الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ( 29 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ( ألم تر ) يا محمد بعينك ( أن الله يولج الليل في النهار ) يقول : يزيد من نقصان ساعات الليل في ساعات النهار ( ويولج النهار في الليل ) يقول : يزيد ما نقص من ساعات النهار في ساعات الليل .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ) نقصان الليل في زيادة النهار ( ويولج النهار في الليل ) نقصان النهار في زيادة الليل .

وقوله : ( وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى ) يقول - تعالى ذكره - : وسخر الشمس والقمر لمصالح خلقه ومنافعهم ، ( كل يجري ) يقول : كل ذلك يجري بأمره إلى وقت معلوم ، وأجل محدود إذا بلغه كورت الشمس والقمر .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى ) يقول : لذلك كله وقت وحد معلوم ، لا يجاوزه ولا يعدوه .

وقوله : ( وأن الله بما تعملون خبير ) يقول : وإن الله بأعمالكم أيها الناس من خير أو شر ذو خبرة وعلم ، لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيكم على جميع ذلك ، وخرج هذا الكلام خطابا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والمعني به المشركون ، وذلك [ ص: 155 ] أنه - تعالى ذكره - : نبه بقوله : ( أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ) على موضع حجته من جهل عظمته ، وأشرك في عبادته معه غيره ، يدل على ذلك قوله : ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية