الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 116 ] ويستحب يوم الفطر للإنسان أن يغتسل ويستاك ، ويلبس أحسن ثيابه ، ويتطيب ويأكل شيئا حلوا تمرا أو زبيبا أو نحوه ، ويخرج صدقة الفطر ثم يتوجه إلى المصلى ، ووقت الصلاة من ارتفاع الشمس إلى زوالها . ويصلي الإمام بالناس ركعتين يكبر تكبيرة الإحرام وثلاثا ( ف ) ، بعدها ثم يقرأ الفاتحة وسورة ، ثم يكبر ويركع ، ويبدأ في الثانية بالقراءة ( ف ) ثم يكبر ثلاثا ، وأخرى للركوع ويرفع يديه في الزوائد ، ويخطب بعد الصلاة خطبتين يعلم الناس فيهما صدقة الفطر ، فإن شهد برؤية الهلال بعد الزوال صلوها من الغد ، ولا يصلوها بعد ذلك .

يستحب في يوم الأضحى ما يستحب في يوم الفطر إلا أنه يؤخر الأكل بعد الصلاة ، ويكبر في طريق المصلى جهرا ، ويصليها كصلاة الفطر ، ثم يخطب خطبتين يعلم الناس فيهما الأضحية وتكبير التشريق ، فإن لم يصلوها أول يوم صلوها من الغد وبعده ، والعذر وعدمه سواء .

التالي السابق


قال : ( ويستحب يوم الفطر للإنسان أن يغتسل ) لما تقدم في الطهارة .

( ويستاك ) لأنه مندوب إليه في سائر الصلوات .

( ويلبس أحسن ثيابه ) لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان له جبة فنك يلبسها في الجمع والأعياد .

( ويتطيب ) لأنه - عليه الصلاة والسلام - كان يتطيب يوم العيد ولو من طيب أهله ، ثم يروح إلى الصلاة .

( ويأكل شيئا حلوا تمرا أو زبيبا أو نحوه ) هكذا نقل من فعله - عليه الصلاة والسلام - ولأنه يحقق معنى الاسم ، ومبادرة إلى امتثال الأمر . [ ص: 117 ] ( ويخرج صدقة الفطر ) فيضعها في مصرفها ، هكذا فعل - صلى الله عليه وسلم - وفيه تفريغ بال الفقير للصلاة .

قال - عليه الصلاة والسلام - : " أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم " وإن أخرها جاز . والتعجيل أفضل .

( ثم يتوجه إلى المصلى ) ويستحب أن يمشي راجلا ، هكذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يكبر جهرا عند أبي حنيفة ; وقالا : يكبر اعتبارا بالأضحى . وله ما روي أن ابن عباس سمع الناس يكبرون يوم الفطر ، فقال لقائده : أكبر الإمام ؟ قال لا ، قال : أفجن الناس ؟ ولأن الذكر مبناه على الإخفاء . والأثر ورد في الأضحى فيقتصر عليه ، ولا يتطوع قبل صلاة العيد ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يفعله مع حرصه على الصلاة .

وعن علي أنه خرج إلى المصلى فرأى قوما يصلون ، فقال : ما هذه الصلاة التي لم نعهدها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟

قال : ( ووقت الصلاة من ارتفاع الشمس إلى زوالها ) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العيد والشمس على قدر رمح أو رمحين ; ولما شهدوا عنده بالهلال بعد الزوال صلى العيد من الغد ، ولو بقي وقتها لما أخرها .

قال : ( ويصلي الإمام بالناس ركعتين : يكبر تكبيرة الإحرام وثلاثا بعدها ، ثم يقرأ الفاتحة وسورة ، ثم يكبر ويركع ، ويبدأ في الثانية بالقراءة ، ثم يكبر ثلاثا وأخرى للركوع ) وهذا قول عبد الله بن مسعود ، ويؤيده ما روى : " أنه - عليه الصلاة والسلام - كبر في صلاة العيد أربعا ، ثم أقبل عليهم بوجهه فقال : أربع كأربع الجنازة " . وأشار بأصابعه ، وخنس إبهامه . ففيه عمل وقول [ ص: 118 ] وإشارة وتأكيد . وعن أبي حنيفة أنه يسكت بين كل تكبيرتين قدر ثلاث تسبيحات .

قال : ( ويرفع يديه في الزوائد ) لما روينا .

( ويخطب بعد الصلاة خطبتين يعلم الناس فيهما صدقة الفطر ) لما روى ابن عمر أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يخطب بعد الصلاة خطبتين يجلس بينهما كالجمعة ، وكذلك أبو بكر وعمر . وينبغي أن يستخلف من يصلي بأصحاب العلل في المصر ، لما روينا عن علي ، وإن لم يفعل جاز .

قال : ( فإن شهد برؤية الهلال بعد الزوال صلوها من الغد ) لما تقدم .

( ولا يصلوها بعد ذلك ) لأنها صلاة الفطر فتختص بيومه ، وينبغي أن لا تقضى ، لكن خالفناه بما روينا أنه - عليه الصلاة والسلام - قضاها من الغد فيبقى ما وراءه على الأصل .

فصل

( يستحب في يوم الأضحى ما يستحب في يوم الفطر ) من الغسل والتطيب والسواك واللبس .

( إلا أنه يؤخر الأكل بعد الصلاة ) لما روي : " أنه - عليه الصلاة والسلام - كان لا يطعم يوم النحر حتى يرجع فيأكل من أضحيته " .

[ ص: 119 ] قال : ( ويكبر في طريق المصلى جهرا ) هكذا فعل - صلى الله عليه وسلم - فإذا وصل المصلى قطع ; وقيل : إذا شرع الإمام في الصلاة قطع .

قال : ( ويصليها كصلاة الفطر ) كذا النقل .

( ثم يخطب خطبتين ) كما تقدم .

( يعلم الناس فيهما الأضحية وتكبير التشريق ) لحاجتهم إليه .

( فإن لم يصلوها أول يوم صلوها من الغد وبعده ، والعذر وعدمه سواء ) لأنها صلاة الأضحى ، فتقدر بأيامها وهي ثلاثة أيام ، ولا فرق بين العذر وعدمه في ذلك .




الخدمات العلمية