الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المساقاة باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع
1551 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=11997وزهير بن حرب واللفظ لزهير قالا حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى وهو القطان عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=659904أن رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=6203_6208_33665_33666_30851عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع
[ ص: 161 ]
[ ص: 161 ] قوله : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع )
وفي رواية : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506139على أن يعتملوها من أموالهم ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ثمرها )
في هذه الأحاديث nindex.php?page=treesubj&link=6248جواز المساقاة ، وبه قال مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد ، وجميع فقهاء المحدثين ، وأهل الظاهر ، وجماهير العلماء . وقال أبو حنيفة : لا يجوز ، وتأول هذه الأحاديث على أن خيبر فتحت عنوة ، وكان أهلها عبيدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما أخذه فهو له ، وما تركه فهو له .
واحتج الجمهور بظواهر هذه الأحاديث ، وبقوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=3506140أقركم ما أقركم الله وهذا صريح في أنهم لم يكونوا عبيدا .
قال القاضي : وقد اختلفوا في nindex.php?page=treesubj&link=8422_25016خيبر هل فتحت عنوة ، أو صلحا ، أو بجلاء أهلها عنها [ ص: 162 ] بغير قتال ، أو بعضها صلحا ، وبعضها عنوة ، وبعضها جلا عنه أهله ، أو بعضها صلحا ، وبعضها عنوة ؟ قال : وهذا أصح الأقوال ، وهي رواية مالك ومن تابعه ، وبه قال ابن عيينة . قال : وفي كل قول أثر مروي . وفي رواية لمسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=3506141أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها ، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين ، وهذا يدل لمن قال عنوة إذ حق المسلمين إنما هو في العنوة ، وظاهر قول من قال صلحا أنهم صولحوا على كون الأرض للمسلمين ، والله أعلم .
واختلفوا nindex.php?page=treesubj&link=6251_6252فيما تجوز عليه المساقاة من الأشجار ، فقال داود : يجوز على النخل خاصة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : على النخل والعنب خاصة ، وقال مالك : تجوز على جميع الأشجار ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي . فأما داود فرآها رخصة فلم يتعد فيه المنصوص عليه . وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فوافق داود في كونها رخصة ، لكن قال : حكم العنب حكم النخل في معظم الأبواب . وأما مالك فقال : سبب الجواز الحاجة والمصلحة . وهذا يشمل الجميع فيقاس عليه ، والله أعلم .
قوله : ( بشطر ما يخرج منها ) في nindex.php?page=treesubj&link=6265بيان الجزء المساقى عليه من نصف أو ربع أو غيرهما من الأجزاء المعلومة ، فلا يجوز على مجهول كقوله : على أن ذلك بعض الثمر . واتفق المجوزون للمساقاة على جوازها بما اتفق المتعاقدان عليه من قليل أو كثير .
قوله : ( من ثمر أو زرع ) يحتج به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وموافقوه وهم الأكثرون في nindex.php?page=treesubj&link=6190جواز المزارعة تبعا للمساقاة ، وإن كانت المزارعة عندهم لا تجوز منفردة ، فتجوز تبعا للمساقاة ، فيساقيه على النخل ، ويزارعه على الأرض كما جرى في خيبر . وقال مالك : لا تجوز المزارعة لا منفردة ولا تبعا إلا ما كان من الأرض بين الشجر . وقال أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : المزارعة والمساقاة فاسدتان سواء جمعهما أو فرقهما . ولو عقدتا فسختا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وسائر الكوفيين ، وفقهاء المحدثين ، وأحمد ، وابن خزيمة ، وابن شريح وآخرون : تجوز المساقاة والمزارعة مجتمعتين ، وتجوز كل واحدة منهما منفردة . وهذا هو الظاهر المختار لحديث خيبر . ولا يقبل دعوى كون المزارعة في خيبر إنما جازت تبعا للمساقاة ، بل جازت مستقلة ، ولأن المعنى المجوز للمساقاة موجود في المزارعة قياسا على القراض ، فإنه جائز بالإجماع ، وهو كالمزارعة في كل شيء ، ولأن المسلمين في جميع الأمصار والأعصار مستمرون على العمل بالمزارعة .
وأما الأحاديث السابقة في nindex.php?page=treesubj&link=28429النهي عن المخابرة فسبق الجواب عنها ، وأنها محمولة على ما إذا شرطا لكل واحد قطعة معينة من الأرض . وقد صنف nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة كتابا في جواز المزارعة ، واستقصى فيه وأجاد ، وأجاب عن الأحاديث بالنهي . والله أعلم .
[ ص: 163 ] قوله صلى الله عليه وسلم ( أقركم فيها على ذلك ما شئنا ) وفي رواية الموطأ ( أقركم ما أقركم الله ) قال العلماء : وهو عائد إلى مدة العهد ، والمراد إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ، ثم نخرجكم إذا شئنا ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازما على إخراج الكفار من جزيرة العرب كما أمر به في آخر عمره ، وكما دل عليه هذا الحديث وغيره .
واحتج أهل الظاهر بهذا على جواز nindex.php?page=treesubj&link=6280المساقاة مدة مجهولة . وقال الجمهور : لا تجوز المساقاة إلا إلى مدة معلومة كالإجارة ، وتأولوا الحديث على ما ذكرناه . جاز ذلك في أول الإسلام خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : معناه أن لنا إخراجكم بعد انقضاء المدة المسماة ، وكانت سميت مدة ، ويكون المراد بيان أن المساقاة ليست بعقد دائم كالبيع والنكاح ، بل بعد انقضاء المدة تنقضي المساقاة . فإن شئنا عقدنا عقدا آخر ، وإن شئنا أخرجناكم . وقال أبو ثور : إذا nindex.php?page=treesubj&link=6280أطلقا المساقاة اقتضى ذلك سنة واحدة ، والله أعلم .
[ ص: 161 ] قوله : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع )
وفي رواية : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=3506139على أن يعتملوها من أموالهم ، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ثمرها )
في هذه الأحاديث nindex.php?page=treesubj&link=6248جواز المساقاة ، وبه قال مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد ، وجميع فقهاء المحدثين ، وأهل الظاهر ، وجماهير العلماء . وقال أبو حنيفة : لا يجوز ، وتأول هذه الأحاديث على أن خيبر فتحت عنوة ، وكان أهلها عبيدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما أخذه فهو له ، وما تركه فهو له .
واحتج الجمهور بظواهر هذه الأحاديث ، وبقوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=3506140أقركم ما أقركم الله وهذا صريح في أنهم لم يكونوا عبيدا .
قال القاضي : وقد اختلفوا في nindex.php?page=treesubj&link=8422_25016خيبر هل فتحت عنوة ، أو صلحا ، أو بجلاء أهلها عنها [ ص: 162 ] بغير قتال ، أو بعضها صلحا ، وبعضها عنوة ، وبعضها جلا عنه أهله ، أو بعضها صلحا ، وبعضها عنوة ؟ قال : وهذا أصح الأقوال ، وهي رواية مالك ومن تابعه ، وبه قال ابن عيينة . قال : وفي كل قول أثر مروي . وفي رواية لمسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=3506141أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها ، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله ولرسوله وللمسلمين ، وهذا يدل لمن قال عنوة إذ حق المسلمين إنما هو في العنوة ، وظاهر قول من قال صلحا أنهم صولحوا على كون الأرض للمسلمين ، والله أعلم .
واختلفوا nindex.php?page=treesubj&link=6251_6252فيما تجوز عليه المساقاة من الأشجار ، فقال داود : يجوز على النخل خاصة ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : على النخل والعنب خاصة ، وقال مالك : تجوز على جميع الأشجار ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي . فأما داود فرآها رخصة فلم يتعد فيه المنصوص عليه . وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فوافق داود في كونها رخصة ، لكن قال : حكم العنب حكم النخل في معظم الأبواب . وأما مالك فقال : سبب الجواز الحاجة والمصلحة . وهذا يشمل الجميع فيقاس عليه ، والله أعلم .
قوله : ( بشطر ما يخرج منها ) في nindex.php?page=treesubj&link=6265بيان الجزء المساقى عليه من نصف أو ربع أو غيرهما من الأجزاء المعلومة ، فلا يجوز على مجهول كقوله : على أن ذلك بعض الثمر . واتفق المجوزون للمساقاة على جوازها بما اتفق المتعاقدان عليه من قليل أو كثير .
قوله : ( من ثمر أو زرع ) يحتج به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وموافقوه وهم الأكثرون في nindex.php?page=treesubj&link=6190جواز المزارعة تبعا للمساقاة ، وإن كانت المزارعة عندهم لا تجوز منفردة ، فتجوز تبعا للمساقاة ، فيساقيه على النخل ، ويزارعه على الأرض كما جرى في خيبر . وقال مالك : لا تجوز المزارعة لا منفردة ولا تبعا إلا ما كان من الأرض بين الشجر . وقال أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر : المزارعة والمساقاة فاسدتان سواء جمعهما أو فرقهما . ولو عقدتا فسختا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وسائر الكوفيين ، وفقهاء المحدثين ، وأحمد ، وابن خزيمة ، وابن شريح وآخرون : تجوز المساقاة والمزارعة مجتمعتين ، وتجوز كل واحدة منهما منفردة . وهذا هو الظاهر المختار لحديث خيبر . ولا يقبل دعوى كون المزارعة في خيبر إنما جازت تبعا للمساقاة ، بل جازت مستقلة ، ولأن المعنى المجوز للمساقاة موجود في المزارعة قياسا على القراض ، فإنه جائز بالإجماع ، وهو كالمزارعة في كل شيء ، ولأن المسلمين في جميع الأمصار والأعصار مستمرون على العمل بالمزارعة .
وأما الأحاديث السابقة في nindex.php?page=treesubj&link=28429النهي عن المخابرة فسبق الجواب عنها ، وأنها محمولة على ما إذا شرطا لكل واحد قطعة معينة من الأرض . وقد صنف nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة كتابا في جواز المزارعة ، واستقصى فيه وأجاد ، وأجاب عن الأحاديث بالنهي . والله أعلم .
[ ص: 163 ] قوله صلى الله عليه وسلم ( أقركم فيها على ذلك ما شئنا ) وفي رواية الموطأ ( أقركم ما أقركم الله ) قال العلماء : وهو عائد إلى مدة العهد ، والمراد إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ، ثم نخرجكم إذا شئنا ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازما على إخراج الكفار من جزيرة العرب كما أمر به في آخر عمره ، وكما دل عليه هذا الحديث وغيره .
واحتج أهل الظاهر بهذا على جواز nindex.php?page=treesubj&link=6280المساقاة مدة مجهولة . وقال الجمهور : لا تجوز المساقاة إلا إلى مدة معلومة كالإجارة ، وتأولوا الحديث على ما ذكرناه . جاز ذلك في أول الإسلام خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : معناه أن لنا إخراجكم بعد انقضاء المدة المسماة ، وكانت سميت مدة ، ويكون المراد بيان أن المساقاة ليست بعقد دائم كالبيع والنكاح ، بل بعد انقضاء المدة تنقضي المساقاة . فإن شئنا عقدنا عقدا آخر ، وإن شئنا أخرجناكم . وقال أبو ثور : إذا nindex.php?page=treesubj&link=6280أطلقا المساقاة اقتضى ذلك سنة واحدة ، والله أعلم .