الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
رجوع إلى حكاية أقوال الأئمة الأربعة في إنكار التقليد والنهي عنه

فإذا عرفت ما نقلناه عن أئمة المذاهب الأربعة، من تقديم النص على آرائهم، فقد قدمنا لك أيضا حكاية الإجماع على منعهم من التقليد، وحكينا لك ما قاله الإمام أبو حنيفة، وما قاله إمام دار الهجرة مالك بن أنس من ذلك، أو لاح لك مما نقلناه قريبا ما يقول الإمام محمد بن إدريس الشافعي من منع التقليد.

وقد قال المزني في أول "مختصره" ما نصه: اختصرت هذا من علم الشافعي، ومن معنى قوله ; لأقرأه على من أراده مع إعلانه بنهيه عن تقليده، وتقليد غيره; لينظر فيه لدينه، ويحتاط فيه لنفسه. انتهى .

[ ص: 217 ] فانظر ما نقله هذا الإمام الذي هو من أعلم الناس بمذهب الشافعي -رحمه الله -، من تصريحه بمنع تقليده، وتقليد غيره.

وأما الإمام أحمد بن حنبل، فالنصوص عنه في منع التقليد كثيرة.

قال أبو داود: قلت لأحمد: الأوزاعي هو أتبع من مالك؟ فقال: لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء، ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فخذ به.

وقال أبو داود: سمعته - يعني: أحمد بن حنبل يقول: الاتباع: أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ثم من هو من التابعين بخير. انتهى .

فانظر كيف فرق بين التقليد والاتباع؟!

وقال لي أحمد: لا تقلدني، ولا مالك، ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري. وخذ من حيث أخذوا.

وقال: من قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال ..

قال ابن القيم: ولأجل هذا لم يؤلف الإمام أحمد كتابا في الفقه، وإنما دون أصحابه مذهبه من أقواله وأفعاله وأجوبته وغير ذلك.

وقال ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" : اعلم أن المقلد على غير ثقة فيما قلد، وفي التقليد إبطال منفعة العقل، ثم أطال الكلام في ذلك.

وبالجملة: فنصوص أئمة المذاهب الأربعة في المنع من التقليد، وفي تقديم النص على آرائهم وآراء غيرهم، لا تخفى على عارف من أتباعهم وغيرهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية