الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          إن ملك نصابا شهرا ، ثم باع نصفه مشاعا ، أو أعلم على بعضه وباعه مختلطا ، فقال أبو بكر : ينقطع الحول ويستأنفانه من حين البيع ، وقال ابن حامد : لا ينقطع حول البائع ، وعليه إذا تم حوله زكاة حصته ، فإن كان أخرجها من المال انقطع حول المشتري لنقصان النصاب ، وإن أخرجها من غيره ، وقلنا : الزكاة في العين ، فكذلك ، وإن قلنا في الذمة ، فعليه عند تمام حوله زكاة حصته . وإن أفرد بعضه وباعه ، ثم اختلطا ، انقطع الحول ، وقال القاضي : يحتمل أن لا ينقطع إذا كان زمنا يسيرا .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( إن ملك نصابا شهرا ، ثم باع نصفه مشاعا ، أو أعلم على بعضه ) أي : عينه ( وباعه مختلطا ، فقال أبو بكر : ينقطع الحول ، ويستأنفانه من حين البيع ) هذا هو المذهب ، وجزم به في " الوجيز " ؛ لأنه قد انقطع في النصف المبيع ، فصار كأنه لم يجر في حول الزكاة أصلا ، فلزم انقطاع الحول الثاني ( قال ابن حامد : لا ينقطع حول البائع ) فيما يبع ؛ لأنه لم يزل مخالطا لمال جار في حول الزكاة ( وعليه إذا تم حوله زكاة حصته ) فيلزمه نصف شاة لكونه ما خلا حوله من ملك نصف نصاب ، فهو كالخليط إذا تم ماله بمال شريكه ( فإن كان ) البائع ( أخرجها من المال انقطع حول المشتري ) ذكره المجد إجماعا ، فعلى هذا لا زكاة عليه ( لنقصان [ ص: 331 ] النصاب ) في بعض الحول إلا أن يستديم الفقير الخلطة بنصفه ، فلا ينقص النصاب إذا ، ويخرج الثاني نصف شاة ، وقيل : إن زكى البائع منه إلى الفقير زكى المشتري ( وإن أخرجها ) البائع ( من غيره ، وقلنا : الزكاة في العين ، فكذلك ) وكذا ذكره المؤلف في بقية كتبه وصححه ، وعزاه إلى أبي الخطاب ؛ لأن تعلقها بالعين ينقص النصاب ، فمنع وجوبها على المشتري ، وجزم الأكثر منهم القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل ، وقاله في " المستوعب " ، و " المحرر " ، وقدمه في " الفروع " أنه يجب على المشتري نصف شاة إذا تم حوله ؛ لأن التعلق بالعين لا يمنع انعقاد الحول الثاني بالاتفاق ، والفقير لا يملك جزءا من النصاب ، وإنما يتعلق حقه به كتعلق أرش الجناية بالجاني ، فلم يمنع وجوبها ، وضعف المجد الأول عن أبي الخطاب ، وقال : هذا مخالف لما ذكره في كتابه ، ولا يعرف له موضع يخالفه ، مع أن في كلامه نظرا من حيثية أنه بعد إخراجها كيف يتصور التعلق ؛ لأن بعد الأداء لا يجوز تعلقها ، كما لا يتعلق الدين بالرهن بعد أدائه ، وأرش الجناية بالجاني بعد فدائه ( وإن قلنا في الذمة فعليه ) أي : المشتري ( عند تمام حوله زكاة حصته ) لعدم نقصان النصاب في حقه مطلقا ، وعكسها صورة لو كان لرجلين نصاب خلطة ، فباع أحدهما خليطه في بعض الحول ؛ لأنه في الأول خليط نفسه ، ذكره في " الشرح " فإن كان البائع استدان ما أخرجه ، ولا مال له يجعل في مقابلة دينه إلا مال الخلطة ، أو لم يخرج البائع الزكاة حتى تم حول المشتري ، فإن قلنا : الدين لا يمنع وجوب الزكاة ، أو قلنا : يمنع ، لكن للبائع مال يجعل في مقابلة دين الزكاة ، زكى المشتري حصته زكاة الخلطة نصف [ ص: 332 ] شاة ، وإلا فلا ( وإن أفرد بعضه وباعه ثم اختلطا انقطع الحول ) في قول الأكثر لوجود الانفراد في البعض ، وكحدوث بعض مبيع بعد ساعة ( وقال القاضي : يحتمل أن لا ينقطع إذا كان زمنا يسيرا ) ؛ لأن اليسير معفو عنه ، فوجب أن لا ينقطع كما لو باعه مشاعا .




                                                                                                                          الخدمات العلمية