الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون

                                                                                                                                                                                                                                      أحل لكم الخطاب للمحرمين .

                                                                                                                                                                                                                                      صيد البحر ; أي : ما يصاد في المياه كلها ، بحرا كان ، أو نهرا ، أو غديرا ، وهو ما لا يعيش إلا في الماء ، مأكولا أو غير مأكول .

                                                                                                                                                                                                                                      وطعامه ; أي : وما يطعم من صيده ، وهو تخصيص بعد تعميم ، والمعنى : أحل لكم التعرض لجميع ما يصاد في المياه والانتفاع به ، وأكل ما يؤكل منه ، وهو السمك عندنا ، وعند ابن أبي ليلى جميع ما يصاد فيه ، على أن تفسير الآية عنده : أحل لكم صيد حيوان البحر وأن تطعموه ، وقرئ : [ ص: 82 ] ( وطعمه ) . وقيل : صيد البحر : ما صيد فيه ، وطعامه : ما قذفه أو نضب عنه .

                                                                                                                                                                                                                                      متاعا لكم نصب على أنه مفعول له مختص بالطعام ، كما أن " نافلة " في قوله تعالى : ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة حال مختصة بيعقوب عليه السلام ; أي : أحل لكم طعامه تمتيعا للمقيمين منكم يأكلونه طريا .

                                                                                                                                                                                                                                      وللسيارة منكم يتزودونه قديدا . وقيل : نصب على أنه مصدر مؤكد لفعل مقدر ; أي : متعكم به متاعا . وقيل : مؤكد لمعنى أحل لكم ، فإنه في قوة متعكم به تمتيعا ، كقوله تعالى : كتاب الله عليكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وحرم عليكم صيد البر وقرئ على بناء الفعل للفاعل ، ونصب ( صيد البر ) وهو ما يفرخ فيه ، وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كطير الماء .

                                                                                                                                                                                                                                      ما دمتم حرما ; أي : محرمين ، وقرئ بكسر الدال من دام يدام ، وظاهره يوجب حرمة ما صاده الحلال على المحرم ، وإن لم يكن له مدخل فيه ، وهو قول عمر وابن عباس رضي الله عنهم . وعن أبي هريرة ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، رضي الله عنهم : أنه يحل له أكل ما صاده الحلال ، وإن صاده لأجله إذا لم يشر إليه ولم يدل عليه ، وكذا ما ذبحه قبل إحرامه ، وهو مذهب أبي حنيفة ; لأن الخطاب للمحرمين ، فكأنه قيل : وحرم عليكم ما صدتم في البر فيخرج منه مصيد غيرهم ، وعند مالك ، والشافعي ، وأحمد : لا يباح ما صيد له .

                                                                                                                                                                                                                                      واتقوا الله فيما نهاكم عنه ، أو في جميع المعاصي التي من جملتها ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      الذي إليه تحشرون لا إلى غيره ، حتى يتوهم الخلاص من أخذه تعالى بالالتجاء إليه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية