الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2220 [ ص: 294 ] 19 - باب: كراء الأرض بالذهب والفضة

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن عباس: إن أمثل ما أنتم صانعون أن تستأجروا الأرض البيضاء من السنة إلى السنة.

                                                                                                                                                                                                                              2346 ، 2347 - حدثنا عمرو بن خالد، حدثنا الليث، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن حنظلة بن قيس، عن رافع بن خديج قال: حدثني عماي، أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ينبت على الأربعاء أو شيء يستثنيه صاحب الأرض، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. فقلت لرافع: فكيف هي بالدينار والدرهم؟ فقال رافع: ليس بها بأس بالدينار والدرهم. وقال الليث وكان الذي نهي عن ذلك ما لو نظر فيه ذوو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه، لما فيه من المخاطرة. [انظر: 2339 - مسلم: 1547، 1548 - فتح: 5 \ 25]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث رافع بن خديج : حدثني عماي، أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ينبت على الأربعاء أو بشيء يستثنيه صاحب الأرض، فنهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. فقلت لرافع : فكيف هي بالدينار والدرهم؟ فقال رافع بن خديج : ليس بها بأس بالدينار والدرهم. وقال أبو عبد الله: من ها هنا. وقال الليث : أراه وكان الذي نهي عن ذلك ما لو نظر فيه ذوو الفهم بالحلال والحرام لم يجيزوه، لما فيه من المخاطرة.

                                                                                                                                                                                                                              انفرد البخاري بزيادة كلام الليث إلى آخره.

                                                                                                                                                                                                                              وأثر ابن عباس رواه وكيع في "مصنفه" عن سفيان، عن عبد الكريم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: [ ص: 295 ]

                                                                                                                                                                                                                              إن أمثل ما أنتم صانعون أن تستأجروا الأرض البيضاء بالذهب والفضة.

                                                                                                                                                                                                                              وفي "مصنف ابن أبي شيبة ": حكي جواز ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وسالم، وعروة، والزهري، وإبراهيم، وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، وذكر حديث رافع مرفوعا في جواز ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث سعيد (بن يزيد): وأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نكريها بالذهب والورق.

                                                                                                                                                                                                                              وعما رافع ستعلمهما في غزاة بدر .

                                                                                                                                                                                                                              وأما حكم الباب: وهو كراء الأرض بالذهب والفضة فإجماع إلا من شذ كما أسلفته، قال ابن المنذر : أجمع الصحابة على جوازه، وذهب ربيعة إلى أن الأرض لا يجوز أن تكرى بغيره.

                                                                                                                                                                                                                              وقال طاوس : لا تكرى بالذهب ولا بالفضة، وتكرى بالثلث والربع. [ ص: 296 ]

                                                                                                                                                                                                                              وقال الحسن البصري : لا يجوز أن تكرى الأرض بشيء لا بذهب ولا فضة ولا غيرهما، حجته حديث رافع عن النهي عن كرائها مطلقا، وقال: إذا استؤجرت وحرث فيها لعله أن يحترق زرعه فيردها وقد زادت بحرثه لها، فينتفع رب الأرض بتلك الزيادة دون المستأجر. وليس بشيء لأن سائر البيوع لا تخلو من شيء من الغرر، والسلامة منها أكثر، ولو روعي في البيوع ما يجوز أن يحدث لم يصح بيع، ولا وجه لأجل خشية ما يحدث، وقد ثبت عن رافع في هذا الباب أن كراء الأرض بالنقدين جائز، وذلك مضاف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو خاص يقضي على العام، الذي فيه النهي عن كري الأرض بغير استثناء ذهب ولا فضة، والزائد من الأخبار أولى أن يؤخذ به؛ لئلا تتعارض الأخبار ويسقط شيء منها.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الخطابي : لا خلاف في الصحة إذا كان نقدا.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية