الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وقال الشيطان لما قضي الأمر يعني إبليس. قال الحسن : يقف إبليس يوم القيامة خطيبا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعا. إن الله وعدكم وعد الحق يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعذاب العاصي. ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب. فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 131 ] أحدهما: معناه ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجي ، قاله الربيع بن أنس.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي ، قاله مجاهد . والمصرخ: المغيث. والصارخ: المستغيث. ومنه قول أمية بن أبي الصلت :


                                                                                                                                                                                                                                        فلا تجزعوا إني لكم غير مصرخ فليس لكم عندي غناء ولا صبر



                                                                                                                                                                                                                                        إني كفرت بما أشركتمون من قبل فيه وجهان: أحدهما: إني كفرت اليوم بما كنتم في الدنيا تدعونه لي من الشرك بالله تعالى ، قاله ابن بحر.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: إني كفرت قبلكم بما أشركتموني من بعد ؛ لأن كفر إبليس قبل كفرهم. قوله عز وجل: تحيتهم فيها سلام فيها وجهان: أحدهما: أن تحية أهل الجنة إذا تلاقوا فيها السلام ، وهو قول الجمهور.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن التحية ها هنا الملك ، ومعناه أن ملكهم فيها دائم السلام ، مأخوذ من قولهم في التشهد: التحيات لله ، أي الملك لله ، ذكره ابن شجرة. وفي المحيي لهم بالسلام ثلاثة أوجه: أحدها: أن الله تعالى يحييهم بالسلام.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن الملائكة يحيونهم بالسلام.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أن بعضهم يحيي بعضا بالسلام. وتشبيه الكلمة الطيبة بها لأنها ثابتة في القلب كثبوت أصل النخلة في الأرض ، فإذا ظهرت عرجت إلى السماء كما يعلو فرع النخلة نحو السماء ، فكلما ذكرت نفعت ، كما أن النخلة إذا أثمرت نفعت.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية