الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    ( نتائج تحكيم العقل في أمور الشريعة )

                    فهو دائب الفكر في تدبير مملكة الله بعقله المغلوب ، وفهمه المقلوب ، بتقبيح القبيح من حيث وهمه ، أو بتحسين الحسن بظنه ، أو بانتساب الظلم والسفه من غير بصيرة إليه ، أو بتعديله تارة كما يخطر بباله ، أو بتجويره أخرى كما يوسوسه شيطانه ، أو بتعجيزه عن خلق أفعال عباده ، أو بأن يوجب حقوقا لعبيده عليه قد ألزمه إياه بحكمه لجهله بعظيم قدره ، وأنه تعالى لا تلزمه الحقوق ، بل له الحقوق اللازمة والفروض الواجبة على عبيده ، وأنه المتفضل عليهم بكرمه وإحسانه .

                    ولو رد الأمور إليه ورأى تقديرها منه وجعل له المشيئة في ملكه وسلطانه ، ولم يجعل خالقا غيره معه ، وأذعن له ؛ كان قد سلم من الشرك والاعتراض عليه .

                    [ ص: 10 ] فهو راكض ليله ونهاره في الرد على كتاب الله تعالى وسنة - رسوله صلى الله عليه وسلم - والطعن عليهما ، أو مخاصما بالتأويلات البعيدة فيهما ، أو مسلطا رأيه على ما لا يوافق مذهبه بالشبهات المخترعة الركيكة ، حتى يتفق الكتاب والسنة على مذهبه ، وهيهات أن يتفق .

                    ولو أخذ سبيل المؤمنين ، وسلك مسلك المتبعين ، لبنى مذهبه عليهما واقتدى بهما ، ولكنه مصدود عن الخير مصروف . فهذه حالته إذا نشط للمحاورة في الكتاب والسنة .

                    فأما إذا رجع إلى أصله وما بنى بدعته عليه ، اعترض عليهما بالجحود والإنكار ، وضرب بعضها ببعض من غير استبصار ، واستقبل أصلهما ببهت الجدل والنظر من غير افتكار ، وأخذ في الهزو والتعجب من غير اعتبار ، استهزاء بآيات الله وحكمته ، واجتراء على دين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته ، وقابلهما برأي النظام والعلاف [ ص: 11 ] والجبائي وابنه الذين هم قلدة دينه .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية