الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                " والإيلاء " هو الحلف والقسم والمراد بالإيلاء هنا أن يحلف الرجل أن لا يطأ امرأته وهو إذا حلف بما عقده بالله كان موليا وإن حلف بما عقده لله [ ص: 52 ] كالحلف بالنذر والظهار والطلاق والعتاق كان موليا عند جماهير العلماء : كأبي حنيفة ومالك والشافعي في قوله الجديد وأحمد . ومن العلماء من لم يذكر في هذه المسألة نزاعا كابن المنذر وغيره وذكر عن ابن عباس أنه قال : كل يمين منعت جماعا فهي إيلاء والله سبحانه وتعالى قد جعل المولي بين خيرتين : إما أن يفيء وإما أن يطلق . والفيئة هي الوطء : خير بين الإمساك بمعروف والتسريح بإحسان . فإن فاء فوطئها حصل مقصودها وقد أمسك بمعروف وقد قال تعالى : { فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم } ومغفرته ورحمته للمولي توجب رفع الإثم عنه وبقاء امرأته .

                ولا تسقط الكفارة كما في قوله : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم } { قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } فبين أنه غفور رحيم بما فرضه من تحلة الأيمان حيث رحم عباده بما فرضه لهم من الكفارة وغفر لهم بذلك نقضهم لليمين التي عقدوها ; فإن موجب العقد الوفاء لولا ما فرضه من التحلة التي جعلها تحل عقدة اليمين . وإن كان المولي لا يفيء ; بل قد عزم على الطلاق ; فإن الله سميع عليم . فحكم المولي في كتاب الله : أنه إما أن يفيء وإما أن يعزم الطلاق . فإن فاء فإن الله غفور رحيم لا يقع به طلاق وهذا متفق عليه في اليمين بالله تعالى .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية