الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [15] هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور

                                                                                                                                                                                                                                      هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا أي: لينة سهلة المسالك.

                                                                                                                                                                                                                                      فامشوا في مناكبها أي: في نواحيها وجوانبها على التشبيه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جرير : لأن نواحيها نظير مناكب الإنسان التي هي من أطرافه.

                                                                                                                                                                                                                                      وكلوا من رزقه أي: التمسوا من نعمه تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشهاب: فالأكل والرزق، أريد به طلب النعم مطلقا، وتحصيلها أكلا وغيره، فهو اقتصار على الأهم الأعم، على طريق المجاز أو الحقيقة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال: وأنت إذا تأملت نعيم الدنيا وما فيها، لم تجد شيئا منها على المرء غير ما أكله، [ ص: 5885 ] وما سواه متمم له، أو دافع للضرر عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      وإليه النشور أي: نشوركم من قبوركم للجزاء.

                                                                                                                                                                                                                                      تنبيه:

                                                                                                                                                                                                                                      قال في "الإكليل": في قوله تعالى: فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه الأمر بالتسبب والكسب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن كثير : في الآية تذكير بنعمته تعالى على خلقه في تسخيره لهم الأرض، وتذليله إياها لهم، بأن جعلها ساكنة لا تميد ولا تضطرب بما جعل فيها من الجبال، وأنبع فيها من العيون، وسلك فيها من السبل، وهيأ فيها من المنافع، ومواضع الزرع والثمار. والمعنى: سافروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية