[ ص: 318 ] ولما قرب ذلك وتأكد وتحرر وتقرر، أقبل سبحانه وتعالى عليهم بالخطاب تأكيدا لمسامعهم فقال مزيلا لكل احتمال يتردد في خواطر المخلفين:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_29388_29676_29677_31050_33456_33678_29019nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وعدكم الله أي: الملك الأعظم
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20مغانم وحقق معناها بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20كثيرة تأخذونها أي: فيما يأتي من بلدان شتى لا تدخل تحت حصر، ثم سبب عن هذا الوعد قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20فعجل لكم أي: منها
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20هذه أي: القضية التي أوقعها بينكم وبين
قريش من وضع الحرب عشر سنين، ومن أنكم تأتون في العام المقبل في مثل هذا الشهر معتمرين فإنها سبب ذلك كله، عزاه
أبو حيان nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس رضي الله عنهما وهو في غاية الظهور، ويمكن أن يكون المعنى: التي فتحها عليكم من خيبر من سبيها وأموالها المنقولات وغيرها
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وكف أيدي الناس أي: من أهل
خيبر وحلفائهم
أسد وغطفان أن يعينوا أهل
خيبر أو يغيروا على عيالاتكم بعد ما هموا بذلك بعد ما كف أيدي
قريش ومن دخل في عهدهم بالصلح
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20عنكم على ما أنتم فيه من القلة والضعف.
ولما كان التقدير: رحمة لكم على طاعتكم لله ورسوله وجزاء لتقوى أيديكم، وتروا أسباب الفتح القريبة بما يدخل من الناس في دينكم عند المخاطبة بسبب الإيمان، عطف عليه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20ولتكون أي: هذه
[ ص: 319 ] الأسباب من الفتح والإسلام
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20آية أي: علامة هي في غاية الوضوح
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20للمؤمنين أي: منكم على دخول
المسجد الحرام آمنين في العمرة ثم في الفتح ومنكم ومن غيركم من الراسخين في الإيمان إلى يوم القيامة على جميع ما يخبر الله به على ما وقع التدريب عليه في هذا التدبير الذي دبره لكم من أنه لطيف يوصل إلى الأشياء العظيمة بأضداد أسبابها فيما يرى الناس فلا يرتاع مؤمن لكثرة المخالفين وقوة المنابذين أبدا؛ فإن سبب كون الله مع العبد هو الاتباع بالإحسان الذي عماده الرسوخ في الإيمان الذي علق الحكم به، فحيث ما وجد عليه وجد المعلق وهو النصر بأسباب جلية أو خفية
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20ويهديكم في نحو هذا الأمر الذي دهمكم فأزعجكم بالثبات عند سماع الموعد والوعيد والثقة بمضمونه؛ لأنه قادر حكيم، فهو لا يخلف الميعاد بأن يهديكم
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20صراطا مستقيما أي: طريقا واسعا واضحا موصلا إلى الكرامة من غير شك، وهذا من أعلام النبوة؛ فإنه لم يزغ أحد من المخاطبين بهذه الآية وهم أهل
الحديبية وكأنه -والله أعلم- لذلك لم يقل: ويهديهم - بالغيب على ما اقتضاه السياق لئلا يعم غيرهم ممن يظهر صدقه في الإيمان ثم يزيغ، ولذا أكثر تفاصيل هذه السورة من أعلام النبوة؛ فإنه وقع الإخبار به قبل وقوعه.
[ ص: 318 ] وَلَمَّا قَرَّبَ ذَلِكَ وَتَأَكَّدَ وَتَحَرَّرَ وَتَقَرَّرَ، أَقْبَلَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ بِالْخِطَابِ تَأْكِيدًا لِمَسَامِعِهِمْ فَقَالَ مُزِيلًا لِكُلِّ احْتِمَالٍ يَتَرَدَّدُ فِي خَوَاطِرِ الْمُخَلَّفِينَ:
nindex.php?page=treesubj&link=19881_29388_29676_29677_31050_33456_33678_29019nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَعَدَكُمُ اللَّهُ أَيِ: الْمَلِكُ الْأَعْظَمُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20مَغَانِمَ وَحَقَّقَ مَعْنَاهَا بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا أَيْ: فِيمَا يَأْتِي مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّى لَا تَدْخُلُ تَحْتَ حَصْرٍ، ثُمَّ سَبَّبَ عَنْ هَذَا الْوَعْدِ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20فَعَجَّلَ لَكُمْ أَيْ: مِنْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20هَذِهِ أَيِ: الْقَضِيَّةَ الَّتِي أَوْقَعَهَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ
قُرَيْشٍ مِنْ وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ، وَمِنْ أَنَّكُمْ تَأْتُونَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فِي مِثْلِ هَذَا الشَّهْرِ مُعْتَمِرِينَ فَإِنَّهَا سَبَبُ ذَلِكَ كُلِّهِ، عَزَاهُ
أَبُو حَيَّانَ nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: الَّتِي فَتَحَهَا عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْبَرَ مِنْ سَبْيِهَا وَأَمْوَالِهَا الْمَنْقُولَاتِ وَغَيْرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ أَيْ: مِنْ أَهْلِ
خَيْبَرَ وَحُلَفَائِهِمْ
أَسَدٍ وَغَطَفَانَ أَنْ يُعِينُوا أَهْلَ
خَيْبَرَ أَوْ يُغِيرُوا عَلَى عِيَالَاتِكُمْ بَعْدَ مَا هَمُّوا بِذَلِكَ بَعْدَ مَا كَفَّ أَيْدِيَ
قُرَيْشٍ وَمَنْ دَخَلَ فِي عَهْدِهِمْ بِالصُّلْحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20عَنْكُمْ عَلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنَ الْقِلَّةِ وَالضَّعْفِ.
وَلَمَّا كَانَ التَّقْدِيرُ: رَحْمَةً لَكُمْ عَلَى طَاعَتِكُمْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَجَزَاءً لِتَقْوَى أَيْدِيكُمْ، وَتَرَوْا أَسْبَابَ الْفَتْحِ الْقَرِيبَةَ بِمَا يَدْخُلُ مِنَ النَّاسِ فِي دِينِكُمْ عِنْدَ الْمُخَاطَبَةِ بِسَبَبِ الْإِيمَانِ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَلِتَكُونَ أَيْ: هَذِهِ
[ ص: 319 ] الْأَسْبَابُ مِنَ الْفَتْحِ وَالْإِسْلَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20آيَةً أَيْ: عَلَامَةً هِيَ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20لِلْمُؤْمِنِينَ أَيْ: مِنْكُمْ عَلَى دُخُولِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ آمِنِينَ فِي الْعُمْرَةِ ثُمَّ فِي الْفَتْحِ وَمِنْكُمْ وَمِنْ غَيْرِكُمْ مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْإِيمَانِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى جَمِيعِ مَا يُخْبِرُ اللَّهُ بِهِ عَلَى مَا وَقَعَ التَّدْرِيبُ عَلَيْهِ فِي هَذَا التَّدْبِيرِ الَّذِي دَبَّرَهُ لَكُمْ مِنْ أَنَّهُ لَطِيفٌ يُوصِلُ إِلَى الْأَشْيَاءِ الْعَظِيمَةِ بِأَضْدَادِ أَسْبَابِهَا فِيمَا يَرَى النَّاسُ فَلَا يَرْتَاعُ مُؤْمِنٌ لِكَثْرَةِ الْمُخَالِفِينَ وَقُوَّةِ الْمُنَابِذِينَ أَبَدًا؛ فَإِنَّ سَبَبَ كَوْنِ اللَّهِ مَعَ الْعَبْدِ هُوَ الِاتِّبَاعُ بِالْإِحْسَانِ الَّذِي عِمَادُهُ الرُّسُوخُ فِي الْإِيمَانِ الَّذِي عَلَّقَ الْحُكْمَ بِهِ، فَحَيْثُ مَا وُجِدَ عَلَيْهِ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ وَهُوَ النَّصْرُ بِأَسْبَابٍ جَلِيَّةٍ أَوْ خَفِيَّةٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20وَيَهْدِيَكُمْ فِي نَحْوِ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي دَهَمَكُمْ فَأَزْعَجَكُمْ بِالثَّبَاتِ عِنْدَ سَمَاعِ الْمَوْعِدِ وَالْوَعِيدِ وَالثِّقَةِ بِمَضْمُونِهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ حَكِيمٌ، فَهُوَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ بِأَنْ يَهْدِيَكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=20صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا أَيْ: طَرِيقًا وَاسِعًا وَاضِحًا مُوَصِّلًا إِلَى الْكَرَامَةِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، وَهَذَا مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَزُغْ أَحَدٌ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَهُمْ أَهْلُ
الْحُدَيْبِيَةِ وَكَأَنَّهُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- لِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: وَيَهْدِيهِمْ - بِالْغَيْبِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ السِّيَاقُ لِئَلَّا يَعُمَّ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ يَظْهَرُ صِدْقُهُ فِي الْإِيمَانِ ثُمَّ يَزِيغُ، وَلِذَا أَكْثَرُ تَفَاصِيلِ هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ؛ فَإِنَّهُ وَقَعَ الْإِخْبَارُ بِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ.