الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
654 686 - حدثنا معاذ بن أسد ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله ، أنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=7820محمود بن الربيع ، قال : سمعت عتبان بن مالك الأنصاري ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=650645استأذن علي النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له ، فقال : ( nindex.php?page=treesubj&link=1674_23455_1727_23311أين تحب أن أصلي من بيتك ؟ ) فأشرت له إلى المكان الذي أحب ، فقام وصففنا خلفه ، ثم سلم فسلمنا .
قد سبق هذا الحديث مطولا ومختصرا في ( أبواب المساجد ) .
وإنما مقصوده منه هاهنا : أنه يجوز للزائر أن يؤم في منزل من زاره بإذنه .
وقد اختلف في كراهة ذلك :
فكرهه طائفة ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ، واستدل بما روى بديل بن ميسرة ، عن أبي عطية مولى لهم ، عن مالك بن الحويرث ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=843856من زار قوما فلا يؤمهم ، وليؤمهم رجل منهم ) .
وقد عمل بهذا الحديث مالك بن الحويرث ، ولم يتقدم في منزل غيره مع أمرهم له بالتقدم ، واستدل بما رواه .
وأبو عطية هذا ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني : لا نعرفه .
روى إسحاق بن يحيى بن طلحة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15243المسيب بن رافع ومعبد بن خالد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد الخطمي - وكان أميرا على الكوفة - فقال : أتينا قيس بن سعد بن عبادة في بيته ، فأذن بالصلاة ، فقلنا لقيس : قم فصل لنا ، فقال : لم أكن لأصلي بقوم لست عليهم بأمير ، فقال رجل ليس بدونه - يقال له : عبد الله [ ص: 136 ] بن حنظلة الغسيل - : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=711353الرجل أحق أن يؤم في رحله ) .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي - أيضا - بمعناه .
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق هذا ، ضعيف جدا .
وقد روي هذا المعنى من وجوه متعددة فيها ضعف .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12179أبو نضرة ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد ، قال : بنيت على أهلي وأنا مملوك ، فدعوت أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيهم : nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبو ذر nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة ، فحضرت الصلاة ، فقلت : يتقدم بعضكم ، فقالوا : لا ، تقدم أنت أحق ، فقدموني .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة وغيرهما .
واستدل به nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره على nindex.php?page=treesubj&link=1719إمامة العبد .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16588علقمة - قال : ولم أسمعه منه - ، أن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أتى nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى في منزله ، فحضرت الصلاة ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى : تقدم يا أبا عبد الرحمن ؛ فإنك أقدمنا سنا وأعلم ، قال : بل تقدم أنت ؛ فإنما أتيناك في منزلك ومسجدك ، فأنت أحق ، فتقدم nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى .
وقال أشعث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : صاحب البيت أحق بالإمامة .
[ ص: 137 ] ورخص آخرون في إمامة الزائر بإذن رب البيت ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
وهذا القول هو الذي بوب عليه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هاهنا ، ولكنه لم يشترط الإذن .
وقد وافقه nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل من أصحابنا ، وقال : إنما يكون رب البيت وإمام المسجد أولى ممن سواه لا ممن هو أقرأ منه أو أفقه .
وظاهر هذا : أنه يقدم الأقرأ والأفقه مطلقا على إمام المسجد ورب البيت ، بإذنه وغيره .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15769حميد بن عبد الرحمن ما يدل على ذلك - أيضا - وسيأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى .
وأكثر العلماء على أنه إنما يقدم على رب البيت وإمام المسجد بإذنه ، وإنما يعتبر الإذن في حق غير النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13665أبو بكر الأثرم في كتابه ( الناسخ والمنسوخ ) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالقوم إذا زارهم من غير استئذان ؛ لأنه كان إمام الناس كلهم حيثما كان ، وليس هذا لغيره ، قال : والنهي عن إمامة الزائر يحمل في حق أمته على إمامتهم بغير إذنهم .
وفي ( صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ) عن nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=665066 ( لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه ) .
قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : أرجو أن يكون الاستثناء على كله ، وأما التكرمة فلا بأس به إذا أذن .
يعني : أن الاستثناء يعود إلى الجلوس على التكرمة قطعا من غير شك ، ويرجى عوده إلى الإمامة في سلطانه - أيضا - فيكون مرخصا فيها بإذنه .
[ ص: 138 ] وفسر nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد السلطان في هذا الحديث بداره .
ونقل حرب عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، قال : إذا كان الرجل في قريته وداره فهو في سلطانه ، لا ينبغي لأحد أن يتقدمه إلا بإذنه .
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=697317 ( ولا يؤمن الرجل في أهله ولا في سلطانه ) .
وعلى هذه الرواية ، فالمراد بأهله : بيته ، وبسلطانه : ما يتصرف فيه بأمره ونهيه ، كأمير البلد .
وخرجه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، ولفظه : nindex.php?page=hadith&LINKID=99209 ( ولا يؤمن الرجل في بيته ، ولا في سلطانه ) .
ولو اجتمع السلطان العام والسلطان الخاص ، مثل أن يجتمع في بيت رجل رب البيت وسلطان المصر ، أو في مسجد إمام المسجد والسلطان ، فهل يقدم السلطان عليهما ، أم يقدمان عليه ، أم يقدم على إمام المسجد دون صاحب البيت ؛ لأن إمام المسجد إنما يقدم بتقديم السلطان له غالبا ؟ فيه ثلاثة أوجه لأصحابنا .
وظاهر ما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=7246قيس بن سعد يقتضي أن رب البيت أولى من السلطان وإمام المسجد ، كرب البيت فيما ذكرنا .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنا عبد المجيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، قال : أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة المدينة ، ولابن عمر قريب من ذلك المسجد أرض يعملها ، وإمام ذلك المسجد مولى له ، ومسكن ذلك المولى وأصحابه ثم ، فلما سمعهم عبد الله جاء ليشهد معهم الصلاة ، فقال له المولى صاحب المسجد : تقدم فصل ، فقال عبد الله : أنت أحق أن تصلي في مسجدك [ ص: 139 ] مني ، فصلى المولى .
قلت : لعل هذا المولى كان عتيقا nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر ، وأما لو كان رقيقا له ففي كونه أولى بالإمامة نظر .
وقد قال أصحابنا : السيد في منزل عبده أولى منه بالإمامة ؛ لأنه يملكه ويملك منزله .
وهذا قد يبنى على أن العبد : هل يملك ماله ، أم هو ملك للسيد ؟ وفيه خلاف مشهور . والله أعلم .
وروى أبو قيس ، عن هزيل بن شرحبيل ، قال : جاء nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود إلى مسجدنا ، فأقيمت الصلاة ، فقلنا له : تقدم ، فقال : يتقدم إمامكم ، فقلنا : إن إمامه ليس هاهنا ، قال : يتقدم رجل منكم .
خرجه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي .
وهذا مما يشهد له ما تقدم عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، أن الرجل إذا كان في قريته فهو في سلطانه ، فلا يتقدم عليه .
وروى حرب بإسناده ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، أنه دخل مسجدا ، فقال له إمامه : تقدم يا nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد ، قال : الإمام أحق بالإمامة .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15769حميد بن عبد الرحمن ، أنه تقدم في بعض البوادي على إمامهم بغير إذن ، وكره إمامه الأعرابي ، وسيأتي فيما بعد - إن شاء الله تعالى .