(
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا ) .
لما بين حال المنافقين ذكر المتخلفين ،
nindex.php?page=treesubj&link=30569فإن قوما من الأعراب امتنعوا عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لظنهم أنه يهزم ، فإنهم قالوا : أهل
مكة يقاتلون عن باب
المدينة ، فكيف يكون حالهم إذا دخلوا بلادهم وأحاط بهم العدو فاعتذروا ، وقولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11شغلتنا أموالنا وأهلونا ) فيه أمران يفيدان وضوح العذر أحدهما : [قولهم] : ( أموالنا ) ولم يقولوا شغلتنا الأموال ، وذلك لأن جمع المال لا يصلح عذرا [لأنه] لا نهاية له ، وأما حفظ ما جمع من الشتات ومنع الحاصل من الفوات يصلح عذرا ، فقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11شغلتنا أموالنا ) أي ما صار مالا لنا لا مطلق الأموال .
وثانيهما : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11وأهلونا ) وذلك لو أن قائلا قال لهم :
nindex.php?page=treesubj&link=18897_28750المال لا ينبغي أن يبلغ إلى درجة يمنعكم حفظه من متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لكان لهم أن يقولوا : فالأهل يمنع الاشتغال بهم وحفظهم عن أهم الأمور ، ثم إنهم مع العذر تضرعوا وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11فاستغفر لنا ) يعني فنحن مع إقامة العذر معترفون بالإساءة ، فاستغفر لنا واعف عنا في أمر الخروج ، فكذبهم الله تعالى فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ) وهذا
[ ص: 77 ] يحتمل أمرين أحدهما : أن يكون التكذيب راجعا إلى قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11فاستغفر لنا ) وتحقيقه هو أنهم أظهروا أنهم يعتقدون أنهم مسيئون بالتخلف حتى استغفروا ، ولم يكن في اعتقادهم ذلك ، بل كانوا يعتقدون أنهم بالتخلف محسنون . ثانيهما : قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11شغلتنا ) إشارة إلى أن امتناعنا لهذا لا غير ، ولم يكن ذلك في اعتقادهم ، بل كانوا يعتقدون امتناعهم لاعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين يقهرون ويغلبون ، كما قال بعده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=12بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا ) [الفتح : 12] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا ) معناه أنكم تحترزون عن الضر ، وتتركون أمر الله ورسوله ، وتقعدون طلبا للسلامة ، ولو أراد بكم الضرر لا ينفعكم قعودكم من الله شيئا ، أو معناه أنكم تحترزون عن ضرر القتال والمقاتلين وتعتقدون أن أهليكم وبلادكم تحفظكم من العدو ، فهب أنكم حفظتم أنفسكم عن ذلك ، فمن يدفع عنكم عذاب الله في الآخرة ، مع أن ذلك أولى بالاحتراز ، وقد ذكرنا في سورة يس في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إن يردن الرحمن بضر ) [يس : 23] أنه في صورة كون الكلام مع المؤمن ، أدخل الباء على الضر فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=38إن أرادني الله بضر ) [الزمر : 38] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=17وإن يمسسك الله بضر ) [الأنعام : 17] وفي صورة كون الكلام مع الكافر أدخل الباء على الكافر ، فقال ههنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11إن أراد بكم ضرا ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا ) [الأحزاب : 17] وقد ذكرنا الفرق الفائق هناك ، ولا نعيده ليكون هذا باعثا على مطالعة تفسير سورة يس ، فإنها درج الدرر اليتيمة . : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11بل كان الله بما تعملون خبيرا ) أي بما تعملون من إظهار الحرب وإضمار غيره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضُرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) .
لَمَّا بَيَّنَ حَالَ الْمُنَافِقِينَ ذَكَرَ الْمُتَخَلِّفِينَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30569فَإِنَّ قَوْمًا مِنَ الْأَعْرَابِ امْتَنَعُوا عَنِ الْخُرُوجِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ يُهْزَمُ ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا : أَهْلُ
مَكَّةَ يُقَاتِلُونَ عَنْ بَابِ
الْمَدِينَةِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ إِذَا دَخَلُوا بِلَادَهُمْ وَأَحَاطَ بِهِمُ الْعَدُوُّ فَاعْتَذَرُوا ، وَقَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ) فِيهِ أَمْرَانِ يُفِيدَانِ وُضُوحَ الْعُذْرِ أَحَدُهُمَا : [قَوْلُهُمْ] : ( أَمْوَالُنَا ) وَلَمْ يَقُولُوا شَغَلَتْنَا الْأَمْوَالُ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ جَمْعَ الْمَالِ لَا يَصْلُحُ عُذْرًا [لِأَنَّهُ] لَا نِهَايَةَ لَهُ ، وَأَمَّا حِفْظُ مَا جُمِعَ مِنَ الشَّتَاتِ وَمَنْعُ الْحَاصِلَ مِنَ الْفَوَاتِ يَصْلُحُ عُذْرًا ، فَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا ) أَيْ مَا صَارَ مَالًا لَنَا لَا مُطْلَقَ الْأَمْوَالِ .
وَثَانِيهِمَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11وَأَهْلُونَا ) وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=treesubj&link=18897_28750الْمَالُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَبْلُغَ إِلَى دَرَجَةٍ يَمْنَعُكُمْ حِفْظُهُ مِنْ مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا : فَالْأَهْلُ يَمْنَعُ الِاشْتِغَالُ بِهِمْ وَحِفْظُهُمْ عَنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ ، ثُمَّ إِنَّهُمْ مَعَ الْعُذْرِ تَضَرَّعُوا وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ) يَعْنِي فَنَحْنُ مَعَ إِقَامَةِ الْعُذْرِ مُعْتَرِفُونَ بِالْإِسَاءَةِ ، فَاسْتَغْفِرْ لَنَا وَاعْفُ عَنَّا فِي أَمْرِ الْخُرُوجِ ، فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) وَهَذَا
[ ص: 77 ] يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ التَّكْذِيبُ رَاجِعًا إِلَى قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ) وَتَحْقِيقُهُ هُوَ أَنَّهُمْ أَظْهَرُوا أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ مُسِيئُونَ بِالتَّخَلُّفِ حَتَّى اسْتَغْفَرُوا ، وَلَمْ يَكُنْ فِي اعْتِقَادِهِمْ ذَلِكَ ، بَلْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ بِالتَّخَلُّفِ مُحْسِنُونَ . ثَانِيهِمَا : قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11شَغَلَتْنَا ) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ امْتِنَاعَنَا لِهَذَا لَا غَيْرُ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِمْ ، بَلْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ امْتِنَاعَهُمْ لِاعْتِقَادِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ يُقْهَرُونَ وَيُغْلَبُونَ ، كَمَا قَالَ بَعْدَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=12بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا ) [الْفَتْحِ : 12] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا ) مَعْنَاهُ أَنَّكُمْ تَحْتَرِزُونَ عَنِ الضُّرِّ ، وَتَتْرُكُونَ أَمْرَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَتَقْعُدُونَ طَلَبًا لِلسَّلَامَةِ ، وَلَوْ أَرَادَ بِكُمُ الضَّرَرَ لَا يَنْفَعُكُمْ قُعُودُكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّكُمْ تَحْتَرِزُونَ عَنْ ضَرَرِ الْقِتَالِ وَالْمُقَاتِلِينَ وَتَعْتَقِدُونَ أَنَّ أَهْلِيكُمْ وَبِلَادَكُمْ تَحْفَظُكُمْ مِنَ الْعَدُوِّ ، فَهَبْ أَنَّكُمْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَنْ ذَلِكَ ، فَمَنْ يَدْفَعُ عَنْكُمْ عَذَابَ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِالِاحْتِرَازِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي سُورَةِ يس فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=23إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ ) [يس : 23] أَنَّهُ فِي صُورَةِ كَوْنِ الْكَلَامِ مَعَ الْمُؤْمِنِ ، أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى الضُّرِّ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=38إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ ) [الزُّمَرِ : 38] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=17وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ ) [الْأَنْعَامِ : 17] وَفِي صُورَةِ كَوْنِ الْكَلَامِ مَعَ الْكَافِرِ أَدْخَلَ الْبَاءَ عَلَى الْكَافِرِ ، فَقَالَ هَهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=17مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا ) [الْأَحْزَابِ : 17] وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ الْفَائِقَ هُنَاكَ ، وَلَا نُعِيدُهُ لِيَكُونَ هَذَا بَاعِثًا عَلَى مُطَالَعَةِ تَفْسِيرِ سُورَةِ يس ، فَإِنَّهَا دُرْجُ الدُّرَرِ الْيَتِيمَةِ . : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) أَيْ بِمَا تَعْمَلُونَ مِنْ إِظْهَارِ الْحَرْبِ وَإِضْمَارِ غَيْرِهِ .