَّ مَنْ يَكُونُ مَعَ الْغَيْرِ وَنَاصِرًا لَهُ وَحَافِظًا يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمَ كُلَّ مَا يَنَالُهُ وَإِنَّمَا يَحْرُسُهُ فِيمَا يَعْلَمُ ، فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ مَعَهُمَا بِالْحِفْظِ وَالْعِلْمِ فِي جَمِيعِ مَا يَنَالُهُمَا وَذَلِكَ هُوَ النِّهَايَةُ فِي إِزَالَةِ الْخَوْفِ قَالَ الْقَفَّالُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46أَسْمَعُ وَأَرَى ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ) وَالْمَعْنَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45يَفْرُطَ عَلَيْنَا ) بِأَنْ لَا يَسْمَعَ مِنَّا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=45أَوْ أَنْ يَطْغَى ) بِأَنْ يَقْتُلَنَا ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46إِنَّنِي مَعَكُمَا ) أَسْمَعُ كَلَامَهُ مَعَكُمَا فَأُسَخِّرُهُ لِلِاسْتِمَاعِ مِنْكُمَا ، وَأَرَى أَفْعَالَهُ فَلَا أَتْرُكُهُ حَتَّى يَفْعَلَ بِكُمَا مَا تَكْرَهَانِهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَوْنَهُ تَعَالَى سَمِيعًا وَبَصِيرًا صِفَتَانِ زَائِدَتَانِ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46إِنَّنِي مَعَكُمَا ) دَلَّ عَلَى الْعِلْمِ فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=46أَسْمَعُ وَأَرَى ) لَوْ دَلَّ عَلَى الْعِلْمِ لَكَانَ ذَلِكَ تَكْرِيرًا وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَعَادَ ذَلِكَ التَّكْلِيفَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فَأْتِيَاهُ ) لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=23لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=24اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ ) وَفِي
[ ص: 54 ] الثَّانِيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=42اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ ) ، وَفِي الثَّالِثَةِ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=43اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ ) ، وَفِي الرَّابِعَةِ قَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فَأْتِيَاهُ ) فَإِنْ قِيلَ : إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُمَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَقُولَا لَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=44قَوْلًا لَيِّنًا ) وَفِي هَذِهِ الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ أَمَرَهُمَا أَنْ يَقُولَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) وَفِيهِ تَغْلِيظٌ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ ) فِيهِ أَبْحَاثٌ :
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ : انْقِيَادُهُ إِلَيْهِمَا وَالْتِزَامُهُ لِطَاعَتِهِمَا وَذَلِكَ يَعْظُمُ عَلَى الْمَلِكِ الْمَتْبُوعِ .
الْبَحْثُ الثَّانِي : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) فِيهِ إِدْخَالُ النَّقْصِ عَلَى مُلْكِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِمْ فِيمَا يُرِيدُهُ مِنَ الْأَعْمَالِ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ .
الْبَحْثُ الثَّالِثُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ) .
الْبَحْثُ الرَّابِعُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ ) فَمَا الْفَائِدَةُ فِي التَّلْيِينِ أَوَّلًا وَالتَّغْلِيظِ ثَانِيًا ؟ قُلْنَا : لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا ظَهَرَ لَجَاجُهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ التَّغْلِيظِ فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ كَانَ مِنَ الْوَاجِبِ أَنْ يَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ فَأَرْسِلْ مَعَنَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ، لِأَنَّ ذِكْرَ الْمُعْجِزِ مَقْرُونًا بِادِّعَاءِ الرِّسَالَةِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ ؟ قُلْنَا : بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا مَجْمُوعَ الدَّعَاوَى ثُمَّ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ بِالْمُعْجِزَةِ ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ ) فَفِيهِ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى أَعْطَاهُ آيَتَيْنِ وَهُمَا الْعَصَا وَالْيَدُ ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=42اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي ) وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى ثَلَاثِ آيَاتٍ وَقَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47جِئْنَاكَ بِآيَةٍ ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ وَاحِدَةً فَكَيْفَ الْجَمْعُ ؟ أَجَابَ
الْقَفَّالُ بِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى جِنْسِ الْآيَاتِ كَأَنَّهُ قَالَ : قَدْ جِئْنَاكَ بِبَيَانٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً وَاحِدَةً أَوْ حُجَجًا كَثِيرَةً ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=28991_29675_29680_29676وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمَا كَأَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ ) ، وَقُولَا لَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) ، وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ ) فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) وَعْدٌ مِنْ قِبَلِهِمَا لِمَنْ آمَنَ وَصَدَّقَ بِالسَّلَامَةِ لَهُ مِنْ عُقُوبَاتِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَالسَّلَامُ بِمَعْنَى السَّلَامَةِ كَمَا يُقَالُ : رَضَاعٌ وَرَضَاعَةٌ وَاللَّامُ وَعَلَى هَهُنَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=25لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) [ الرَّعْدِ : 25 ] عَلَى مَعْنَى عَلَيْهِمْ ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ) [ فُصِّلَتْ : 46 ] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=7إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ) [ الْإِسْرَاءِ : 7 ] ، أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=48إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) فَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29694_19962عِقَابَ الْمُؤْمِنِ لَا يَدُومُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=48الْعَذَابَ ) تُفِيدُ الِاسْتِغْرَاقَ أَوْ تُفِيدُ الْمَاهِيَّةَ ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَقْتَضِي انْحِصَارُ هَذَا الْجِنْسِ فِيمَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ، فَوَجَبَ فِي غَيْرِ الْمُكَذِّبِ الْمُتَوَلِّي أَنْ لَا يَحْصُلَ هَذَا الْجِنْسُ أَصْلًا ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=19962_29694لَا يُعَاقِبُ أَحَدًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ فِي نَفْيِ الدَّوَامِ لِأَنَّ الْعِقَابَ الْمُتَنَاهِيَ إِذَا حَصَلَ بَعْدَهُ السَّلَامَةُ مُدَّةً غَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ صَارَ ذَلِكَ الْعِقَابُ كَأَنَّهُ لَا عِقَابَ ، فَلِذَلِكَ يَحْسُنُ مَعَ حُصُولِ ذَلِكَ الْقَدْرِ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ لَا عِقَابَ ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ) ، وَقَدْ فَسَّرْنَا السَّلَامَ بِالسَّلَامَةِ ، فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي حُصُولَ السَّلَامَةِ لِكُلِّ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، وَالْعَارِفُ بِاللَّهِ قَدِ اتَّبَعَ الْهُدَى فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ صَاحِبَ السَّلَامَةِ .