الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى : ( nindex.php?page=treesubj&link=3105والمستحب أن يسم الماشية التي يأخذها في الزكاة ; لما روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43878كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسم إبل الصدقة } ولأن بالوسم تتميز عن غيرها فإذا شردت ردت إلى موضعها ، ويستحب أن يسم [ التي يأخذها في زكاته ] الإبل والبقر في أفخاذها ; لأنه موضع صلب ، فيقل الألم بوسمه ، ويخف الشعر فيه فيظهر ، ويسم الغنم في آذانها ، ويستحب أن يكتب في ماشية الزكاة لله ، أو زكاة ، وفي ماشية الجزية جزية أو صغار ; لأن ذلك أسهل ما يمكن ) .
( الشرح ) حديث أنس رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، ولفظهما قال nindex.php?page=showalam&ids=9أنس { nindex.php?page=hadith&LINKID=25343أتيت النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=16405بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه : فوافيته وفي يده الميسم يسم إبل الصدقة } وفي رواية : " يسم غنما " أما أحكامه وفروعه ففيه مسائل : ( إحداها ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : nindex.php?page=treesubj&link=3105يستحب وسم الماشية التي للزكاة والجزية وهذا الاستحباب متفق عليه عندنا ، ونقل صاحب الشامل وغيره أنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم ، قال العبدري : وبه قال أكثر الفقهاء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يكره الوسم ; لأنه مثلة ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة ; ولأنه تعذيب للحيوان ، وهو منهي عنه . واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس المذكور ، وبآثار كثيرة عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة رضي الله عنهم ; ولأن الحاجة تدعو إلى الوسم لتمييز إبل الصدقة من إبل الجزية وغيرها ; ولأنها ربما شردت فيعرفها واجدها بعلامتها فيردها ; ولأن من أخرجها يكره له شراؤها فليعرفها لئلا يشتريها . وممن ذكر هذا المعنى الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي [ ص: 153 ] واعتمده ، واعترض عليه بأنه - وإن عرف أنها صدقة - لا يعرف كونها صدقته ، وإنما يكره شراء صدقته لا صدقة غيره ، وأجاب الأصحاب بأنه إذا عرف أنها صدقة احتاط فاجتنبه ، وقد يعرف أنها صدقته لاختصاص ذلك النوع من الصدقة به ، ولغير ذلك من المصالح .
( وأما ) احتجاج nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة بالمثلة والتعذيب فهو عام وحديثنا والآثار خاصة باستحباب الوسم ، فخصصت ذلك العموم ووجب تقديمها عليه . والله أعلم .
( الثانية ) قال أصحابنا وأهل اللغة : الوسم أثر كية ، ويقال : بعير موسوم وقد وسمه وسما وسمة . والميسم الشيء الذي يوسم به . وجمعه مياسم ومواسم . وأصله من السمة وهي العلامة ، ومنه موسم الحج ; لأنه معلم يجمع الناس ، وفلان موسوم بالخير وعليه سمة الخير أي علامته . قال أصحابنا : يستحب nindex.php?page=treesubj&link=3105_25278وسم الإبل والبقر في أصول أفخاذها ، والغنم في أذانها لما ذكره المصنف ، فلو وسم في غيره جاز إلا الوجه فمنهي عن الوسم فيه باتفاق أصحابنا وغيرهم من العلماء ، لحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=19052 : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا موسوم الوجه فأنكر ذلك } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=38331 : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه ، وعن الوسم في الوجه } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على حمار قد وسم في وجهه فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=32392لعن الله الذي وسمه } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . واختلفت عبارات أصحابنا في كيفية النهي عن nindex.php?page=treesubj&link=25278الوسم في الوجه فقال البغوي : لا يجوز الوسم . وقال صاحب العدة : الوسم على الوجه منهي عنه بالاتفاق ، وهو من أفعال الجاهلية . وقال الرافعي : يكره ، والمختار التحريم ، كما أشار إليه البغوي ، وهو مقتضى اللعن ، وقد ثبت اللعن في الحديث كما ذكرناه . والله أعلم .
( الثالثة ) ينبغي أن nindex.php?page=treesubj&link=3105يميز بين سمة الزكاة والجزية ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : يستحب أن يكتب في ماشية الجزية جزية أو صغار .
( وأما ) ماشية الزكاة فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب : يستحب أن يكتب عليها صدقة ، أو زكاة ، أو لله ، وقد نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في مختصر nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني على أنه يكتب لله ، وصرح به الأصحاب منهم المصنف وابن كج والدارمي والقاضي nindex.php?page=showalam&ids=11872أبو الطيب في المجرد وصاحب الشامل والغزالي والبغوي وصاحب العدة وخلائق آخرون ، قال صاحب الشامل : يكتب صدقة [ ص: 154 ] أو زكاة ، قال : فإن كتب عليها لله كان أبرك وأولى . قال الرافعي : نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي على كتابة لله ، قال : واستبعده بعض من شرح الوجيز وبعض من شرح المختصر من المتقدمين ; لأن الدواب تتمعك وتضرب أفخاذها بأذنابها وهي نجسة وينزه اسم الله تعالى عنها . قال الرافعي : والجواب عن هذا بأن إثبات اسم الله تعالى هنا لغرض التمييز والإعلام ، لا على قصد الذكر قال : ويختلف التعظيم والاحترام بحسب اختلاف المقصود ; ولهذا يحرم على الجنب قراءة القرآن ، ولو أتى ببعض ألفاظه لا على قصد القراءة لم يحرم ، هذا كلام الرافعي .
( الرابعة ) قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر والأصحاب : يستحب أن تكون nindex.php?page=treesubj&link=3105سمة الغنم ألطف من سمة البقر . قال أصحابنا : وسمة البقر ألطف من سمة الإبل ودليله ظاهر ( الخامسة ) قال أصحابنا : nindex.php?page=treesubj&link=3105الوسم مباح في الحيوانات التي ليست للصدقة ولا للجزية . ولا يقال : مندوب ولا مكروه .
( وأما ) حيوانهما فيستحب وسمه كما سبق . وقد ثبت في صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكوي في الجاعرتين وهما أصل الفخذين ، ولفظ رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم يوهم أن الذي كان يكوي في الجاعرتين هو النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب أو أنه nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كما أوضحته في شرح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم .
( فرع ) nindex.php?page=treesubj&link=17359الكي بالنار إن لم تدع إليه حاجة حرام ; لدخوله في عموم تغيير خلق الله وفي تعذيب الحيوان وسواء كوى نفسه أو غيره من آدمي أو غيره وإنnindex.php?page=treesubj&link=17359دعت إليه حاجة . وقال أهل الخبرة : إنه موضع [ ص: 155 ] حاجة جاز في نفسه وفي سائر الحيوان ، وتركه في نفسه للتوكل أفضل . لحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما { nindex.php?page=hadith&LINKID=5930أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قيل : يدخل من أمتك الجنة سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب قال : وهم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون } متفق عليه . وعن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين رضي الله عنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=43765يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب قالوا : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . وعن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران أيضا قال " وكان يسلم علي حتى اكتويت فتركت ثم تركت الكي فعاد " رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ومعناه أنه كان به مرض فاكتوى بسببه وكانت الملائكة تسلم عليه قبل الكي لفضله وصلاحه ، فلما اكتوى تركوا السلام عليه فعلم ذلك فترك الكي مرة أخرى ، وكان محتاجا إليه فعادوا وسلموا عليه رضي الله عنه والله أعلم .
( فرع ) يكره nindex.php?page=treesubj&link=28000إنزاء الحمير على الخيل ; لحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21725أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فركبها فقلت : لو حملنا الحمير على الخيل فكانت لنا مثل هذه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون } رواه أبو داود بإسناد صحيح ، قال العلماء : وسبب النهي أنه سبب لقلة الخيل ولضعفها .
( فرع ) يحرم nindex.php?page=treesubj&link=19976التحريش بين البهائم ، لحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=38302نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم } رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح لكن فيه أبو يحيى القتات ، وفي توثيقه خلاف ، وروى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه ، والله أعلم .